إطلاق العنان للتكنولوجيا المالية «2 من 4»

  • 11/18/2023
  • 22:24
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

من بين أكبر العقبات التي تعترض الابتكار المالي في الشرق الأوسط وجود تقليد في المنطقة للتعامل مع القطاع المالي كأرض مقدسة. ففي معظم الدول، تكون المؤسسات المصرفية مملوكة بصفة أساسية للحكومات، أو لمؤسسات شبه حكومية، أو لنخب ذات نفوذ. وتنحاز القواعد التنظيمية المفرطة في الحماية إلى الشركات القائمة، وتؤدي إلى ترسيخ وضع الشركات الوطنية الكبرى. لدى البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تتمتع بميزانيات قوية يدعمها دعم الحكومات، الرغبة في التوسع. إلا أن بسبب محدودية الفرص في أسواق الخليج، فقد ذهبت بعيدا إلى أسواق أخرى، الأكثر انفتاحا على عمليات الاستحواذ التي تنفذها بنوك أجنبية. ومن غير المحتمل أن يتم الدمج بين بنوك دول المجلس عبر الحدود قريبا. على سبيل المثال، من الصعب تخيل حصول بنك خليجي على موافقة تنظيمية للاستحواذ على حصة الأغلبية في بنك خليجي آخر. بسبب الرغبة في توسيع نطاق الابتكارات والشمول الماليين من جانب، والرغبة في حماية الشركات المصرفية المحلية الكبرى ذات القيمة العالية من جانب آخر. وتعني ديناميكيات القطاع المصرفي المترسخة أن كثيرا من الشركات المبتدئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة هي شركات تقديم خدمات أو أدوات لمؤسسات مصرفية راسخة لكسب العملاء أكثر من كونها منافسين فعليين. يجب النظر إلى الفرصة التي تتيحها التكنولوجيا المالية من خلال هذا المنظور. تبدي دول الشرق الأوسط اهتماما متزايدا ببناء نظام إيكولوجي يفضي إلى ابتكارات مالية، مع محاولة كثير منها أن تصبح مراكز للتكنولوجيا المالية، بما في ذلك في مناطق أخرى. وعلى خلاف الولايات المتحدة، حيث توفر الحكومة مجالا للاستكشاف والنمو قبل اتخاذ أي خطوة، ترغب حكومات الشرق الأوسط في أن تتصدر مجال الابتكارات المالية لتأكيد سيطرتها. من ثم، يتمثل المنهج الذي تتبعه معظم الأطراف المعنية بالتكنولوجيا المالية في المنطقة في التوافق مع توجهات الحكومة بدلا من توجيه اهتمامها إلى دعوة مارك زوكربيرج إلى "التحرك بسرعة وكسر الأشياء". هذا المنهج الأساس يحتاج إلى إعادة تقييم. وتنفيذ عملية من أعلى إلى أسفل تقودها الحكومة بدلا من منهج تقوده الصناعة تجاه الابتكار لن يؤدي إلى ظهور شركات للتكنولوجيا المالية تتمتع بالقدرة على المنافسة عالميا أو جذب أفضل شركات التكنولوجيا المالية لإطلاق أعمالها محليا. وبينما ينبغي لنا الإقرار بأهمية التخفيف من حدة المخاطر وحماية العملاء، يجب ألا تثبط هذه العناصر الابتكار المالي. ويجب على صناع السياسة في المنطقة بناء الخبرات العملية والموارد اللازمة لتنظيم صناعة التكنولوجيا المالية بشكل فعال. ومن شأن السماح بإنشاء شركات للتكنولوجيا المالية دون الإفراط في القواعد التي تنظمها في المراحل الأولى أن يطلق العنان لمزيد من الابتكار.

مشاركة :