أكد عدد من الخبراء التي استطلعت الفجر آرائهم، أن على الرغم من الارتفاعات المتتالية في قيمة الاحتياطي النقدي لمصر ووصله إلى مستويات هي الاعلي منذ أن بدء في الانخفاض جراء الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنه لا يجعله قادرة تحرير سعر الصرف حاليًا كما يطلب صندوق النقد الدولي. وارتفعت الاحتياطات النقدية لمصر من العملات الاجنبية منذ مطلع شهر سبتمبر 2022 لتصل إلى مستويات 35.101 مليار دولار بهانية أكتوبر 2023. أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تهاوي الاحتياطي النقدي لمصر من مستويات 40 مليار دولار كانت قد وصلت لها في فبراير 2022، بعدما استخدمها البنك المركزي في عهد محافظ السابق طارق عامر وقتها في دعم قيم الجنيه مقابل الدولار وهو ما نال انتقادات صندوق النقد الدولي. ارتفاعات غير كافية لتحرير سعر الصرف: وعلى الرغم من تلك الارتفاعات التي حدثت طوال 14 شهرا الماضية، يري كثير من الخبراء الاقتصاديين أن المستويات الحالية التي وصل لها لاحتياطي النقدي المصري من العملات الأجنبية، لا تجعل البنك المركزي قادرا على الدفاع عن قيمة الجنيه مقابل الدولار إذا حدث تحريرا كليا لسعر صرف العملات الأجنبية كما يطلب صندوق النقد الدولي. واشطرت صندوق في اتفاق قرض جديد مع مصر بقيمة 3 مليار دولار ضمن "تسهيل الصندوق الممدد" بقيمة لتقليل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بالتحول إلى نظام سعر صرف مرن مع افساح الاقتصاد أمام مشاركة القطاع الخاص. وتم صرف شريحة واحدة من القرض في ديسمبر الماضي بقيمة 347 مليون دولار، بينما لم تصرف باقي الشرائح في التوقيتات الزمنية المحددة لتأخر تطبيق تحرير سعر الصرف. ومن المتوقع أن تتم المرجعتين الذان تم تأجيلهم في ديسمبر القادم، ما رجح حدوث تحرير لسعر صرف الجنيه مقابل العملات الاجنبية في هذا التوقيت، خاضة للقضاء على السوق الموازي التى اتسعت فجوة السعرية بينهم وبين القطاع المصرفي. وتقول عالية المهدي أستاذة الاقتصاد، إن الاحتياطي النقدي بالفعل ارتفع على مدار الشهور الماضية، ولا يعني هذا أن المستويات التي وصل لها حاليا تجعل البنك المركزي يقوم باتخاذ قرار تحرير سعر الصرف، لأنه لو اتخذ هذا القرار عند المستويات الحالية ستنهار قيمة الجنيه بالأسواق، ولا يجد البنك المركزي ما يدافع به عن الجنيه. واستكملت،“ إجراء قرار تحرير سعر الصرف يجب أن يستند على احتياطات نقدية قوية، وأعلى من حجم الالتزامات الخارجية التي على البلاد حتي لا تنهار قيمة العملة، لكن في التوقيت الحالي قيمة الاحتياطي النقدي تقترب من حجم الالتزامات الخارجية التي على مصر، ما سيمثل ضغط كبير على الجنيه ومضاربات عنيفة إذا حدث بالفعل التعويم. وتقدر حجم الالتزامات الخارجية التي على مصر خلال عام 2024 بنحو 29.2 مليار دولار خلال عام 2029 وفقا لتقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري لصادر عن البنك المركزي في أكتوبر الماضي. 45 مليار دولار لتحرير سعر الصرف: وتوقع بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي، أن يسجل الجنيه تراجعات جديدة قبل الدولار قبل نهاية العام 2023 ليصل إلى 37 جنيها داخل البنوك المصرية، مؤكدا أن صندوق النقد الدولي لن يتخلي عن شرط تعويم الجينه مقابل الدولار. وقدرت المهدي، حجم الاحتياطي النقدي الذي يجب أن يصل إليه البنك المركزي قبل تحرير سعر الصرف إلى ما يتراوح بين 40 و45 مليار دولار.“ تلك المستويات سبق أن وصلنا إليها ولم يشهد سعر الصرف تقلبات بالسوق وكان مستقرًا، لذلك لا أعتقد أن تعويم الجنيه يجب أن يحدث قبل الوصول إلى تلك المستويات من النقد الأجنبي.” وقال مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث بعربية أونلاين،“ القيمة الحالية للاحتياطي النقدي لا تكفي أن يقوم البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، ولكن إذا استكمل برنامج بيع الأصول وتحقيق المستهدفات بقيمة 5 مليارات دولار قد يقوم في توقيتها بتحرير سعر الصرف” واتفق أيضا شفيع أن قرار تحرير سعر الصرف لا يجب أن يتخذ قبل أن يعود الاحتياطي النقدي إلى مستويات 40 مليار دولار قبل الحرب الروسية الأوكرانية. وسجل الاحتياطي النقدي لمصر أعلى مستوياته على الإطلاق نهاية 2019 عند 45 مليار دولار، قبل أن يخسر 5 مليارات دولار نتيجة تداعيات جائحة كورونا ويهبط إلى 40 مليار دولار. لا تلبي احتياجات البلاد الاستيرادية: وقال مصطفي بدرة الخبير الاقتصادي، إن مستويات الاحتياطات النقدية للبلاد حاليا البالغة 35 مليار دولار ليست كبيرة، ولا يستطيع البنك المركزي تحرير سعر الصرف عندها. واضاف” بدرة"، “ إحتياجات مصر الاستيرادية كبيرة جدا ومستويات الاحتياطي الحالية لا يغطي تلبية احتياجات الاستيرادية لنحو 3 شهور قائلا" الاحتياطات الحالية من الممكن ضخها بالاسواق للقضاء على السوق السوداء وتوفير الدولار، ولكن بعد ذلك سيكون هناك صعوبات لتدبير الدولار وانهيار في قيمة الجنيه. وتابع بدرة،" حدوث تحرير سعر الصرف يجب أن لا يحدث قبل ان تصل مستويات الاحتياطي النقدي إلى 50 أو 60 مليار دولار حتي يكون البنك المركزي قادر على تغطية احتياجات الأسواق إذا كان هناك نقص من العملة الصعبة ولا يترك سعر الصرف للمضاربات" ويرفض صندوق النقد تأجيل تطبيق سعر صرف مرن، وقالت كريستالينا غورغييفا في أكتوبر الماضي، إن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى استنزاف الاحتياطي النقدي لمصر إذا لم تخفض الجنيه مرة اخري، مؤكدة إنه أمر لا مفر منه وكلما طال الانتظار أصبح أسوء. وخفض البنك المركزي سعر صرف الدولار مقابل الجنيه نحو 3 مرات منذ مارس 2022 لينخفض من 15.70 جنيها إلى 30.95 جنيها وفقا للبنك المركزي.
مشاركة :