هل تراجع نفوذ الاتحاد التونسي للشغل خارج عن الإرادة؟

  • 1/22/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

- يرى مراقبون أن نفوذ الاتحاد العام للشغل، أكبر منظمة نقابية بتونس، يشهد تقلصا منذ أن شرع الرئيس قيس سعيد في إجراءاته الاستثنائية في عام 2021 - عضو المكتب التنفيذي للاتحاد سامي الطاهري: الاتحاد يتجنب التصادم؛ لأن البلاد لا تحتمل، لكنه لن يقبل بتواصل "تدمير وتفكيك الدولة"، وإن اضطر إلى خيار التصادم فلن يتردد، ولا يوجد خوف أو ملفات بيد السلطة تدين الاتحاد - رئيس حزب العمل والإنجاز المعارض عبد اللطيف المكي: حدث تراجع لدور الاتحاد منذ يوليو 2021 (الإجراءات الاستثنائية).. السلطة لا تؤمن بالأجسام الوسيطة.. ونحتاج إلى منظمات ونخب وإعلام حر وأحزاب - العضو السابق في جامعة الفلاحة التابعة لاتحاد الشغل رشيد النجار: أطراف دخلت المنظمة لها ارتباطات وسياسات وتعليمات وعلى الاتحاد التمسك بالاستقلالية حتى لا تجد السلطة ثغرة وتتهمه بالتسييس مرّت السبت الذكرى 78 لتأسيس الاتحاد العام للشغل، أكبر منظمة نقابية بتونس، في 20 يناير/ كانون الثاني 1946، على يد الزعيم النقابي فرحات حشاد، الذي اغتالته فرنسا البلد المستعمر بمدينة رادس جنوب تونس العاصمة في 5 ديسمبر/ كانون الأول 1952. والاتحاد هو أقوى منظمة مدنية تونسية، ويضم ما لا يقل عن 80 في المائة من موظفي الدولة، وتأسس قبل 10 سنوات من استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي. ويتهم منتقدون الاتحاد بمحاولة إمساك العصا من المنتصف، في ظل توقيفات لشخصيات، بينهم نقابيون، وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، فيما طرح الاتحاد مع مكونات أخرى من المجتمع المدني أواخر عام 2022 مبادرة لحوار وطني، وحشد احتجاجات ضد بعض سياسات رئيس البلاد قيس سعيد. لكن سعيد رفض هذه المبادرة، قائلا إن "الحوار يتم في البرلمان، وهي مهمة المشرّع المتمّثلة في المصادقة على مشاريع القوانين". ويرى مراقبون أن نفوذ الاتحاد برز بعد ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011)، ولكنه يشهد تقلصا منذ أن شرع سعيد في إجراءاته الاستثنائية في يوليو/ تموز 2021. وقال مسؤول في الاتحاد للأناضول إن الاتحاد "يتجنب التصادم"؛ لأن البلاد "لا تحتمل"، لكنه لن يقبل بتواصل "تدمير وتفكيك الدولة"، وإن اضطر إلى خيار التصادم "فلن يتردد"، نفيا وجود حالة خوف أـو ملفات بيد السلطة تدين الاتحاد. وفي حين أكد سياسي معارض وجود تراجع في دور الاتحاد منذ عام 2021، متهما السلطة بأنها لا تؤمن بالأجسام الوسيطة، أكد نقابي سابق ضرورة أن يتمسك الاتحاد بالاستقلالية حتى لا تجد السلطة ثغرة وتتهمه بالتسييس. دور الاتحاد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد سامي الطاهري قال إن التأسيس "ذكرى عزيزة علينا، و 78 سنة تاريخ عريق من النضال والتحرك الاجتماعي والتأثير على المستوى الوطني ومن الأدوار المختلفة التي لعبها الاتحاد". وأضاف الطاهري للأناضول أن "الذكرى تتميز هذا العام بمؤشرين كبيرين، الأول حرب الإبادة الواقعة في فلسطين ضد الشعب الفلسطيني من قِبل الكيان الصهيوني (إسرائيل) والقوى الأمريكية والبريطانية والأوروبية". وتابع: "أما الثاني فهو الوضع الداخلي في تونس الذي تأثر بأزمة امتدت منذ 2021 إلى الآن وكانت لها تبعات على مستوى شلل الحياة السياسية وتدهور الوضعين الاقتصادي والاجتماعي". وفي يوليو/ تموز 2021، شرع سعيد في إجراءات استثنائية، بينها حل مجلسي القضاء والنواب وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية في وقت لاحق من العام الجاري. وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011". الطاهري قال إن "الحرب على غزة والوضع الداخلي يجعلان من دور الاتحاد ذو أهمية ونحن نحتفل بالذكرى تحت شعار "الاتحاد في خدمة المقاومة في فلسطين" كما كان منذ 1948 وسيواصل على هذا، باعتبار أن هذه القضية هي القضية الأم والرئيسة للتونسيين وأغلب العرب، ما عدا النظام الرسمي العربي". وأضاف أن "الاتحاد سيلعب دوره في توضيح الأزمة التي تعيشها البلاد وطرق حلها ومن أهم السبل هو الحوار الوطني والتشاركية بين كل مكونات المجتمع؛ فهذه أزمة داخلية وإقليمية وعالمية لا يمكن الخروج منها برأي واحد وفكر واحد". ومشددا على أهمية الاتحاد، أردف الطاهري: "جاء الوقت ليعي الجميع أن هذه الأزمة لابد أن نخرج منها مشتركين، وهنا يأتي دور الاتحاد في أن يقنع ويؤثر كي تحاول السلطة والمعارضة ومكونات المجتمع المدني أن تجد حلولا للأزمة". خيار الصمت وبشأن ما يعتبره مراقبون تراجعا لدور ونفوذ الاتحاد بعد إجراءات سعيد الاستثنائية، قال الطاهري إن "الحديث عن صمت الاتحاد فيه ما يمكن أن يكون صحيحا". وأوضح أن "الاتحاد اتخذ استراتيجية تجنب التصادم، ليس خوفا أو كما يُقال أن هناك ملفات (بيد السلطة تدينه)؛ لأنه لو كان للسلطة أي ملف لما ترددت في استخدامه ورقة ضد الاتحاد.. نحن نتجنب التصادم؛ لأن البلاد غير قادرة على تحمل أي تصادم". ولكن هذا الموقف ليس نهائيا من جانب الاتحاد، إذ قال الطاهري: "الوضع لا يحتاج إلى مثل هذا الخيار (التصادم)، وإن اضطررنا إلى ذلك لن نتردد، دفاعا على النفس وعن تونس". وتابع: "لا نقبل أن تتواصل هذه الشعبوية وتدمير وتفكيك الدولة، بدعوى البناء القاعدي والشركات الأهلية، وبدعوى رؤى حتى أصحابها لا يفهمون منها شيئا ." و"نأمل أن تكون أزمة وتمر وقوس ويغلق في هذا البلد دون أضرار كثيرة ودون تبعات وارتدادات قد تؤدي إلى احتراب أردنا تجنبه"، كما أردف الطاهري. الأجسام الوسيطة "أكدت لي قيادات في الاتحاد أنه لا توجد ملفات (تدينه)، وإن وجدت فهي ضد أشخاص وليس المنظمة".. هكذا قلل رئيس حزب العمل والإنجاز وعضو جبهة الخلاص الوطني المعارضة عبد اللطيف المكي من إمكانية وجود مثل هذه الملفات. المكي تابع في حديث للأناضول: "بالتالي لا يمكن أن تؤخذ هذه الآراء بعين الاعتبار، وهي موجودة في قيادة مَن يريد جر الاتحاد إلى المساندة التامة الشاملة لما يجري الآن باسم مساندة 25 جويلية (الإجراءات الاستثنائية)، وهذا سيضر بالاتحاد". وأردف: "مثلما حصل، حين تم جر الاتحاد إلى مساندة الحزب الاشتراكي الدستوري، واضطر (النقيب الحبيب) عاشور رحمه الله أن ينفصل من المكتب السياسي للحزب الدستوري (ديسمبر/ كانون 1977 قبيل تصادم مع النظام في 26 يناير 1978 يُسمى بـ"الخميس الأسود" لكثرة الضحايا)، وكان لذلك ثمن محاكمات وسجون". المكي استدرك: "لكن الاتحاد وضع على سكة الاستقلالية، ويجب أن يوجد نفس تفكير التيار الديمقراطي المستقل، أو ما يُسمى "العاشوريين" (...)؛ لأننا جميعا بحاجة إلى منظمة تمثل الطرف الاجتماعي للحديث معها وللتشاور في إنجاز المنوال التنموي والاجتماعي والاقتصادي". وبالنسبة لموقف السلطة من الاتحاد وغيره من منظمات المجتمع الدني، قال المكي إن "السلطة لا تؤمن بالأجسام الوسيطة، وبالتالي تهاجمها جميعا، رغم أن التنسيقيات التابعة لسعيد هي أجسام وسيطة". واعتبر أن "النظام الذي يريده قيس سعيد هو غطاء ورقة توت لحكم الفرد، مثل المجالس (المحلية) التي تُنتخب بترشحات فردية (...) السطلة لديها فلسفة كاملة تؤدي إلى استهداف الأجسام الوسيطة الأكبر فالذي يليه". ومقرا بـ"تراجع دور الاتحاد بعد يوليو 2021"، أضاف المكي أن "المنظومة السياسية متكونة من "الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة والمنظمات الوطنية الكبرى والمجتمع المدني والإعلام والنخب" وأضاف أن "الاتحاد كان يلعب دورا في هذا الإطار، والأكيد صارت تجاوزات من الجميع من الأحزاب من المنظمات من الإعلام ومن النخب.. ونحن بحاجة إلى منظمات ونخب وإعلام حر وأحزاب، ولابد أن نراجع وأن نطور لتكون المنظومة الديمقراطية ناجحة". استعادة الاستقلالية أما رشيد النجار، وهو عضو سابق في الاتحاد الجهوي وجامعة الفلاحة التابعة لاتحاد الشغل، فقال للأناضول إنه "لابد للاتحاد أن يتحلى بالحكمة تجاه الوضع الحالي، ولنا في تاريخ الاتحاد حكماء مثل الحبيب عاشور رحمه الله". وأضاف النجار أن "القيادة الحالية (للاتحاد برئاسة نور الدين الطبوبي) شابة وفيها خليط سياسي وهناك أطراف دخلت المنظمة لها ارتباطات وسياسات وتعليمات ونود أن يفكروا في الاتحاد واستقلاليته.. على الاتحاد التمسك بالاستقلالية على عهد الزعيم الحبيب عاشور". النجار أردف: "في عهد السحباني (إسماعيل السحباني تولى الأمانة العام للاتحاد بين 1989 و2000)، تم بالاتفاق مع السلطة على إزاحة كل النقابيين المستقلين، وهذا خلق فراغا، وسمح لليسار وبعض القوميين بأن يتحصلوا على مناصب في الاتحاد، كما هو الحال اليوم". ومضى قائلا: "نتمسك بالاستقلالية حتى لا تجد السلطة ثغرة تتهم بها الاتحاد بالتسيس"، مضيفا أن تراجع دور الاتحاد "أمر خلقته السلطة باتهاماتها للاتحاد، وهو لا يتعلق بتراجع، بل بركود". و"دائما يعود الاتحاد في كل الأزمات منتصرا وأقوى.. الاتحاد له تاريخ وجذور شعبية وتأييد من كافة مكونات المجتمع في تونس"، كما ختم النجار. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :