استيقظ الفلسطيني جلال مسعدة على غمر مياه الأمطار خيمة أقامها في مدرسة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة لإيواء عائلته هربا من هجمات إسرائيل. وحاول مسعدة البالغ (38 عاما) وهو أب لستة أبناء بينهم 4 ذكور جاهدا إخراج المياه من داخل الخيمة وحولها بوسائل بدائية لكن كمية تدفقها كانت أكبر من إمكانياته الضعيفة. وعائلة مسعدة واحدة من بين مئات الآلاف العائلات التي نزحت من منازلها في مناطق غزة وشمالها بفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ السابع من أكتوبر الماضي بحثا عن مكان آمن. ويقول مسعدة بينما يرتدي سترة وطاقية رأسه وحافي القدمين يحاول إخراج المياه من الخيمة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن أفراد العائلة كانوا نائمين داخل الخيمة وفجأة دخلت المياه وغمرتها من كافة الجهات. ويضيف مسعدة الذي يقف بجواره اثنين من أطفاله يرتجفان من البرد أن مياه الأمطار غمرت الملابس والفراش وأصبح من الصعب البقاء أو نوم العائلة داخل الخيمة. ويشير بينما بدا اليأس على وجهه، إلى أن النازحين من بيوتهم إلى مراكز الإيواء ومناطق أخرى يعيشون ظروفا صعبة جراء تساقط الأمطار على خيامهم وعدم وجود مساعدات حقيقة توزع للتغلب على برودة الطقس. وكان الجيش الإسرائيلي أمر في 13 أكتوبر الماضي بعد أقل من أسبوع من بدء الحرب على غزة، سكان مدينة غزة وشمالها بالنزوح إلى وسط وجنوب القطاع بدعوى الحفاظ على حياتهم. وغالبا ما يتوجه السكان الذين يتركون منازلهم في القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة إلى مدارس الوكالة الأممية أو الحكومة أو منازل أو أراض خلاء أو أقرباء لهم. وبدا الحال مشابها للفلسطينية ماجدة أبو محيسن (36 عاما) التي تمكث مع أطفالها الصغار داخل خيمة أقامتها من بقايا النيلون المتناثر في الشوارع بين الأشجار المبتلة بمياه الأمطار في منتزه دير البلح وسط القطاع. وتعتمد أبو محيسن التي نزحت من حي الشجاعية إلى تلك المنطقة على نفسها بعد سفر زوجها قبل نحو عامين إلى الخارج بحثا عن فرصة عمل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة داخل القطاع منذ 16 عاما. وبدت أبو محيسن منهكة ووضعها الصحي متراجع بفعل خروجها يومها على مدار أيام الحرب الإسرائيلية بحثا عن الطعام والشراب لأطفالها الخمسة دون 10 أعوام في ظل وضعها الاقتصادي الصعب وغلاء أسعار المواد التموينية في الأسواق. وتقول أبو محيسن بينما تتسرب مياه الأمطار داخل الخيمة من بعض الثقوب على الأرض لـ((شينخوا)) إن موسم الشتاء أصبح ضيفا ثقيلا على سكان غزة بسبب الوضع الذي نعيشه جراء الحرب. وتضيف بينما تحاول إبعاد المياه عن أطفالها أن غالبية السكان نزحوا من منازلهم باتجاه جنوب القطاع إلى أماكن مجهولة سواء إلى المدارس أو بيوت أقارب أو حتى يبيتون في الشوارع. وتحاول أبو محيسن تدفئة أطفالها بإشعال موقدة نار وهي تشير إلى أن الخيام لا تقوى على مواجهة مياه الأمطار الغزيرة والأطفال لا يتحملون برودة الطقس، وأن البيوت السكنية كانت تغرق بمياه المطر قبل الحرب بفعل سوء البنية التحتية. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" خلفت أكثر من 18 ألف قتيل فلسطيني. وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية. أما الشابة نجاة زايد النازحة من مخيم جباليا للاجئين إلى مدرسة تابعة للأونروا غرب دير البلح فاصطحبت ابنها إلى أقرب مركز صحي لعلاجه من شعوره بالغثيان المستمر بفعل برودة الطقس. وتقول زايد التي تشكو سوء الوضع المعيشي داخل المدرسة لـ((شينخوا)) إن النازحين يعيشون في مراكز الإيواء في ظروف غير مناسبة تزامنا مع اكتظاظ الأعداد. وتضيف زايد بينما تتحدث مع الطبيب المناوب في المركز عن وضع ابنها ذات الأعوام العشرة أن النازحين يفتقرون للطعام والشراب والأغطية والفراش ووسائل التدفئة في ظل الأجواء الباردة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى نزوح ما يقرب من 1.9 مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 85 % من إجمالي سكان القطاع، في وقت نزح بعضهم عدة مرات هربا من هجمات إسرائيل وبحثا عن ملجأ آمن. وبحسب إحصائيات الأونروا فإنها تأوي ما يقرب من 1.3 مليون نازح في 154 منشأة تابعة للوكالة في مختلف أنحاء غزة، بما في ذلك أكثر من 1.1 مليون في 97 ملجأ وسط وجنوب القطاع. وذكرت الأونروا أنه بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في ملاجئها فإنها رصدت زيادات كبيرة في بعض الأمراض والحالات المعدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والتهابات الجلد. وفي المتوسط، فإن ملاجئ الأونروا الموجودة في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة تؤوي حاليا تسعة أضعاف عدد النازحين كما كان مخططا لها.
مشاركة :