وصل إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، فجر أمس، مجموعة من يهود اليمن الذين تم تهريبهم في عملية سرية، وصفت بأنها معقدة. وقوام المجموعة 19 شخصا، وصل منهم أمس، 17 وسيصل الباقيان قريبا. وشاركت في عملية التهريب جهات مجهولة، بمساعدة من الوكالة اليهودية العالمية والولايات المتحدة الأميركية. ومن بين أفراد المجموعة، الحاخام سليمان داهري، رجل الدين اليهودي الذي وصل مع والديه وزوجته، والتقى ليلاً أولاده الذين سبقوه إلى إسرائيل. وقد كشف مصدر سياسي في تل أبيب، أن داهري جلب معه كتاب توراة عتيقا عمره نحو 500 عام، مكتوب على جلود حيوان، وتم حفظه طوال مئات السنين كوثيقة أثرية نادرة. ومع أن السلطات الإسرائيلية فرضت تعتيما شديدا على طريقة تهريب هؤلاء اليهود ومسار خروجهم من اليمن، إلا أن معلومات رشحت عن بعض القوى التي أسهمت في جلبهم، تؤكد أنهم خرجوا متخفين وبـ«خديعة كبيرة». وقد بدأت هجرتهم مع مباشرة الحوثيين احتلال مناطق في قضاء صنعاء، حيث أمروا اليهود بتغيير دينهم واعتناق الإسلام لكي يسلموا من الذبح. في حينه، حماهم نظام علي عبد الله صالح ووفر لهم مساكن حكومية في العاصمة صنعاء. ولكن عندما تحالف صالح مع الحوثيين وباشروا الحرب، خشي اليهود الباقون من تبعات ذلك، وراحوا يفتشون عن طريق للهرب. وراحوا يتنقلون خلال السنوات الأخيرة من مكان إلى آخر، إلى أن تمكنوا من عبور الحدود البحرية بوساطة أميركية، ومن هناك إلى دولة أخرى ثالثة، ثم طاروا بعدها إلى إحدى دول أوروبا، ومنها إلى إسرائيل. وقد حاولت إسرائيل تهجير جميع من تبقى من يهود اليمن، إلا أن نحو 50 شخصا رفضوا الفكرة، وأعلنوا أنهم سيظلون في وطنهم اليمني ولا يجدون أي ضرورة للهجرة إلى إسرائيل. وكان من بين أبرز العاملين على الاتصال بالجهات المعنية لتنظيم عملية هربهم، نائب وزير شؤون التطوير الإقليمي في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، أيوب قرا، الذي استقبل المجموعة في مطار تل أبيب فجر أمس. وقرا، الذي ينتمي لحزب الليكود الحاكم، معروف بعلاقاته الواسعة في سوريا والعراق. وقد رفض التعقيب على الموضوع، واكتفى بالقول إنه أخذ على عاتقه مهمة تهجير يهود اليمن منذ نحو سنتين، حينما توجه إليه أقاربهم في إسرائيل. وقال إن رب عائلة معروفا من يهود اليمين، أهرون زنداني، قتل قبل نحو أربع سنوات لكونه يهوديا، وقد عاشت عائلته في رعب دائم، واليوم وصل خمسة منهم إلى إسرائيل، وانضموا إلى اثنين من أفراد العائلة اللذين سبق وأن هاجرا سرا إلى إسرائيل السنة الماضية. وروى مصدر في الوكالة اليهودية بأن وزارة الخارجية الأميركية وجهات أميركية حكومية أخرى، شاركت في هذه العملية السرية أيضًا، وساعدت على تنسيق عملية النقل المُعقدة. يذكر أن هذه ليست العملية السرية الأولى التي تتم على الأراضي اليمنية في السنوات الأخيرة. ففي عام 2013، تم استقدام مجموعة مكونة من 20 قادمًا جديدًا من اليمن ضمن عملية تمويه، من خلال دولة ثالثة، على أثر مقتل شخصين من الجالية اليهودية في الدولة - وتم نقلها إلى المدينة الجنوبية في إسرائيل، بئر السبع. وفي عالم 2009، حطت في إسرائيل مجموعة مُكونة من 10 قادمين جدد من اليمن. وتعود أسباب مغادرة اليهود لليمن، إلى فقدان الأمان من جراء الحرب الأهلية العنيفة الدائرة هناك، وكذلك من التعامل السيئ لبعض قوى الإسلام السياسي. والمعروف أن نحو 51 ألف يهودي يمني هاجروا إلى إسرائيل منذ إقامتها. معظمهم قدموا في العامين 1949 و1950. وقد ترافقت هجرتهم، آنذاك، مع عملية خطف بشعة للأطفال، تحولت إلى فضيحة كبرى للحركة الصهيونية. فقد اكتشفت عصابة يهودية إسرائيلية تخطف الأطفال من عائلاتهم المسكينة القابعة في أحياء ومعابر فقيرة جنوبي إسرائيل، ثم تبيعهم للعائلات الغنية القادمة من أوروبا. وقد أقيمت لجنة تحقيق رسمية في الموضوع، تعمل منذ عشرات السنين، ولم تتوصل بعد إلى نتائج شافية، علما بأن كثيرا من أمهات هؤلاء الأطفال متن تحسرا على أولادهن ولم يعرفن مصيرهم.
مشاركة :