صباحاً، وقبل أن يستيقظ أهل بيتها، تصحو الفتاة الفلسطينية، هبة الشرفا، نشيطة لتعد حاجياتها في انتظار السائق الذي يقلها إلى الجمعية، التي تقضي فيها حتى المساء، وقتاً تصفه بالجميل، في تدريس الأطفال، وتطريز الأثواب وقطع القماش. في جمعية الحق في الحياة الواقعة على الحدود الشرقية لمدينة غزة، التي تختص بتأهيل مصابي متلازمة داون وذوي الإعاقة، توجد الشابة (هبة) يومياً منذ التحاقها بها في سن الرابعة، لتصبح نموذجاً للحياة والتآلف والعمل، بعيداً عن نظرة المجتمع وتساؤلاته. نموذج في جمعية الحق في الحياة، الواقعة على الحدود الشرقية لمدينة غزة، التي تختص بتأهيل مصابي متلازمة داون وذوي الإعاقة، توجد الشابة (هبة) يومياً منذ التحاقها بها في سن الرابعة، لتصبح نموذجاً للحياة والتآلف والعمل. تشابه التشابه في الظروف والإصابة بيني وبين أولئك الأطفال، مكنني من إتمام مهمة تدريسهم بنجاح، فأنا أشعر بهم، وأتفهم احتياجاتهم أكثر من أي شخص آخر. هبـة لا تحتــاج إلى مساعدة أحد تربُّع الشرفا على عرش التميز ليس جديداً عليها، فهي لم تشبه أحداً من المصابين بإعاقتها منذ أن كانت طفلة، حيث كانت تصنع كل ما تريد في الوقت الذي تشاء من دون تدخل من أحد، وذلك بحسب والدتها أم رائد الشرفا. وتقول والدة هبة مع ابتسامة هادئة على وجهها إن (هبة) لا تحتاج إلى مساعدة أحد، وتمتلك قدرة الاعتماد على ذاتها والاهتمام بشؤونها، فرغم انشغالها بالتطريز أغلب الأحيان، إلا أنها تعلمت القراءة والكتابة حتى أصبحت مدرسة، كما تنشر الملابس وتطويها بنفسها، وتطهو الطعام وتعد القهوة بيديها. وتضيف عند ولادتها لم يكن واضحاً أنها مصابة بالمتلازمة، لكن بعد تسعة أشهر اكتشفت إصابتها، وكان هذا الخبر مريراً، لكن رغم تأخرها في المشي والنطق، إلا أنها لا تعاني من مشكلات في القلب، مثلاً، كالتي يعانيها مصابو متلازمة داون. هبة الشرفا (26 عاماً) من عائلة متواضعة تقطن في حي تل الهوى الواقع بالمنطقة الغربية لمدينة غزة، مصابة بمتلازمة داون، وهي حالة تصيب الأطفال منذ ولادتهم، نتيجة خلل في الجينات الوراثية، يحدث في مرحلة مبكرة قبل الولادة. إصابة هبة بذلك المرض لم تُعقها عن التطور والتميز، بل قهرته قبل أن ينل منها، لتصبح أول معلمة من المصابين بمتلازمة داون، بعد أن انتقلت من الدراسة إلى تدريس الأطفال المصابين بإعاقتها ذاتها. الإمارات اليوم التقت (هبة) داخل أحد الفصول الدراسية بجمعية الحق في الحياة، حيث كانت تتنقل بين الأطفال المصابين بمتلازمة داون من كلا الجنسين، شارحة لهم الدروس بطرق سلسة تتناسب مع قدراتهم العقلية، فهي تعد الأقرب إليهم، والأقدر على تعليمهم، كونها عاشت التجربة ذاتها عندما كانت في أعمارهم. وتقول (هبة) مبتهجة إن تدريس المصابين بمتلازمة داون هو أجمل أمنياتي التي حققتها، لقد سعيت منذ الصغر إلى الجد والاجتهاد، وحصد أعلى الدرجات، لأدرس الأطفال، وأساعدهم على تحقيق طموحاتهم، وتطوير ذواتهم. وتضيف إن التشابه في الظروف والإصابة بيني وبين أولئك الأطفال، مكنني من إتمام مهمة تدريسهم بنجاح، فأنا أشعر بهم، وأتفهم احتياجاتهم أكثر من أي شخص آخر. وتساعد الشابة (هبة) الطلاب والطالبات في إنجاز خططهم الفردية للدراسة، وتوفر لهم أدوات مساعدة كالكرات الصغيرة اللينة، والطينة الشمعية التي تمكنهم من القدرة على الكتابة بشكل سليم. وتقول المعلمة الأولى من متلازمة داون وهي تمسك طابة صغيرة تساعدها على شرح الدروس لطلبتها يستوعب الأطفال المعلومات بطرق سريعة، ويتفاعلون داخل الفصل الدراسي، فالجميع يشارك في النقاش وتفسير الدروس، حتى تصل إليهم بالأسلوب المناسب. ولم يقتصر تقدم الشابة (هبة) الصفوف الأولى على التعليم فقط، فهي تبدع في إنتاج المشغولات اليدوية، وتطريز القطع القماشية. وعن ذلك يقول مدير البرامج في جمعية الحق في الحياة، نبيل جنيد (هبة) تمتلك قدرات هائلة على تطريز الأثواب الصغيرة، والحقائب المنزلية، والقطع القماشية التي تستخدم للزينة، حيث ترسم عليها أشكالاً هندسية، ورسومات من مطرزات التراث الفلسطيني.
مشاركة :