سعاد ازعيتراوي تثري اللغة وتنير الثقافة بـ'ضيف الأحد'

  • 2/13/2024
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الرباط - سعاد ازعيتراوي، اسم يتلألأ في سماء مديرية الأخبار بالقناة الثانية المغربية، كما تتألق النجوم في ليلها المرصع بأمجاد المحترفين، قطعت سعاد أشواطا طويلة داخل عالم الإعلام مليئا بالتحديات والتضحيات، لتصل إلى قمة النجاح بفضل عملها الجاد والمثابر على مدار سنوات عديدة. كانت تلك السنوات مليئة بالجهد والتفاني، حيث تولت سعاد مهمة المراسلة نقلت من خلالها قصص الحياة والواقع من أقصى القرى إلى أرجاء البلاد، دون أن يعتريها الملل أو ينال من عزيمتها، تجاوزت حدود الجغرافيا لتصل إلى قلوب الناس، بتغطيتها المتميزة للأحداث والقضايا. لم تكن سعاد إزعيتراوي مجرد صوت إعلامي، بل كانت قائدة لفريقها التقني، تفتح آفاقا جديدة للإعلام الوطني، وكانت أول من وطأت قدميها قرية إنفكو، في ظل فاجعة موت أطفالها بسبب شدة البرد، لتبقى علامة بارزة في سجل الإنجازات الإعلامية. بإرادتها الصلبة وروحها القوية، استطاعت سعاد إزعيتراوي أن تثبت أن الإرادة والعمل الجاد يمكنهما تحقيق المعجزات، وأن الإنسانية تبقى عنوانا لكل من يحمل راية الإعلام والتواصل. وفيما يلي حوار أجرته "ميدل ايست اونلاين" مع الاعلامية سعاد ازعيتراوي حول كل ما تقدمه في الشأن الثقافي: كيف بدأت رحلتك في مجال الصحافة الثقافية؟ بدأت منذ سنوات من خلال تغطية مجموعة من الأحداث الثقافية من ندوات ومهرجانات ومعارض تشكيلية ومعارض الكتب، وغيرها من الأحداث الثقافية والفنية في المغرب وخارجه، لكن التجربة تطورت واستوت على ما هي عليه اليوم مع إعداد فقرة "ضيف الأحد" التي تستضيف مبدعات ومبدعين في مجالي الثقافة والفن، فقرة "ضيف الأحد" موعد أسبوعي يبث في نشرة ظهيرة كل يوم أحد على القناة الثانية، أعتبره تجربة متميزة تعلي من شأن الحقل الرمزي، وتقرب الجمهور من مبدعين ومبدعات في مجالات ثقافية وفنية متعددة، وتجعل السؤال الثقافي مركزيا في أي تحول بالمغرب. ما الذي دفعك إلى الاهتمام بقسم الأخبار وتقديم البورتريه؟ قسم الأخبار كان فاتحة عملي بالقناة الثانية عام 2005، لم أغادره إلى اليوم، تنقلت في قسم الأخبار بين العمل في مركز القناة في بداية التحاقي بها والعمل كمراسلة ميدانية في مدينتي فاس والرباط ثم العودة إلى المقر بالدار البيضاء. فتقديم البورتريه فرضته طبيعة فقرة "ضيف(ة) الأحد"، بحيث يتم إعداد بورتريه وبثه أثناء الحوار مع الضيف في استوديو الأخبار. استهواني جنس البورتريه كثيرا ووجدت فيه متعة حقيقية، فهو تنقيب في سيرة الضيف الفنية والثقافية وإعادة صياغتها برؤيتي الخاصة، إنه فن يسمح لك بالدخول في العوالم الحميمية للمبدعين والمنشغلين بحقل الإنتاج الفني، فيه أحسست بتفجر طاقاتي في الإبداع وصقل تجربتي الصحافية. ما مدى أهمية دور الاعلام الثقافي في تشكيل وجدان المجتمع المغربي وخاصة في زمن التيكتوك؟ الإعلام الثقافي له دور كبير جدا في أي مجتمع كان، في المغرب ظهر الإعلام الثقافي في ستينيات القرن الماضي من خلال ملحق العلم الثقافي، تكررت التجربة في جرائد أخرى كالاتحاد الاشتراكي والبيان وأنوال، وكذا في التجارب الفرنكفونية للصحافة الحزبية أو المستقلة، التي كانت متعاطفة مع اليسار خاصة، إذ كانت تخصص حيزا هاما من صفحاتها للثقافة، بالإضافة للملحق الثقافي الذي يصدر أسبوعيا، كما ظهرت أيضا بعض المجلات الثقافية من أقدمها مجلة آفاق  ثم ظهرت أنفاس وأقلام ولامالف، وغيرها من المجلات، مجلة أوراق مثلا للكاتب محمد صوف، فعلى قصر عمر التجربة كانت ملاذا للكتاب الشباب آنذاك كمحمد شكري ومحمد زفزاف ومبارك ربيع، هاته المجلات الثقافية أنجبت كتابا وشعراء ونقادا وساهمت بشكل كبير في تنوير الحركة الثقافية بالمجتمع المغربي. وإذا ما تحدثنا عن البرامج الثقافية في الإعلام المرئي نجد بعض البرامج على قلتها كبرنامج مشارف للشاعر ياسين عدنان، وبرنامج صدى الإبداع وبرنامج الناقد للإعلامي أحمد زايد، وبرنامج المشهد الثقافي للشاعرة وداد بن موسى، هذه برامج على قلتها تحسها كمن يروي عطش ساحة جرداء، أما بخصوص ذكرك للتيكتوك وما أشباهه، يحضرني هنا مثل مصري يقول "عقلك في راسك إعرف خلاصك" الإغراءات المعروضة كثيرة وعلى المرء أن يختار ما يناسبه وما يشبع روحه وفكره.  كيف تعدين بورتريه فقرة "ضيف الأحد"؟ تبدأ العملية باختيار الضيف أولا، فضيوفنا من المجالين الثقافي والفني وبما أننا نقدم الفقرة في نشرة الأخبار فنحن نختار من الضيوف من لهم أخبار جديدة مثل إصدار أدبي، إخراج فيلم، عمل فني جديد أو الحصول على جائزة أو ما شابه، أي أننا لا نشتغل بشكل عشوائي، بل بالحدث الثقافي الحي، أي الأثر الأدبي بالمفهوم الصحافي، ثم أتصل بالضيف لتحديد أماكن التصوير وتحديد المتدخلين من أصدقائه وزملائه للإدلاء بشهادات في حقه. يكون البورتريه مطعما بالشهادات وبأرشيف الضيف إذا كان ممثلا أحضر أرشيفه مسبقا، عادة ما يكون متوفرا بالقناة بالإضافة إلى البحث عن الصور التي توثق اللحظات المهمة من مسار الضيف، إذ أبحث عن المتميز والجديد والطريف أيضا، إذ أن في البورتريه يجب أن يكون الصحافي عين وذاكرة الجمهور المتلقي. كما أقوم بنفسي بعد التصوير بتوضيب البورتريه وكتابته، وأحاول أن أبتعد في الكتابة عن عرض السيرة الذاتية بالشكل البيبليوغرافي التقليدي المتعارف عليه وأحاول أن تلامس كتاباتي روح الضيف.    هل تتبنين أسلوبا خاصا في لغة البورتريه تتناسب مع كل شخصية حسب فنها؟ لا أبدا، هي نفس اللغة في كل البورتريهات، لغة أدبية تضاف إليها بعض بهارات الشعر وما خزنه مقروئي وما يثير في الضيف والحدث الثقافي المقدم. حدثينا عن أبرز الشخصيات الثقافية التي أغنت بأدبها وفنها  بورتريهاتك؟ كان لي شرف إعداد بورتريهات لأسماء أدبية وفنية أقدرها كثيرا، أذكر هنا على سبيل المثال، المخرج والراقص لحسن زينون الذي رحل عنا قبل أيام فقط، فسيرة هذا الرجل نموذج في التحدي والإصرارعلى تحقيق الحلم مهما كلف الأمر، سيرة لخصها في سيرته الذاتية "الحلم الممنوع"، كما أن إعداد بورتريه عن الكاتب أحمد المرزوقي صاحب الرواية الشهيرة "الزنزانة رقم 10" كان فرصة طيبة حقا، والمرزوقي قضى عشرين عاما من عمره في سجن تزمامارت ومع ذلك يمنحك جرعة رهيبة من التفاؤل وحب الحياة. كما لم يكن سهلا إقناع عالم السيميائيات الدكتور سعيد بن كراد لاستضافته (بالمناسبة بن كراد درسني مادة السيميائيات في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس) فهو إسم وازن في مجاله على المستوى العربي وهو أيضا رجل يحب الاشتغال في الظل، أذكر هنا أيضا الكاتب والاعلامي عبد العزيز كوكاس الذي أعتبره قدوتي في المجال الإعلامي والأدبي والإنساني، والفنان الجميل يونس مكري الذي عشنا سنوات نستمتع بأغانيه الهادئة  قبل أن تبعده عنا السينما وتحرمنا من جديده الغنائي، اللقاء بيونس ميكري أعادني إلى الزمن الذي كنا نستمتع فيه بأغنية "ليلي طويل ويا مراية". فالجميل هو هذه الإحاطة بمسار الضيوف وإبراز بعض الجوانب التي يجهلها الجمهور، أنا بدوري  وفي رحلة البحث عن الضيوف اكتشفت بعض الأسماء ووقفت عند جوانب خفية من مسارها أثناء إعداد البورتريه، هي أسماء كبيرة لكنها تفضل الاشتغال في الظل ولا تسعى أبدا للظهور.  كيف يمكن للغة العربية الفصحى أن تثري تقديم البورتريه بأسلوب جميل كأسلوبك؟ أظن أن اللغة العربية الفصحى تمنح جمالية خاصة لأي تقرير صحفي كيفما كان نوعه، وأجد أن البورتريه يحتاجها بشكل خاصـ إذ ألمس ذلك في عيون ضيوفي بعد بث البورتريهات، ألمسها في رسائل المتابعين ل"ضيف الأحد" عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وجلهم من الوسط الثقافي والفني، كثيرا ما يعلقون على أسلوب البورتريه، وهذا يعكس رغبتهم في سماع اللغة العربية الفصحى. من هم الشخصيات أو الأحداث التي تلهمك في عملك الصحفي؟ تلهمني الشخصيات العصامية، تلهمني الشخصيات المتواضعة أيضا   والشخصيات الحكيمة أجد نفسي منبهرة بها، ويعجبني كثيرا الاشتغال مع الضيوف الكبار في السن، أحب أن أرى عمرا من التجارب ملخصا في كلامهم في حكمتهم، ونظرتهم للواقع وللآن. هل تخططين لتطوير أساليبك وتقنياتك في تقديم البورتريه؟ هو ليس تخطيط بقدر ما هو ضرورة، كلنا مطالبون بذلك، كل واحد من منصبه ومكان اشتغاله، فكيف لنا أن نتقدم دون تطوير أساليبنا وتقنياتنا، فالبورتريه الذي أعددته قبل ست سنوات أكيد لا يشبه مطلقا الذي أعده الآن، هناك تغيير من ناحية الأسلوب ومن ناحية طريقة الإلقاء، وحتى من ناحية الحيز الزمني المخصص للبورتريه. هل يوجد مشروع أو فكرة خاصة تعملين عليها حاليا في مجال الصحافة الثقافية؟ نعم لدي فكرة برنامج ثقافي جديد مازالت تنتظر فرصتها، لعل القادم أجمل لنتسلح بالتفاؤل، لأننا في بلد غني ثقافيا اسمه المغرب، وهبه الله هذا الثراء المتجذر في تاريخه، فالفن مثلا في شمال المغرب يختلف عن جنوبه وشرقه يختلف عن غربه، بلد يغري بإعداد الكثير من البرامج الثقافية، وما هو موجود بإعلامنا قليل جدا، يستحق المغرب برامج  ثقافية من طراز رفيع المستوى.

مشاركة :