الفن هذا الدرب المفتوح على العوالم في تعدد أحوالها وتلويناتها حيث الذات الحالمة بالسفر تجاه المعاني وفق نظر بعين القلب تقصدا للبهاء الكامن في العناصر والتفاصيل وتشوفا ورغبة في قول ما به تسعد الينابيع الطالعة منها ظلال الفنان وأنفاسه.. إنها لعبة البدايات حيث الذهاب نحو ما تمليه في الحل والترحال.. هكذا هي الكرة القائلة بالدواخل وهي تعلن حاجاتها الجمة نحو الجمال بل هي تعلي من شؤونه وشجونه في ضروب كثيرة من العبارة.. حيث التشكيل لغة وهنا نعني الفن البصري.. بل لغات تجمع شتات المعاني في كثير من عناء البحث والفكر والابتكار والأسئلة.. من هنا نمضي مع تجربة واءمت بين الإبداع الفني التشكيلي والبحث ضمنه بما يعزز من ممكنات الأداء في رحاب الفن مرورا بمحاولات جمالية وممارسات فنية وصولا إلى ما يتناسق مع الذات ومرادها في رحلة الفن، إلى جانب المراكمة من المعارف بما يفضي إلى المنجز من بحوث ودراسات.. وكتاب.. في هذا السياق نمضي مع تجربة الفنانة التشكيلية والباحثة الدكتورة عواطف منصور التي تنوعت مشاركاتها في الفعاليات الثقافية والفنية التشكيلية في تونس وخارجها سواء في المعارض الفنية الجماعية والشخصية أو في الندوات العلمية وغيرها من المجالات المعنية بالبحوث والدراسات منها المنشورة.. الفنانة عواطف منصور تواصل في هذا النهج الثقافي الإبداعي والعلمي الذي سعت من خلاله وضمنه إلى العمل على الإضافة بما يثري تجربتها التي بدأت معها منذ سنوات. في هذا السياق أصدرت الدكتورة عواطف منصور كتابها الأوّل الموسوم بـ"فن النسيج في تونس من خلال قراءة في تجارب الفنانين النساجين" عن دار خريّف للنشر، وهو كتاب مدعوم من "صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني" بوزارة الشؤون الثقافية التونسيّة، وقد قدّم للكتاب الأستاذ الجامعي بالجامعة الأردنيّة والفنان التشكيلي ورئيس رابطة الفنانين التشكيليين بالأردن سابقا وعضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب غازي إنعيم والتصدير للأستاذ الجامعي بجامعة صفاقس والفنان التشكيلي خليل قويعة والتوطئة للناقد المغربي والفنان التشكيلي وكاتب عام اتحاد كتاب المغرب.. والدكتورة عواطف منصور هي أستاذة جامعيّة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة منوبة، باحثة في جماليات وممارسات الفنون البصريّة وفي التراث الثقافي غير المادي، وفنانة تشكيليّة مختصّة في فنّي الخزف والنسيج، في رصيدها العديد من المعارض الفنيّة والجماعيّة بتونس وبالخارج. كما أنها شاركت في العديد من الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية بكل من مصر والمغرب وسلطنة عمان والجزائر... وقدمت العديد من المحاضرات في الفن والتراث والثقافة... لها أيضا العديد من المقالات والدراسات الثقافية والعلمية حول الفنون التشكيليّة والتراث الثقافي غير المادي، وهي محكّمة بعدة مجلات علمية دولية.. وبالعودة إلى الكتاب فإنّه كتاب علمي فنّي يثري المدوّنة الفنية في النسيج الفني، وقد وجّهت الدكتورة عواطف منصور عنايتها فيه إلى الكشف عن تاريخ فن النسيج ومروره من النفعي إلى الفني التشكيلي والتعامل النقدي الموضوعي مع مختلف الأسئلة والإشكاليات التي تثيرها مختلف التجارب التي ذكرتها في النسيج الفني على غرار تجربة الفنانين: حميدة وحّادة، صفيّة فرحات، محمّد نجاح، علي ناصف الطرابلسي، عمر العيفة كريّم، فاطمة الصامت، نجا مهداوي، فدوى دقدوق وغيرهم... اتبعت الأستاذة في كتابها الذي يعدّ الأول من نوعه في تناول هذا الفن، منهجية واضحة طرحت فيها نشأة النسيج وتطوّر مساره من النفعي إلى الفني دون أن تغفل عن ذكر تاريخ النسيج في التراث العربي، الغربي وتاريخ النسيج اليدوي في التراث التونسي، إلى جانب إثارة المصطلحات والمفاهيم التراثية والفنية والتشكيلية. كما بسطت التأثيرات العالمية والمحليّة في ميلاد النسيج الفني. وتطرقت إلى نشأة النسيج الحائطي/التشكيلي في تونس. لتترك المجال في الفصول الأخيرة إلى تحليل التجارب الفنية في النسيج الفني بتونس. وذيّلت الكتاب بتقديم مجموعة من صور منسوجات الفنانين وقائمة ثرية في البيبليوغرافيا المرجعيّة. وهذا يؤكّد أن الباحثة منخرطة في دائرة البحث عن أفضل السبل لإنجاز مدوّنة ثرية في حقل الفنون التشكيلية عامة والنسيج الفني خاصّة. هذا ويتميّز الكتاب بالكثافة من حيث الحجم والغزارة من حيث المضمون، ويعود ذلك لأهميّة الجهد العلمي والفنّي المبذول بحثا وتدوينا فضلا عن تعدّد المدوّنة المصورة. تجربة ثرية لعواطف منصور توجتها بنهاية عام 2023 ضمن نشاطها المتواصل بهذا المؤلف القيم ضمن الجماليات بحثا ودراسة مشيرا في اشتغالاته ومضامينه إلى فن النسيج في تونس من خلال قراءة في تجارب الفنانين النساجين وهو إصدار يعزز المكتبة التونسية والعربية في مجال الفنون الجميلة. وهنا تقول الفنانة عواطف عن تجربتها هذه مع الكتاب "أجمل ما حصل معي في سنة 2023 هو هذا المولود العلمي الذي اعتبره ابنا من أبنائي وهو كتابي الأول والصادر عن دار خريف للنشر والمدعوم من قبل صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني التابع لوزارة الثقافة، الموسوم بفن النسيج في تونس من خلال قراءة في تجارب الفنانين النساجين.. وأرجو لي ولكم أحبتي أن تكون سنة 2024 سنة موفقة ومكللة بالنجاحات والتألق على جميع الأصعدة.. ولا أنسى هنا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان والتقدير لدار النشر الفتية والشكر موصول لأساتذتي الذين شرفوني بكتابة التقديم: الأستاذ غازي انعيم أستاذ بالجامعة الأردنية، فنان تشكيلي، ناقد، ورئيس رابطة الفنانين التشكيليين بالأردن سابقا وعضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب... والتصدير للأستاذ والناقد والفنان التشكيلي خليل قويعة أستاذ الجماليات وعلوم الفن بجامعة صفاقس والتوطئة للأستاذ والناقد إبراهيم الحيسن الفنان والناقد التشكيلي والكاتب العام لاتحاد كتاب المغرب،... دمتم ودمنا لا نحيد عن الإبداع والرقي العلمي والثقافي والمعرفي الرصين...". هذا وتعد الفنانة الدكتورة عواطف منصور لعدد من الأعمال الفنية والمشاركات ضمن نشاطها الإبداعي والعلمي للعام الجديد 2024، فضلا عن جوانب العملية في الحياة الفنية التشكيلية على غرار الورشات بالملتقيات الفنية والمداخلات والبحوث.
مشاركة :