تتعلق بعض المقترحات الأكثر إثارة للاهتمام بإصلاح البنك الدولي. ويتمثل أحد العناصر الأساسية في خريطة الطريق إلى تطوير هذه المؤسسة في تعزيز قدرتها المالية باستخدام رأس المال الحالي، وربما استكماله بموارد من مؤسسات خاصة واستخدام ضمانات الائتمان بشكل أكثر نشاطا. لكن هذه المقترحات تنطوي على مشكلتين: الأولى، أنها تتطلب موارد ضخمة. إذا كان للمؤسسات الدولية أن تعمل على زيادة دعمها للدول النامية ومتوسطة الدخل التي تمر بأزمات والإسهام في تحقيق المنافع العامة العالمية في الوقت ذاته، فلا بد أن تتحمل جهة ما التكلفة. بيد أن الدول مرتفعة الدخل كانت مقصرة في تحقيق أهداف مساعدات التنمية الرسمية المحددة من قبل الأمم المتحدة قبل نصف قرن من الزمن، وكثيرا ما تقاعست عن الإسهام بالقدر المتوقع في الصناديق الخاصة. وسيكون إقناعها بتمويل هذه المبادرات الجديدة أمرا صعبا، في أقل تقدير. تتلخص المشكلة الثانية، في استحالة زيادة رسملة بنوك التنمية متعددة الأطراف إلا بدعم من أصحاب المصلحة المهمين، مثل الولايات المتحدة. وبالفعل يدور قدر كبير من الجدال حول رأس المال، أو الحصص، في كل من البنك وصندوق النقد الدوليين. الواقع أن الدعوات المطالبة بزيادة حصص الاقتصادات الناشئة ـ وبالتالي نفوذها ـ خاصة تلك التي تطلقها الصين، قوبلت بمقاومة كبيرة في الدول الغنية. الآن ظهر اقتراح يقضي بزيادة حصص صندوق النقد الدولي بنحو 50 في المائة، مع منح المجلس التنفيذي مهلة حتى 2025 لتطوير مزيد من الأساليب لإصلاح نظام الحصص. ولا يوجد اتفاق حتى الآن بشأن رسملة البنك الدولي. فيما يتصل بالديون، لم يتخذ أي قرار تقريبا. كل ما تقرر في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين كان الحاجة إلى مزيد من المناقشة. ولم يقدم إعلان القادة الذي انبثق عن قمة نيودلهي سوى ما يزيد قليلا على التأكيد على التزام مجموعة العشرين بالتعهدات المبذولة في الإطار المشترك لمعالجة الديون بعد مبادرة تعليق خدمتها. وقد تركت مسألة ما إذا كان ينبغي منح بعض الدول متوسطة الدخل المعرضة للخطر إمكانية الوصول إلى الإطار المشترك الذي أنشئ في 2020 لمساعدة الدول المنخفضة الدخل المثقلة بديون لا قبل لها بتحملها على التعامل مع جائحة كوفيد - 19 ـ دون إجابة. في كل الأحوال، أثبتت الآلية حتى الآن عدم فاعليتها، بسبب التأخير في المفاوضات مع الدائنين ومخاوف المدينين من تضرر تصنيفاتهم الائتمانية. أما عن التعاون الضريبي الدولي، فإن الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها في 2021 في الإطار الشامل لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تزال تنتظر التنفيذ. ونظرا إلى الفوائد الضعيفة المتصورة التي قد تعود على الدول النامية من هذا الإطار، فقد تقدمت المجموعة الإفريقية التابعة للأمم المتحدة بقرار لإنشاء لجنة حكومية دولية لصياغة الشروط المرجعية لاتفاقية إطارية تعقدها الأمم المتحدة بشأن التعاون الضريبي. وقد حصل القرار على الموافقة في نوفمبر بفارق كبير، لكن الانقسام بين الدول النامية والمتقدمة ـ حيث صوتت الأخيرة ضده باستثناء النرويج التي امتنعت عن التصويت ـ سيحدد السياق لمزيد من التطورات في 2024، عندما تصبح المفاوضات بين هاتين المجموعتين من الدول ضرورية. لا شك أن التصدي للتحديات التي يواجهها العالم، من الديون إلى تغير المناخ والإيرادات الضريبية الكافية، سيكون مهمة صعبة حتى في أفضل الأوقات. لكن الآفاق الاقتصادية العالمية ليست وردية على الإطلاق. يتوقع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي منخفضا في 2023 3 في المائة، و2024 2.9 في المائة ـ مقارنة بنحو 3.7 في المائة سنويا في العقد الذي سبق الجائحة ـ مع معاناة الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. في حين يبدو أن التضخم بات في انحسار، يوصي صندوق النقد الدولي البنوك المركزية باتخاذ نهج حذر في التعامل مع أسعار الفائدة، فلا تخفضها إلا عندما يكون التضخم تحت السيطرة الكاملة. ولا يبشر هذا بالخير فيما يتصل بالنمو. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :