أسفرت الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي بدأت في 7 أكتوبر، عن مقتل أكثر من 16200 شخص من الجانبين حتى الآن. في 21 من الشهر الجاري، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة في القمة الاستثنائية الافتراضية لقادة دول البريكس بشأن القضية الفلسطينية، حيث طرح ثلاث أولويات قصوى ودعا أطراف الصراع إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال بشكل فوري وضمان السلامة والانسيابية لممرات الإغاثة الإنسانية والحيلولة دون توسع رقعة الصراع، مؤكدا أن المخرج الأساسي لكسر دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في تنفيذ “حل الدولتين”، مع الأخذ في الاعتبار المصالح الفورية والطويلة المدى للأطراف المعنية. وفي اليوم السابق من إلقاء الرئيس شي كلمته، قام وفد مشترك من وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية بزيارة الصين. واختار الصين لتكون المحطة الأولى للوساطة الدولية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الأمر الذي يعكس ثقته العالية في الصين واعترافه الكبير بموقف الصين العادل. منذ اندلاع هذه الجولة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حافظت الصين على اتصالات وثيقة مع الأطراف المعنية وشاركت بنشاط في مشاورات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبذلت قصارى جهدها لتعزيز محادثات السلام ولتهدئة الوضع. ومن الدعوة إلى وقف إنساني لإطلاق النار، إلى تعزيز الحل السياسي من خلال الحوار، والتأكيد مرارا وتكرارا على أن المخرج الأساسي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي يكمن في تنفيذ “حل الدولتين”، إن منطق الصين في حل هذا الصراع هو حماية الإنسانية والسلام وإعلاء العدل والعدالة. إن الإنسانية هي القيمة التي تلتزم بها الصين دائما. وإن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة خط أحمر ينص عليه القانون الدولي الإنساني. وحماية الأمن لا ينبغي أن يكون على حساب إيذاء المدنيين الأبرياء، والاستخدام العشوائي للقوة أمر غير مقبول. وباعتبارها رئيسا دوريا لمجلس الأمن الدولي هذا الشهر، أشرفت الصين على اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2712 بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 15 نوفمبر الجاري. وهذه هي المرة الأولى التي يعتمد فيها مجلس الأمن قرارا بهذا الشأن منذ اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وهو أيضا أول قرار يعتمده مجلس الأمن بشأن هذا الصراع منذ سبع سنوات. ويركز القرار على المخاوف الإنسانية والحاجة الماسة لحماية المدنيين وخاصة الأطفال منهم، ويدعو إلى سلسلة من فترات التوقف عن القتال تمتد لعدة أيام في قطاع غرة. ويعد القرار خطوة أولية نحو وقف إطلاق النار. ومن أجل تخفيف الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، قد قدمت الصين مساعدات نقدية إنسانية عاجلة عبر السلطة الوطنية الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إضافة إلى مواد إنسانية عاجلة تشمل الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، وستواصل الصين تقديم مساعدات مادية وفقا لاحتياجات سكان قطاع غزة. إن عدد الضحايا المدنيين في قطاع غزة آخذ في الارتفاع حاليا، ولا يجوز لأي دولة ذات ضمير ومسؤولة أن تسمح باستمرار مثل هذه المآسي. إن التسوية السياسية هي المخرج الوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتؤمن الصين دائما بأنه طالما يجري الحوار والمفاوضات بروح الاحترام المتبادل، سيتم التوصل إلى حل مقبول للطرفين بغض النظر عن مدى تعقيد المشكلة. إن الحرب من غير الممكن أن ترسخ النظام في الشرق الأوسط، ولن يتسنى لنا حل المخاوف الأمنية المشروعة لجميع الأطراف بشكل كامل إلا من خلال الالتزام باتجاه التسوية السياسية. إن التعددية هي المبدأ الأساسي للصين في تعزيز وقف تصعيد الوضع. منذ اندلاع الجولة الحالية من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تبادل الرئيس الصيني شي جين بينغ وجهات النظر مع العديد من القادة الأجانب حول الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، وأجرى وزير الخارجية الصيني اتصالات متعمقة مع وزراء خارجية وقادة العديد من الدول والمنظمات الدولية. كما قام تشاي جيون، المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط بزيارة مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن ودول أخرى، وحضر قمة القاهرة للسلام حول الأوضاع في غزة، والتقى بالأمين العام لجامعة الدول العربية والمفوض العام للأونروا، ودعا إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال وتجنب توسع رقعة الصراع وتهيئة الظروف لاستئناف عملية السلام. وقد حظي موقف الصين العادل المرتكز على الحقائق والقانون والضمير والعدالة والدعوات القوية من جميع أنحاء العالم وخاصة الدول العربية، بتأييد واسع النطاق من المجتمع الدولي. إن موقف الصين الثابت في تعزيز عملية السلام في الشرق الأوسط يتلخص في معالجة الأعراض والأسباب الجذرية، ولا ينبغي علينا تعزيز وقف إطلاق النار وإنهاء القتال في أسرع وقت ممكن على أساس الوضع الحالي فقط، بل يجب علينا أن نتبنى وجهة نظر طويلة المدى. ويرجع السبب الجذري لما وصلت إليه الأوضاع الفلسطينية الإسرائيلية اليوم إلى تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته والبقاء والعودة منذ زمن طويل. وتؤمن الصين دائما بأن المخرج الأساسي للقضية الفلسطينية يكمن في تنفيذ “حل الدولتين” المتفاوض عليه على حدود 1967 لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية. إن القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط. ولا يتحقق السلام والاستقرار الدائمان في الشرق الأوسط بدون حل عادل للقضية الفلسطينية. وفي مواجهة الأوضاع الإقليمية المضطربة، تلتزم الصين بالاتجاه العام للإنسانية والتسوية السياسية والتعددية ومعالجة الأعراض والأسباب الجذرية، وطرحت على التوالي سلسلة من المبادرات والمقترحات المعينة للمساعدة في حل معضلات التنمية والأمن والحوكمة في الشرق الأوسط من خلال حلول صينية معاصرة. إن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط طويل، لكن الصين ستقف دائما إلى جانب السلام والإنصاف والعدالة الدوليين. وطالما أن ذلك يفضي إلى السلام، فإن الصين ستدعمه بقوة؛ وطالما أنه يفضي إلى المصالحة الفلسطينية الإسرائيلية، فإن الصين ستبذل قصارى جهدها. وبجهود مشتركة من جميع الأطراف، أعلنت حماس في 22 نوفمبر الجاري، التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية مع إسرائيل لمدة أربعة أيام، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ عند الساعة 07:00 يوم 24 نوفبمر بالتوقيت المحلي، وحصل سكان غزة على فترة راحة قصيرة. ومع ذلك، فإن وقف إطلاق النار على المدى القصير لا يمكن أن يحل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية بشكل جذري، ويجب تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2712 في أقرب وقت ممكن، ويجب ألا تصبح القضية الفلسطينية جرحا لا يمكن شفاؤه في العالم. وتؤمن الصين إيمانا راسخا بأن الاتجاه التاريخي للسلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك لا يمكن وقفه. ومن خلال الجهود المشتركة للمجتمع الدولي، ستحقق منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين وإسرائيل، في نهاية المطاف السلام والاستقرار والتنمية.
مشاركة :