أطلق صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي جدول أعمال بالي للتكنولوجيا المالية، وهو مجموعة من 12 عنصرا متعلقا بالسياسات تهدف إلى مساعدة البلدان الأعضاء للاستفادة من المزايا والفرص التي تتيحها التطورات السريعة في التكنولوجيا المالية التي بدأت تُحدث تحولا في تقديم الخدمات المصرفية، مع إدارة المخاطر المرتبطة بها. ويقترح جدول الأعمال إطارا للقضايا عالية المستوى التي ينبغي أن تنظر فيها البلدان في سياق مناقشاتها حول السياسات الداخلية، ويهدف إلى إرشاد خبراء المؤسستين في عملهم وحواراتهم مع السلطات الوطنية. والعناصر الـ12 المستخلصة من تجارب البلدان الأعضاء، وهي تغطي القضايا المتصلة عموما بتمكين التكنولوجيا المالية، وضمان صلابة القطاع المالي، ومعالجة المخاطر، وتعزيز التعاون الدولي. على أن تتم مراقبة التطورات من كثب لتعميق فهم الأنظمة المالية الآخذة في التطور بغية تدعيم صياغة السياسات التي تعزز منافع التكنولوجيا المالية وتعمل على تخفيف المخاطر المحتملة. وستستلزم الوتيرة السريعة لتطور التكنولوجيا المالية إدخال التحسينات والتوسعات الممكنة في المدى الذي تصل إليه أطر الرصد والمتابعة من أجل مساندة أهداف السياسة العامة وتجنب أي اضطرابات في النظام المالي. ومن المتوقع أن يؤدي تبادل المعلومات وإتاحتها إلى المساعدة في تحقيق مستوى أفضل من الرصد والمتابعة. ومن شأن تحقيق هذه الأهداف إبراز أهمية الرصد المستمر- وذلك بسبل؛ منها مواصلة الحوار الجاري مع الأطراف المعنية بهذه الصناعة، سواء منهم المبتكرون أو العاملون فيها- لتحديد ما ينشأ من فرص ومخاطر، وتيسير صياغة الاستجابات اللازمة على صعيد السياسات في الوقت المناسب. وتطويع الإطار التنظيمي والممارسات الرقابية لمتطلبات تطوير النظام المالي على نحو منظم وتأمين استقراره وتسهيل الدخول الآمن للمنتجات والأنشطة الجديدة والوسطاء الماليين الجدد؛ وتدعيم الثقة والاطمئنان؛ والاستجابة للمخاطر. وقد يكون من الممكن معالجة كثير من مخاطر التكنولوجيا المالية عن طريق الأطر التنظيمية الحالية. إلا أن هناك قضايا جديدة قد تنشأ من الشركات والمنتجات والأنشطة الجديدة التي تقع خارج النطاق التنظيمي الحالي. وقد يتطلب هذا تعديل الأطر التنظيمية وتطويعها لاحتواء مخاطر المراجحة، مع الإقرار بضرورة استمرار التناسب بين التنظيم ومستوى المخاطر. ومن جهة أخرى، قد يتطلب الأمر استجابات شاملة من السياسات على المستوى الوطني، بناء على الإرشاد المقدم من الجهات المعنية بوضع المعايير. وأيضا حماية نزاهة الأنظمة المالية من خلال تحديد وفهم وتقييم مخاطر إساءة استخدام التكنولوجيا المالية بصورة إجرامية والتخفيف من هذه المخاطر، واستخدام التكنولوجيات التي تعزز الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفي حين أن ابتكارات التكنولوجيا المالية عادة ما تدعم الأهداف المشروعة، فإن بعض الابتكارات قد تمكن المستخدمين من التهرب من الضوابط الحالية لتحقيق غايات إجرامية، ما يشكل تهديدا للنزاهة المالية. وهناك تباين كبير في استجابات البلدان في هذا الخصوص، ولكن يظل من المهم في كل الحالات تعزيز الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومتابعة هذا الامتثال، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا "حلول التكنولوجيا التنظيمية والتكنولوجيا الرقابية" لدعم الامتثال للضوابط التنظيمية والرقابية. وتحديث الأطر القانونية لتهيئة بيئة قانونية داعمة مع مزيد من الوضوح القانوني واليقين فيما يتعلق بأهم الجوانب في أنشطة التكنولوجيا المالية. وتؤدي الأطر القانونية السليمة إلى دعم الثقة والموثوقية في المنتجات والخدمات المالية. غير أن هذا الدعم يتقوض إذا أخفقت الأطر القانونية في مواكبة ابتكارات التكنولوجيا المالية وتطور الأسواق المالية العالمية. ومن الممكن إعداد إطار قانوني داعم من خلال إرساء قواعد قانونية واضحة يمكن التنبؤ بها ويمكنها استيعاب التغيرات التكنولوجية، على أن يتم تصميمها بما يتناسب مع ظروف كل بلد، خاصة في مجالات مثل العقود وملكية البيانات والإعسار والتسوية والمدفوعات. وضمان استقرار الأنظمة النقدية والمالية المحلية من خلال النظر بعين الاعتبار إلى انعكاسات مبتكرات التكنولوجيا المالية على خدمات البنوك المركزية وهيكل السوق، مع حماية الاستقرار المالي، والتوسع في شبكات الأمان إذا دعت الحاجة، وضمان الكفاءة في انتقال أثر السياسة النقدية. ويمكن أن تؤدي التكنولوجيا المالية إلى إحداث تحول في الأسواق المالية التي تنتقل من خلالها إجراءات السياسة النقدية، كما يمكن أن تشكل تحديا أمام إدارة السياسة النقدية، وأن تعيد تعريف دور البنوك المركزية كمقرض أخير. ومن ناحية أخرى، يمكن أن تساعد التكنولوجيا المالية البنوك المركزية على تحسين خدماتها، وهو ما يمكن أن يتضمن إصدار العملات الرقمية، والتوسع في إتاحة خدمات الدفع وتحسين مرونتها. إضافة إلى إقامة بنية تحتية قوية للخدمات المالية والبيانات للحفاظ على منافع التكنولوجيا المالية القادرة على الصمود في مواجهة الاضطرابات -بما في ذلك الأعطال التي تحدثها الهجمات الإلكترونية– التي تدعم الثقة بالنظام المالي من خلال حماية سلامة البيانات والخدمات المالية. وتثير إقامة مثل هذه البنية التحتية القوية طيفا واسعا من القضايا التي لا تتعلق فقط بالقطاع المالي وإنما أيضا بالاقتصاد الرقمي ككل، بما في ذلك ملكية البيانات وحمايتها وخصوصيتها والأمن الإلكتروني ومخاطر التشغيل والتركز وحماية المستهلك. وتشجيع التعاون الدولي وتبادل المعلومات عبر المجتمع التنظيمي العالمي لتبادل المعرفة والخبرات والممارسات الفضلى لدعم إقامة إطار تنظيمي فعال. ونظرا لأن التكنولوجيات الجديدة تعمل بشكل متزايد عبر الحدود، فإن التعاون الدولي ضروري لضمان إصدار استجابات فعالة على صعيد السياسات لتعزيز الفرص والحد من المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن اختلاف الأطر التنظيمية. ومن شأن تبادل الخبرات والممارسات الفضلى مع القطاع الخاص والجمهور العام أن يساعد على تحفيز النقاش حول الاستجابة التنظيمية الأكثر فعالية، مع مراعاة ظروف البلد المعني، وبناء توافق في الآراء على المستوى العالمي. ويمكن أن يساعد الصندوق والبنك الدوليان في تيسير الحوار العالمي وتبادل المعلومات في هذا الخصوص. وتعزيز الرقابة الجماعية على النظام النقدي والمالي الدولي وتطويع السياسات القائمة واستحداث سياسات جديدة لدعم النمو العالمي الاحتوائي، وتخفيف حدة الفقر وإرساء الاستقرار المالي الدولي في بيئة سريعة التغير. وقد بدأت التكنولوجيا المالية تطمس الحدود المالية -سواء على المستوى المؤسسي أو الجغرافي- ما قد يعزز الترابط ويزيد من انتقال التداعيات وتقلب التدفقات الرأسمالية. وقد تؤدي هذه التطورات إلى زيادة تعدد الأقطاب وتوثيق الترابط في النظام المالي العالمي، ما قد يؤثر في توازن المخاطر فيما يخص الاستقرار المالي العالمي. وفي هذا الصدد، يمكن أن يساعد الصندوق والبنك الدوليان في تحسين الرقابة الجماعية ومساعدة البلدان الأعضاء عن طريق بناء القدرات، بالتعاون مع الهيئات الدولية الأخرى.
مشاركة :