يُعتبر الأديب والمفكر المصري “طه حسين” أول من حصل على الدكتوراة من جامعة “القاهرة” وقت أن كانت تُسمى الجامعة “المصرية” عام (1914م)، قبل أن يحصل على بعثة من الجامعة نفسها إلى فرنسا لنيل درجة الدكتوراة الثانية من جامعة “السوربون” بباريس، والتي تخرج فيها عام (1918م)، عن أطروحته حول المؤرخ التونسي مؤسس علم الاجتماع الحديث “ابن خلدون”، وفي العام (1919م) حصل على دبلوم في الحضارة الرومانية من الجامعة نفسها. وأثناء دراسته بفرنسا التقى “طه حسين” بامرأة فرنسية تُدعى “سوزان بريسو” كانت مهمتها قراءة الكتب له، لأن المراجع اللازمة لدراسته لم تكن متوفرة بطريقة “برايل للمكفوفين”، وسرعان ما أصبحت زوجته بعد ذلك وأمًا لبناته أمينة وشقيقـتها الصغرى مؤنس. لُقب بعميد الأدب العربي خلال حياته، وأثار كتابه “في الشعر العربي” أزمة فصل على إثرها من الجامعة، وأحيل على المحاكمة أمام القضاء. كان “طه حسين” أول من ترأس “اتحاد للطلاب” تشهده جامعة “القاهرة” للتعبير عن مطالبهم داخل الجامعة، حسب وثيقة قدمتها أستاذة الوثائق بكلية الآداب بجامعة القاهرة الدكتورة “جيهان عمران”؛ وذلك في ندوة عُقدت حديثًا بالمركز الثقافي الفرنسي في القاهرة؛ بمناسبة مرور (50) عامًا على وفاة المفكر والروائي طه حسين. أكدت الوثيقة حصوله على الدرجات النهائية في أغلب المواد التي درسها، على الرغم من أنه أدى امتحانات (10) مواد دراسية خلال (5) أيام متتالية في سنته الدراسية الأولى بمعدل امتحانين في اليوم الواحد، والذي اعتبرته الباحثة نوعًا من العبقرية والنبوغ على الرغم من فقدانه لبصره في وقت مبكر. وفي وثيقة تعود إلى العام (1912م)، طالب طه حسين بالتحقيق مع أحد الموظفين بالجامعة الذين أساءوا معاملته بسبب تأخره في سداد بعض مصروفاته الدراسية، وحسب الوثيقة فقد حدد لمدير الجامعة وقتها الأستاذ الدكتور “أحمد زكي باشا” موعدًا للبت فيما قدمه ضد الموظف. وقدَّم الصحفي “إبراهيم عبد العزيز” في نفس الندوة مجموعة من الخطابات المرسلة من “طه حسين” وإليه والتي حصل عليها من بعض أفراد أسرته، تبين الخطابات ضعف الحالة المالية لعائلته، وكان ترتيبه السابع بين (13) طفلًا، ووالده “حسين علي” كان موظفًا صغيرًا في شركة السكر بصعيد مصر. وفي رسالة كتبها له أحد التلاميذ أثناء تقلده حقيبة وزارة المعارف عام (1950م)، يطلب منه التبرع ببدلة ليرتديها في المدرسة، وتكفل “طه حسين” بدفع مبالغ مالية للطالب إلى أن تخرج، وأصبح من خبراء الترجمة. وفي أحد الوثائق التي قدمها الصحفي في الندوة تبين أن “طه حسين” تقلَّد حقيبة وزارة المعارف في حكومة حزب الوفد عام (1950م)، بعد اعتذار “نجيب الهلالي” عن حمل الحقيبة نفسها لأسباب عائلية؛ حيث تبنى الدعوة إلى مجانية التعليم وحق الجميع في التعلم، رافعًا شعار “التعليم كالماء والهواء”، ويعود له الفضل في إنشاء العديد من الجامعات المصرية الحديثة.
مشاركة :