يعد تشخيص الأمراض النفسية لدى الرجال أمرا صعبا للغاية، نظرا لأن الرجال يتعاملون مع مشاكلهم النفسية من خلال قمعها وعدم الاعتراف بها. وقالت مؤسسة صحة الرجال الألمانية إن قمع الرجال لمشاكلهم النفسية يرجع إلى أن الرجال يرون أن المشاكل النفسية لا تتوافق مع الصورة الذهنية النمطية للذكورة، كونها تعبر عن الضعف والعجز والفشل الشخصي. وأضافت المؤسسة أن الرجال يحاولون مواجهة المشاكل النفسية من خلال اللجوء إلى إستراتيجيات ذكورية تتمثل في العدوانية والغضب وشرب الخمر والانسحاب الاجتماعي والانهماك في العمل أو الإفراط في ممارسة الرياضة والمخاطرة والهروب إلى العالم الافتراضي. وأشارت المؤسسة إلى أن مرض الاكتئاب لدى الرجال، الذي لم يتم تشخيصه، قد تترتب عليه عواقب وخيمة على المستوى النفسي والجسدي على حد سواء، وهي تتمثل في عدم القدرة على العمل والتدهور الاجتماعي والوحدة واضطرابات القلق وداء السكري والسكتة الدماغية والتفكير في الانتحار. ولتجنب هذه المخاطر الجسيمة، أوصت المؤسسة الرجال بالاعتراف بمشاكلهم النفسية وعدم النظر إليها باعتبارها وصمة عار، وذلك للخضوع للعلاج النفسي في الوقت المناسب. الرجال يواجهون المشاكل النفسية بإستراتيجيات ذكورية مثل العدوانية والغضب وشرب الخمر والانسحاب الاجتماعي ويشير خبراء علم الاجتماع إلى أن هناك العديد من الصور النمطية والمفاهيم الخاطئة الشائعة حول الرجولة، ومن بينها: فكرة أن الرجولة يتم تحديدها من خلال القوة البدنية أو الصلابة، وأن الرجال الذين ليسوا أقوياء ليسوا “رجالا حقيقيين”. وفكرة أن الرجولة لا تتوافق مع الضعف العاطفي أو التعبير، وأن على الرجال قمع عواطفهم أو تجنب إظهار الضعف، وأن الرجولة يتم تعريفها من خلال الغزو الجنسي أو الاختلاط، وأن الرجال غير النشطين جنسيا أو العدوانيين ليسوا “رجالا حقيقيين”. كما يعتقد بعض الرجال أن الرجولة يتم تعريفها بالقوة أو الهيمنة على الآخرين، وأن الرجال الذين لا يشغلون مناصب السلطة أو القيادة ليسوا رجالا حقيقيين. ويمكن أن تكون هذه الصور النمطية والمفاهيم الخاطئة ضارة ومقيدة، سواء بالنسبة للأفراد أو للمجتمع ككل، حيث لا يتم تحديد الرجولة بأي سمة أو سلوك واحد، وهناك مجموعة واسعة من الطرق التي يمكن للرجال من خلالها التعبير عن رجولتهم بطرق صحية وإيجابية. ويمكن أن تؤثر القوالب النمطية الجنسانية على الذكور بطرق مختلفة، بما في ذلك الحد من سلوكهم وتعبيرهم العاطفي للتوافق مع التوقعات المجتمعية للذكورة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى كبت العواطف وصعوبة طلب المساعدة أو التعبير عن الضعف، مما قد يؤثر في النهاية على صحتهم العقلية. بالإضافة إلى ذلك، غالبا ما يُتوقع من الذكور أن يكونوا أقوياء ومستقلين والمعيلين الأساسيين، مما قد يؤدي إلى الشعور بعدم الكفاءة والضغط والتوتر. بشكل عام، يمكن للقوالب النمطية الجنسانية أن تحد من قدرة الذكور على التعبير عن أنفسهم بشكل كامل وقد تساهم في نتائج سلبية على الصحة العقلية والجسدية. يمكن أن تساهم المباحث المختصة في الذكورة في تغيير الصورة النمطية عن الرجل في المجتمع من خلال تعزيز وتشجيع الرجال على الانخراط في الأنشطة والمساعي التي ترتبط تقليديا بالأنوثة. وهذا يشمل أنشطة مثل الطبخ والخياطة والتنظيف، وذلك من خلال المشاركة في هذه الأنشطة وإظهار أنها ليست أنشطة أنثوية حصريا، ويمكن للرجال المساعدة في كسر القوالب النمطية الجنسانية وإثبات أنه لا يوجد فرق متأصل بين الرجل والمرأة.
مشاركة :