عقود الزواج المشروطة تتخذ منحى تصاعديا في مصر

  • 1/6/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يؤكد مستشارو العلاقات الأسرية أن تدوين بعض الاشتراطات في عقود الزواج لا ينتقص من حقوق أي طرف، مشيرين إلى أن الزواج المشروط تزداد أهميته عند النساء عندما يكون المجتمع غير منصف للمرأة، وبالتالي يمكن لهذه البنود أن تحفظ للمرأة كيانها وحقوقها كأم وزوجة. وتلتجئ بعض الأسر المصرية إلى تدوين شروطها في عقود الزواج حتى لا يتم التلاعب ببناتها. القاهرة - اتخذت عقود الزواج المشروطة منحى تصاعديا لدى بعض الأسر المصرية، كإحدى وسائل ضبط العلاقة الزوجية بين الشريكين وتجنب تنصل أي منهما بتعهداته قبل إتمامها، في مؤشر يعكس تنامي الوعي بين النساء ورفضهن التبعية للرجال دون أن تكون لهن حقوق واضحة. ومؤخرا أعلن صندوق المأذونين الشرعيين (جهة رسمية) ارتفاع معدلات عقود الزواج التي تتضمن شروطا خاصة، أغلبها تدونها النساء وليس الرجال، وتكاد تكون منحصرة في اتفاق مسبق على شكل حياة الزوجة مع شريكها، من حرية العمل والسفر واستكمال الدراسة وغيرها. وكشف مسؤولو الصندوق عن زيادة لافتة في معدلات النساء اللاتي يشترطن في عقود الزواج أن تكون العصمة معهن، بحيث يكون لهن حق تطليق أنفسهن إذا أخل الرجل بشروط العلاقة أو تزوج من أخرى، أو مورست عليهن ضغوط لا تتفق مع شكل الحياة الزوجية المتفق عليها. وصارت اشتراطات الزواج جزءا أصيلا من بعض العقود، إذ تتاح لكل طرف كتابة حقوقه ومتطلباته، ولا يجوز لأحدهما الإخلال أو الالتفاف على أي بند مستقبلا، بحيث تكون العلاقة واضحة منذ البداية، ويعرف كل شخص واجباته وإرضاء الآخر. مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية دعم حق الأزواج في تدوين شروط بالعقود وأباح اشتراط المرأة ألا يُخرجها زوجها من دارها وأكد مسؤولو الصندوق أن المأذون الشرعي لا يتدخل في رفض كتابة الشروط في عقد الزواج، ويكتفي بشرح مخاطر أي بند يراه لا يتفق مع الحياة الزوجية السوية، كأن تشترط المرأة حق تطليق نفسها، ما يؤدي إلى زيادة الطلاق، لأنه يكون بديلا عن الخلع. وأبدت أماني إبراهيم، وهي زوجة وأم لطفلين، ندمها على عدم وضع شرط خاص في عقد الزواج يضمن لها البقاء في وظيفتها بعد الارتباط الرسمي، فقد وعدها شريكها بذلك، لكنه تنصل وألزمها بأن تصبح ربة منزل وأن تتخلى عن عملها في مؤسسة كبرى. وقالت لـ”العرب” إنها تعرف الكثير من أقاربها النساء اللاتي اشترطن وضع بنود في عقود الزواج لضمان حقوقهن في العمل، وهذه أكبر أزمة تواجهها المرأة بعد الزواج، وهناك أخريات اشترطن الإقامة في منزل منفصل، وهذه حقوق بديهية مفتقدة. وأوضحت أن على عاتق الأسرة العامل الأكبر في إنصاف المرأة ودعمها في تدوين الشروط التي توفر لها الحياة الزوجية المستقرة، لكن هذا يتوقف على وعي العائلة والفتاة، وهناك من يبرر رفض الاشتراطات بأنها ضد الدين الذي لا يدعم الطلاق. ودعم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية حق الأزواج في تدوين شروط بالعقود، المهم ألا يكون من بينها ما يخالف الشرع، وأباح اشتراط المرأة ألا يُخرجها زوجها من دارها أو ألّا يُسافر بها أو من دونها، فهذه شروط لا حرج على من تدونها. وتنتشر العقود المشروطة بين الفئات الشبابية الأكثر انفتاحا من أرباب الأسر الذين يسيّرون أمور حياتهم بشكل تقليدي، وغالبا ما يكون المتزوجون مؤمنين بمسار الزواج المشروط، ومدفوعين بالحفاظ على قوام الأسرة من الانهيار بغرض مواصلة الحياة. وتدعم شريحة من الأسر المتفتحة وجود شروط في عقد الزواج بين الطرفين كضرورة لمنع الخلافات، لأن الشاب يُمكن أن يُخفي نية حرمان زوجته من العمل، وهذا يصعب عليها قبوله لاحقا وقد تضطر إلى طلب الطلاق، لكن عندما يوقع على أنه لن يحرمها من وظيفتها فسوف يصبح ملزما بتنفيذ وعده. ومنحت المشروعية الدينية بعض النساء المصريات فرصة الإقدام على تدوين المطالب مسبقا دون أن يصطدمن بموانع فقهية، خاصة وأنهن يكتبن شروطا لا تتحدث عن رفاهيات بل عن حقوق أصيلة للزوجة، وهي الإباحة الدينية التي دفعت أسرا كثيرة إلى التعاطي مع الفكرة كونها ليست محرمة. ومن غير المتوقع أن تتخذ العقود المشروطة منحى تصاعديا في الأوساط السكانية المنغلقة ثقافيا، عكس تعاطي الأسر المنفتحة مع الأمر ذاته، فهناك عائلات لا ترى غضاضة في زواج الرجل على زوجته أكثر من مرة، بحجة أن الشرع أباح له الارتباط الرسمي بأربع نساء. وترفض مصريات كثيرات مبدأ تعددية زواج الرجل مهما بلغت المبررات والدوافع، ولو كن ينتمين إلى عائلات تتعامل مع التعددية بأريحية طالما أن الشرع أباح ذلك، ومن الطبيعي عدم موافقة هذه الشريحة على أن تشترط الابنة على شريكها عدم زواجه مستقبلا. ويرى متخصصون في العلاقات الاجتماعية بالقاهرة أن الزواج المشروط تزداد أهميته عند النساء عندما يكون المجتمع غير منصف للمرأة، ويعتبرها تابعة للرجل وتحتاج طوال الوقت إلى وصي يحركها كما يشاء وفق رغباته، وهنا تظهر قيمة تدوين بنود تحفظ للمرأة كيانها وحقوقها كأم وزوجة. النساء يشترطن في عقود الزواج أن تكون العصمة معهن، فيكون لهن حق تطليق أنفسهن إذا أخل الرجل بشروط العلاقة النساء يشترطن في عقود الزواج أن تكون العصمة معهن، فيكون لهن حق تطليق أنفسهن إذا أخل الرجل بشروط العلاقة ويشير هؤلاء المتخصصون إلى أن تدوين بعض الاشتراطات في عقود الزواج لا ينتقص من حقوق أي طرف، فهذه البنود في النهاية ترسم شكل الحياة الأسرية بما يريح الشريكين ويقلص الخلافات، لأن هناك اتفاقا حاكما للعلاقة يتيح تحقيق التفاهم. وتوجد الكثير من الشواهد التي تمنح المرأة كامل الحق في التمسك بإقرار جملة من الضوابط في العلاقة الزوجية، كأن يتزوج الرجل من امرأة غير محجبة ثم يجبرها على الحجاب، وأخرى يتم وعدها بشراء منزل بعيدا عن بيت العائلة وتتم مساومتها على القبول بالأمر الواقع أو الطلاق. وقال علاء الغندور الباحث المتخصص في العلاقات الأسرية بالقاهرة “إن تدوين بعض المطالب من الشريكين ليس شرطا، بل هو ضابط مطلوب لحسم الأمور الضرورية قبل العلاقة، بما يمهد الطريق لحياة زوجية قائمة على المكاشفة وتقبل كل طرف للآخر”. وأضاف لـ”العرب” أن من الأمور الهامة “تحديد ضوابط لشكل العلاقة في عقود الزواج، وعدم لجوء الطرف المتضرر إلى الطلاق بعد التفاف شريكه على المتفق عليه، وألا تكون لهذه الضوابط قيمة، لأن المعيار الرئيسي أن يفهم كل طرف احتياجات الآخر ولا يصطدم به وتنهار العلاقة”. وذكر أن خلافات الفترة الأولى من الزواج ترتبط بسعي كل طرف لفرض قراره على الآخر، ومن هنا تظهر قيمة الضوابط المحددة سلفا، وحسم كل الأمور المعلقة قبل العلاقة مسألة مهمة ومطلوبة، طالما لا تتعارض مع الدين، ولا تنتقص من كرامة أي طرف وتجعل الحياة بسيطة وواضحة. ويخشى بعض الخبراء استسهال وضع شروط في عقود الزواج تتسبب مع الوقت في تحول العلاقة بين الرجل والمرأة إلى خصومة، ويصبح كلاهما رقيبا على الآخر، ما يهدد استقرار العائلة ويقضي على التناغم وتجنب المشكلات المستقبلية. المهم أن يكون للعقلاء في الأسر دور محوري عند تدوين شروط الزواج لتكون مرنة ومقبولة بعيدا عن التعجيز. والعبرة أن يتفهم الزوجان أن الشروط لا تضمن حياة هادئة، فمن الأهم أن تكون العلاقة قائمة على التفاهم والتضحية والتراحم والتشارك، والتنازل عن بعض أخطاء الشريك وتحاشي الوقوف عند الهفوات الصغيرة.

مشاركة :