بداية شهر نوفمبر لهـذا العام، عاد الحدث المرتقب الذي لطالما ما جمع ما بين الموضة والجمال والفن والثقافة في صورهم التعليمية والحسية، المعروضة والتجريبية. المؤتمر الإقليمي الضخم هيَ هب بنسخته السنوية الثالثة اكتسح مجتمع الأزياء والفن ومحبيه وحاز على اهتمامهم بورش عمل ودورات تدريبية وحوارات ولقاءات شيقة مع نخبة من المختصين في مجالات الفن والأزياء والجمال. لم يكن هيَ هب فقط نقطة يتقاطع بها شغف التعلم والاستكشاف مع حضور ألمع الشخصيات الخبيرة في تخصصاتها المحترمة، ولكن تجربة يتمركز بها الترفيه من كل زاوية، ومنها بلا شك تجربة التسوق الفاخرة في "منطقة التسوق برعاية JAAK". العباءة و المعاطف والقفطان.. تعدد أوجه الثقافة للباس المحتشم عند زيارتي لـ”The Retail experience X JAAK” في هيَ هب، جذبني من أول وهلة المساحة الهائلة التي وُظفت بتقسيمها المُنظم لأركان علامات الأزياء التجارية المختلفة، ففي كل زاوية هنالك أرفف و قِطع معلقة اكتظت جمالياً بمجموعاتهم الشتوية بالأقمشة الثقيلة والشك والتطريز البارز وألوانهم الداكنة ودرجاتها الدافئة. مَثلت تجربة التسوق الفريدة هذه تركيزاً بارزاً على اللباس الخارجي والتقليدي كالعباءة والمعاطف والجلابيات والقفطان الذين بالرغم من مكانتهم الثقافية وموضعهم في ايطار اللباس التقليدي لم يكونوا تقليديين بالمنظور الصريح، بل شكلوا فرصة استثنائية لاستعراض الهويات الفنية للمصممين والمصممات والعلامات التجارية وتباينها الرائع الذي جعل التنقل من زاوية الى زاوية بمثابة زيارة معرض للفنون حيث يتم استكشاف الإبداع والرؤية الخلاقة للملابس المحتشمة بتفسيرات مختلفة. المصممة إيمان أحمد.. تُعيد صياغة الأنسجة الغنية من ثقافة الشرق الأوسط المتنوعة في تصاميم عصرية محافظة عند استكشافي للمعرض جذبتني بالفعل قَطعة استثنائية، ففي الرف المعلق المزدحم بجلابيات وقفاطين بألوان هادئة كان هنالك سترة سوداء قصيرة مطرزة بالخيوط الحمراء أما حاشيته فكانت مُزينة بالترتر الذهبي الذي تشكل على مخطط من الأزهار، كان التطريز الأحمر التفصيل البارز في التصميم الذي عَكسَ الإرث والحرفة الفلسطينية في التطريز اليدوي. التقيت بالمصممة الأردنية إيمان أحمد التي ألبست المشاهير والشخصيات الملكية مثل الملكة رانيا ملكة الأردن وأعوان العائلة المالكة الهاشمية لتُطلعني عن تفاصيل تصاميمها الغنية والسترة المميزة. أخبرتني المصممة عن دخولها من محض الصدفة في عالم الأزياء من خلال القفاطين وبعدها تحولها الى متخصصة في مجال التطريز والشك الذي ينبض بحس من الثقافات العربية والعالمية الغنية من الأردنية والفلسطينية والسعودية وأيضاً الهندية وغيرها وتنفيذها بأسلوب معاصر ومحافظ في آن واحد. قالت إيمان أحمد "أول ثوب ارتديته ورآه العالم علي كان في أول ظهور لي على منصة انستغرام وتعرف الجمهور والمستهلكين بي كالمصممة إيمان أحمد، كُنت أرتدي ثوب وهو أول ثوب أعمله في حياتي. انشهر هذا الثوب التقليدي ولاقى كمية كبيرة من الطلب فكانت الفتيات ترغب في نسخة متطورة من الثوب التقليدي خصوصاً الذي يعيشون بأوروبا وأمريكا فقمنا بتنفيذه بنسخة هذه السترة القصيرة." عندما سألتها عن التطريز الذي يُزين السترة المتميزة وأصله، أطلعتني المصممة عن نهجها في الاستلهام من التراث: "في فلسطين كل عرق تطريز يأتي من مكان مختلف كما في الأردن أيضاً، هنالك أثواب وقُطَب معينة في الأردن تَخص التراث الأردني. فأنا لم يكن يُهمني عندما أقوم بتصميم الثوب أن يكون هذا الشكل من هذه المنطقة أو من أخرى، بل كنت أريد أن أخرج بشيء شكله جميل، لأن التطريز بنظري عنصر فخم وغني فيجب تقديمه بطريقة ابداعية تلائم مقامها أو أخذها بطريقة صريحة وأصلية وتكرارها من دون تشويه. لم أكن أريد أن أخرج بنسخة تقلل من قدرها فهو ثوب كان النساء يقومون العمل على تطريزه لمدة أشهر، فكنت أرغب بتنفيذ هذه الفكرة بطريقة تجعل من ترتديه تشعر بأنها أميرة." عند النظر الى تصاميم إيمان أحمد والتطريز المعقد العاكس لمختلف الثقافات يدلنا الى استنتاج العمل اليدوي والحرفة المتناهية النامية من إطلاع عميق للثقافات الأصلية " نحن في الأردن لدينا ما يقارب 450 أمراه يقومون بالتطريز اليدوي من منازلهم، ونساء يقومون بالشك من اللاجئات السوريين وبدأنا بالتطوير من العمليات ليكون النظام أسهل ما بين الحرفيين". المصممة ايمان أحمد الأناقة الخالدة والطابع الكلاسيكي لـVaya Fashion تواجدت في منطقة التسوق برعاية JAAK في النسخة الثالثة من هيَ هب زاوية لعلامة تجارية امتلأت تفاصيلها بحس كلاسيكي جوهري وملموس تكلل في الأقمشة الفاخرة والثقيلة من التويد والجاكارد والمخمل بألوانه الداكنة والكلاسيكية. برزت علامة المصممة السعودية ورائدة الأعمال سعاد الفوزان Vaya Fashion بتصاميمها العصرية ذات الطابع الخالد بقصاتها النظيفة والكلاسيكية المتجهة نحو إطلالات المعاطف الأنيقة مُتعددة الاستعمالات والواعدة بطول الإستخدام لجودة الأقمشة الفاخرة المستوردة والخياطة الحرفية المستمدة من خبرة 18 عاماً في مجال تجارة الأزياء والموضة والملابس الجاهزة. تخبرني سُعاد الفوزان عند زيارتي لـVaya Fashion بأنها تفتخر اليوم بتطبيق خبرتها التي تُقارب العقدين من الزمان في مجال مجموعات الملابس الجاهزة ونظام المقاسات و الخياطة و توظيفها في علامتها التجارية المتخصصة في العبايات و المعاطف و القفاطين الراقية وحرصها على التصاميم الخاصة و الكوتور. "أُحب استخدام الأقمشة التي تدوم والتي لا تعتبر موضة عابرة وصيحات مؤقتة وتزول، بل يُمكنك ارتداؤها هذه السنة والتي تليها. كأقمشة التويد فهي جميلة جداً ولا تخرج من ايطار الموضة أبداً." وتقول أيضاً "نهتم كثيراً بالتفاصيل، ونحرص أن يكون التنفيذ بأعلى مستوياته." في "ڤـايا فاشن" تنوعت التصاميم واختلفت الأقمشة، فتواجد المخمل كما تواجد الريش، ورأيت العبايات بقصاتها التقليدية كما رأيتها على هيئة معطف طويل ملائم لمناسبات عدة، فكان العامل المشترك بينهم هو وجودهم تحت مظلة هوية فنية واضحة واتجاهها الكلاسيكي الأنثوي. علامة أباديا.. والفروة في ركن علامة أبـاديا تتواجد قطعة بأكثر من لون وتحمل أكثر من تطريز وشك وتصميم وجمالية خاصة لكل واحدٍ منها، ولكنها بحد ذاتها تصميم استثنائي ومتميز ومن رأيي، من أهم التصاميم والقطع الخارجية المُقدمة من المصممات والمصممين السعوديين لعمق معانيها وتحديها للمعايير التقليدية. "الفروة" تاريخياً هي معطف خارجي رجالي مُبطن غالباً بالصوف، تُحوله المصممة والشريكة المؤسسة شهد الشهيل الى قطعة نسائية مُتعددة الاستعمال للمرأة المعاصرة اليوم. تكمن أهميتها الثالثة بجانب الجمالية المميزة وتحويل تصميم للملابس الرجالية من عمق الإرث السعودي الى تصميم عصري ويومي للنساء، ممارسات العلامة الأخلاقية وتوجهها المُستدام وتوظيف الحرفيين المحليين في تحقيق وتنفيذ العملية الإبداعية. نوره آل الـشيخ.. ما بين التصاميم التفكيكية وتفاصيل من الإرث عند النظر الى القسم الخاص بالمصممة السعودية نوره آل الشيخ، نجد الانسجام في التناقض وهويتها الفنية الواضحة التي تتجه نحو توظيف التفاصيل الدقيقة المستمدة مباشرة من الإرث السعودي ومعمارها والتصاميم العصرية التي تحمل تقنية التفكيك مُعطيةً المجموعة المعروضة الطابع الشمولي والمتناقض في آنٍ واحد ما بين التقليدي والفني.
مشاركة :