• ما الذي يجعل مشهداً صغيراً لأب يعاقب أبناءه بطريقة فيها شيء من الحزم والتجاوز اللفظي يحقق كل هذا الانتشار الكبير؟!. ولماذا كل هذا التفاعل الإعلامي والشعبي مع مشهد عادي كهذا؟!. أتفق مع من يقولون أننا شعب محب للـ(طقطقة) و(الوناسة) بسبب وبدون سبب، وأن هذا المشهد الذي اخترق خصوصية أسرة سعودية تقليدية وقدَّم قصة كاملة بطريقة غير مسبوقة كان مجالاً خصباً لإلهاب خيالات (المطقطقين) وإشعال مواهبهم.. لكن رغم هذا التبرير لازال السؤال قائماً: مئات المشاهد تطرح يومياً على الإنترنت، فلماذا أشعلت (عصا معيض) - التي وصل سعرها إلى 5 آلاف ريال - كل هذا التفاعل بين الناس؟. • أظن -وليس كل الظن إثماً- أن لعدم رضا الناس عن كثير من أمور حياتهم التربوية تحديداً، وحنينهم للقسوة الرحيمة للأجيال السابقة دوراً في هذا التفاعل الكبير.. كما أن ما يشاهدونه في بعض الجهات الخدمية من إهمال وقصور، وحاجة البعض منها للضبط والربط والصرامة يعد أيضاً من أكبر أسباب الإعجاب بمعيض وعصاه.. لا أقول هذا تخرصاً بل من خلال قراءة إحصائية قمت بها لعينة من ردود المغردين في تويتر كشفت أن أكثر من نصف العينة (52%) كانت تطالب بـ(خيزرانة معيض) لتعديل الحال وضبط الأمور في التعليم والصحة والبلديات وهيئة الفساد ومراقبة الأسواق والأندية واتحاد الكرة وهلم جرا. • المضحك والعجيب في آن معاً أن المطالبات الشعبية بجلد جهات بعينها، واتهامها بالتقصير وضعتني أمام تساؤل محير: أليس مَن يدّعون المثالية في وسائل التواصل ويتهمون جهات معينة بالإهمال مطالبين بجلدها هم مَن يديرون في نفس الوقت جهات أخرى يتهمها آخرون بنفس التهم؟! • ما علينا.. لاشك أن ثمة أوجه قصور في العديد من الخدمات المقدمة للمواطن.. لكن الانضباط وتحسين الأداء ومكافحة الفساد والإهمال الوظيفي لا تحتاج لعصا، ولا حتى لسن قوانين وأنظمة جديدة، لدينا من الأنظمة ما يكفي، كل ما نريده هو تفعيل هذه القوانين، والعدل في تطبيقها في تلك القطاعات. m.albiladi@gmail.com