الرباط - صدر حديثا ضمن منشورات مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية بالدار البيضاء مؤلف للكاتب أحمد السجلماسي بعنوان "وجوه من المغرب السينمائي"، وهو الجزء الخامس من السلسلة، ويوثق الكتاب الذي وُقِّع مؤخرا في في إطار أنشطة المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ومهرجان سيدي عثمان للفيلم المغربي في دورته الأخيرة، سير السينمائيين المغاربة الأوائل الذين وقفوا خلف الكاميرا، وأخرجوا أفلاما لأول مرة قبل العام 1960. وفيما يلي حوار من الكاتب السينمائي أحمد السجلماسي: ما الذي دفعك للبدء في كتابة مواد هذه السلسلة واستكشاف وجوه المغرب السينمائي؟ انطلقت هذه السلسلة سنة 2018 بإصدار الجزء الأول الذي تم فيه التعريف بستة وجوه: المخرج محمد ركاب والناقد مصطفى المسناوي والممثلين حميدو ومحمد مجد ومحمد الحبشي ومحمد بصطاوي، تلاه جزء ثاني سنة 2019 عرفت من خلاله بعشرة أسماء هم: المخرج محمد عبازي والناقد محمد الدهان والمخرج قويدر بناني (أحد مدراء المركز السينمائي المغربي السابقين) والممثلات خديجة جمال ونعيمة المشرقي وأمينة رشيد وفاطمة الركراكي والممثلين حسن الصقلي وعبدالجبار الوزير ومحمد الخلفي. وفي سنة 2020 أصدرت الجزء الثالث الذي تمحور حول عشرة أسماء أخرى، وكانت غايتي منذ البداية هي المساهمة في سد جزء من الفراغ الهائل على مستوى تراجم وسير أعلام السينما بالمغرب بمختلف تخصصاتهم، لا سيما أن الجهة المشرفة على قطاع السينما ببلادنا لا تولي اهتماما كبيرا لمسألة توثيق تجارب السينمائيين المغاربة كتابة أو بالصورة والصوت. ومما يزيد الطين بلة عدم إقدام السينمائيين أنفسهم على كتابة سيرهم الفنية والذاتية ونشرها وبحكم اهتمامي بتاريخ السينما بالمغرب منذ عقود، ومراكمتي لمعطيات كثيرة حول الأفلام وصانعيها، رأيت أن أتقاسم هذه المعطيات بعد تدقيقها وتنقيحها مع المهتمين ومختلف الفاعلين في حقول السينما المختلفة. كيف قمت بجمع المواد والصور اللازمة لأجزاء هذه السلسلة من الكتب؟ لقد كان لي ميل منذ مرحلة الطفولة إلى مسألة التوثيق السينمائي حيث كنت أجمع صور الممثلين والممثلات وملصقات الأفلام، وكنت أحفظ عن ظهر قلب أسماء ممثلي وممثلات الأفلام الأميركية والأوروبية والمصرية والهندية التي كنت أشاهدها بكثرة في مختلف القاعات السينمائية الشعبية بفاس والدار البيضاء، وبعد ارتباطي بحركة الأندية السينمائية منذ أواخر الستينيات أصبحت أهتم أيضا بالمخرجين وأساليبهم المتنوعة في الكتابة السينمائية، وانفتحت على كتب تاريخ السينما وغيرها. لقد خصصت ملفا لكل وجه من وجوه السينما ضمنته بعض صوره وحواراته وما كتب عنه في المنابر الصحافية الورقية، وعندما حصل لدي تراكم من المعطيات شرعت في تحرير مواد كتيبات صدر أولها سنة 1999 بعنوان "المغرب السينمائي: معطيات وتساؤلات"، وانتظرت قرابة عشرين سنة لأصدر أول جزء من سلسلة "وجوه من المغرب السينمائي". وفي صيف هذه السنة صدر الجزأين الرابع (يوليوز/ تموز2023) والخامس (غشت/ اب 2023) من هذه السلسلة، وهناك أجزاء أخرى تنتظر دورها في الطبع، كما نشرت نصوصا أخرى ضمن مؤلفات جماعية حول تجارب بعض المخرجين السينمائيين المغاربة كداوود أولاد السيد ومحمد عبدالرحمان التازي وأحمد المعنوني ومومن السميحي والجيلالي فرحاتي ومصطفى الدرقاوي ولطيف لحلو وسعد الشرايبي وغيرهم. هل كنت تملك خلفية في مجال السينما أم أنك بدأت هذا المشروع من دون تجربة سابقة؟ مدرستي الأولى هي مشاهدة الأفلام المختلفة بكثرة منذ مرحلة المدرسة الابتدائية، وقراءة المجلات السينمائية بنهم وتتبع البرامج الفنية والثقافية عموما بالإذاعة والتلفزة وحضور مختلف المهرجانات السينمائية، خصوصا المهرجان الوطني للفيلم منذ دورته الثالثة سنة 1991 بمكناس، والارتباط بحركة الأندية السينمائية منذ موسم 1969-1970 والمساهمة في تأسيس نادي الركاب للسينما والثقافة بفاس ومجموعة من المهرجانات السينمائية هنا وهناك. وأعتقد أن عشق السينما وتتبع أخبارها والاستهلاك اليومي الواعي للأفلام وما يكتب عنها والاحتكاك عن قرب ببعض السينمائيين وغيرهم هو الذي جعلني ألم بما يجري في حقلنا السينمائي، وأتعرف إلى جل العاملين فيه. هل كانت هناك تحديات خاصة واجهتك خلال تحريرك لهذه السلسلة؟ أول تحدي هو شح المعطيات فيما يتعلق ببعض الأسماء التي لفها النسيان، وثان تحدٍ هو عدم تعاون بعض الرواد السينمائيين عند الاتصال بهم من أجل تدقيق بعض المعطيات التي تخصهم أو تخص بعض أعمالهم وثالث تحدٍ هو غياب جهات مدعمة للطبع باستثناء بعض المهرجانات أو الشخصيات السينمائية المثقفة والمتعاونة. هل تستطيع توضيح كيف قمت بتنظيم المواد والمعطيات في مختلف أجزاء السلسلة؟ لم تكن هناك معايير محددة سلفا لاختيار الوجوه التي تناولها كل جزء من أجزاء السلسلة بل كان لكل جزء سياقه الخاص، فبالنسبة إلى الجزء الأول اخترنا الوجوه التي عرضنا أفلامها أو كرمناها أو أطلقنا اسمها على دورة من دورات مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية الجهة الناشرة للسلسلة، وبالنسبة إلى الجزء الخامس الصادر مؤخرا ركزت على السينمائيين المغاربة الأوائل الذين وقفوا خلف الة التصوير، وأخرجوا أفلاما لأول مرة قبل العام 1960 وهم تباعا: السلطان مولاي عبدالعزيز (1878- 1943)، محمد عصفور (1927- 2005)، عبد الكبير الفاسي (1920- 1997) وأحمد المسناوي (1926- 1996)، فاطمة نوري (95 سنة) إبراهيم السايح (1925- 2011)، العربي بن شقرون (1930- 1984)، العربي بناني (1930- 2022)، محمد عفيفي (1933- 2014)، أحمد بلهاشمي (1927-؟)، عبدالعزيز الرمضاني (86 سنة)، الطيب الصديقي (1938- 2016). بوجهٍ عام تحكمت في اختيار وجوه كل جزء من السلسلة الأوراق المحيلة والجاهزة للنشر، التي سبق لي نشر بعضها بمناسبة تكريم أو وفاة أو غير ذلك، كما عززنا ما هو مكتوب بالعديد من الصور والملصقات، فأنا شخصيا لا أستصيغ إصدار كتاب سينمائي بدون صور كما يفعل الكثيرون. هل تستطيع مشاركتنا بعض القصص أو اللحظات التي عشتها مع شخصيات سينمائية خلال تواصلك معها؟ لكل شخصية مزاجها الخاص وطريقتها في التواصل، فقد استرحت كثيرا في تواصلي مع مخرج الفيلم/التحفة "وشمة" (1970) الرائد حميد بناني، لأنه كان يجيبني عن تساؤلاتي بسرعة فائقة، ويمدني بصور من مختلف مراحل عمره وبملصقات أفلامه وبعض الصور منها، كما أزعجني عدم تجاوب أحد صناع السينما القدماء الذي لفه النسيان، ولم أفلح رغم اتصالي به مرارا في الحصول منه، ولو على صورة واحدة حديثة أو قديمة له، مع كامل الأسف هناك سينمائيون لا يعيرون أي اهتمام لمسألة التوثيق لتجاربهم الفنية. هل لديك خطط لمشاريع مستقبلية مماثلة تتعلق بالسينما أو بمواضيع أخرى؟ طبعا مشاريعي كثيرة، فبالإضافة إلى استمراري في إعداد ونشر أجزاء أخرى من سلسلة "وجوه من المغرب السينمائي"، بمعدل جزء على الأقل كل سنة، وأشتغل حاليا على التوثيق لتجربة حركة الأندية السينمائية بالمغرب (جواسم نموذجا) بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب كما أشتغل على كتاب خاص بالمهرجانات والإصدارات السينمائية بالمغرب، بالإضافة إلى كتاب حول "الفيلموغرافيا السينمائية المغربية" أنا على وشك الانتهاء من تحريره.
مشاركة :