ليس اللافت وجود الشابة «هبة الشرفا»، يومياً في جمعية بقطاع غزة ترعى المصابين بـ «متلازمة داون»، كونها مصابة بها. لكن المثير للانتباه، هو أنها تعمل كمساعدة معلمة في جمعية تهتم بهؤلاء المصابين. وبصوت جهوري تشرح الشرفا (27 عاما) لطلبتها أبجديات اللغة العربية، وتردد على مسامعهم عدة كلمات يعيدون تهجئتها من خلفها، مرة أخرى. وتقود الشرفا -التي تعتبر أول مساعدة معلمة في قطاع غزة تعاني من متلازمة داون- فصلها الدراسي في جمعية «الحق في الحياة» الخاصة بهؤلاء الذين يعانون من هذه الحالة شرق غزة، بقوة وحزم، كمثيلاتها من المعلمات الأصحاء. وتخرج كلمات الشابة من فمها بطلاقة، على عكس الأشخاص الذين يعانون من نفس المرض، فحروفهم وأصواتهم عادة لا تكون مسموعة ومفهومة بشكل واضح. ومرض «متلازمة دوان» يولد به الطفل، ويتمثل في ضعف القدرات الذهنية والنمو البدني، وشكل مختلف للوجه. وعلى سبورة الفصل، ألصقت الشرفا، لوحة تعليمية تحوي رسومات تجسد الكلمات الموجود فيها. وتشير الشرفا بعصا صغيرة إلى كل رسمة في اللوحة، وتطلب من بعض التلاميذ قراءتها وكتابتها. وبدأت هبة ارتياد الجمعية منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، ثم أصبحت مدرسة في نفس المكان. وتتولى شؤون الطلبة بشكل كامل، في حال غياب المعلمة الأساسية، وتشرح لهم موادهم المختلفة، في اللغة العربية والرياضيات، والعلوم الحياتية والعناية بالذات. وتقول هبة لوكالة لأناضول: «أعمل مساعدة مدرسة، أشرح للطلبة جميع المواد، وأساعد معلمتي في كل ما ترغب». واستدركت: «العمل في مجال التعليم شيء جميل، أشعر بالسعادة وأنا أشرح للطلبة دروسهم، وأساعدهم في التعلم رغم الحالة الصحية لهم». ولا تواجه الشرفا صعوبات في عملها كما تقول، مضيفة: «أعامل الطلبة كأم حنون، ونحن جميعا في الفصل أصدقاء، فأنا أدرس معهم أيضاً». وترى الشرفا أن عملها كمدرسة ليس صعبا عليها؛ لأنها تعاني من نفس المرض الذي يعاني منه طلبة الجمعية، فهي بذلك أقدر على فهم احتياجاتهم. وتحلم المعلمة المساعدة، بأن تصبح مدرسة أساسية للفصل، وهي متحمسة جداً لذلك كما تقول. وتضيف: «في عقلي العديد من الخطط التي سأنفذها عندما أصل إلى وظيفتي الجديدة». نوال بن سعيد المعلمة الأساسية التي تعمل هبة تحت إشرافها، تقول إنها اختارتها لمساعدتها في عملها، لما رأته فيها من قدرات عديدة ومميزة. وتعتبر بن سعيد التي تعمل في الجمعية منذ 17 عاماً هبة «حالة نادرة، لديها حب التعليم والتعلم بشكل كبير، واثقة من نفسها وفتاة قوية، وتستوعب المعلومات بشكل سريع». ومتحدثة للأناضول تقول: «عندما تغيبت عدة مرات عن الجمعية، كانت هبة تسد مكاني بشكل جيد». من جانبه، يقول نبيل جنيد مدير دائرة البرامج التأهيلية في الجمعية: «هبة طالبة متميزة ومن الحالات النادرة، وسبب وصولها لهذه المرحلة أن قدراتها العقلية والجسدية مناسبة». ويتابع: «أنشأنا فصلاً دراسياً يضم 7 طلبة، لتأهيلهم ليصبحوا مساعدي معلمين على غرار هبة، وخلال عام أو اثنين سيكونون مثلها». وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الأشخاص المصابين بمتلازمة داون في الضفة الغربية وقطاع غزة، يبلغ نحو 4 آلاف حالة من أعمار مختلفة.;
مشاركة :