أكدت المحكمة الكبرى الإدارية أن القرارات الصادرة من قاضي التنفيذ هي قرارات قضائية يصدرها بمقتضى وظيفته القضائية وتحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية متمثلة في تنفيذ السندات التنفيذية من بينها الاحكام النهائية وما يعترضها من عقبات في التنفيذ، ورسم القانون طرق ومواعيد الطعن على تلك القرارات والمحكمة التي تنظر ذلك الطعن وهي المحكمة الكبرى المدنية بصفتها الاستئنافية، وبذلك تختلف القرارات الإدارية التي تكون محل دعوى الإلغاء. جاء ذلك في حيثيات حكمها برفض دعوى شخص طالب بإلغاء قرار قاضي تنفيذ العقاب بالحجز التحفظي على حساباته البنكية إثر صدور حكم بسداده 2000 دينار لصالح إحدى الشركات مدعيا أن القرار صدر بالحجز على حساباته خلال فترة التنفيذ الاختياري. وكان المدعي قد رفع دعواه شرح فيها أن محكمة الاستئناف العليا المدنية قضت بإلزامه أن يدفع لشركة مبلغ 2000 دينار تعويضاً نهائياً والفائدة بواقع 2% حتى السداد التام، ومبالغ أخرى وصل بها المبلغ المنفذ ضده إلى 3 آلاف دينار، حيث قامت الشركة المستحقة للمبالغ بإبلاغه بسداد المبلغ المحكوم به اختياريا خلال سبعة أيام، وقبل مرور السبعة أيام فوجئ بإيقاع الحجز التنفيذي على حساباته البنكية بموجب ملف التنفيذ بالمبلغ المستحق دفعه وتبين قيام الشركة بفتحه لدى محكمة التنفيذ، أي بعد يوم فقط من ارسال الإخطار بالوفاء الاختياري له. وأشار إلى أنه تم استصدار قرار بالحجز على حساباته البنكية وقدم طلبا إلى محكمة التنفيذ لرفع الحجر عن الحسابات البنكية لصدوره بالمخالفة لأحكام القانون وذلك لعدم مضي مدة التنفيذ الاختياري، إلا أن القاضي رفض هذا الطلب، وراجع قاضي المحكمة طالباً منه رفع الإجراء لمخالفته الواضحة لأحكام القانون وبطلانه، إلا أن القاضي امتنع عن رفع إجراء التعميم على الحسابات البنكية. إلا أن المحكمة أشارت إلى أن المقصود بالقرار الإداري الذي يخضع للرقابة القضائية هو ما يصدر من جهة الإدارة تعبيراً عن إرادتها الملزمة للأفراد بقصد تحقيق أثر قانوني معين بالنسبة إليهم يصدر عن الموظف المختص بذلك وفقاً لأحكام القانون بناء على وجود حالة واقعية أو قانونية تدفعه إلى التدخل باتخاذ قراره الملـزم لا يـبغي بـه سـوى المصـلحة العـامة دون تعـسف أو إعزاف عن هذه الغاية. وأوضحت أن القرار القضائي هو الذي تصدره المحكمة بمقتضى وظيفتها القضائية ويحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية تقوم بين خصمين تتعلق بمركز قانوني خاص أو عام، ولا ينشئ القرار القضائي مركزاً قانونياً جديداً، وإنما يقرر -في قوة الحقيقة القانونية– وجود حق أو عدم وجوده ويكون القرار قضائياً متى توافرت له هذه الخصائص ولو صدر من هيئة لا تتكون من قضاة، وأنها أسندت إليها سلطة قضائية استثنائية للفصل فيما أنيط بها من خصومات. كما أشارت إلى أن القرار القضائي يختلف عن القرار الإداري في أن الأول يصدر عن هيئة قد استمدت ولاية القضاء من قانون محدد لاختصاصها مبين لإجراءاتها وما إذا كان ما تصدره من أحكام نهائية أو قابلة للطعن مع بيان الهيئات التي تفصل في الطعن في الحالة الثانية وأن يكون هذا القرار حاسماً في خصومة، أي في نزاع بين طرفين مع بيان القواعد التي تطبق عليه ووجه الفصل فيه. وأشارت إلى أن محاكم التنفيذ هي المختصة بتنفيذ السندات التنفيذية التي من بينها الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ويجري التنفيذ تحت إشراف قاضي التنفيذ ويعاونه في إجراءات التنفيذ عدد كاف من المنفذين الخاصين، كما أن قاضي التنفيذ يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وله التفويض باستعمال القوة الجبرية عند الاقتضاء والاستعانة برجال الشرطة والأمر بكسر الأبواب وفض الأقفال بالقوة. وأضافت في حيثياتها أن القانون أوضح طريق التظلم من الإجراءات المتعلقة بالحجز وقرار رسو البيع وتوزيع المبالغ، حيث أجازت لكل ذي شأن التظلم من الإجراءات المتعلقة بالحجز أمام قاضي محكمة التنفيذ خلال سبعة أيام من تاريخ إعلانه أو علمه بها، وأجازت الاستئناف أمام المحكمة الكبرى، خلال سبعة أيام من تاريخ إعلانه أو علمه بها. ويعتبر الاستئناف في هذه الحالة من الأمور المستعجلة ويرفع إلى المحكمة مباشرة بعد أداء الرسم المقرر، وتنظر فيه المحكمة تدقيقاً إلا إذا رأت خلاف ذلك، ويعتبر قرار المحكمة الكبرى نهائياً. وبناء على ذلك فإن القرارات الصادرة من قاضي التنفيذ هي في حقيقتها قرارات قضائية يصدرها بمقتضى وظيفته القضائية وتحسم على أساس قاعدة قانونية خصومة قضائية المتمثلة في تنفيذ السندات التنفيذية من بينها الاحكام النهائية وما يعترضها من عقبات في التنفيذ، ورسم القانون طرق ومواعيد الطعن على تلك القرارات والمحكمة التي ينعقد لها الاختصاص وهي المحكمة الكبرى المدنية بصفتها الاستئنافية، وبذلك تختلف القرارات الإدارية التي تكون محل دعوى الإلغاء، الأمر الذي ينتفي معه الأساس الذي بنيت عليه هذه الدعوى، فلهذه الأسـباب حكمت المحكمة برفض الدعوى.
مشاركة :