بإمكان العقل الإنساني أن يتحمل كثيراً من الحقيقة، لكنة لا يستطيع احتمال الكثير من الغمّ المتقطع. (مارغريت درابل) مازلنا أمام تداعيات الحياة نختبر مشاعرنا التي غابت وتوارت خلف بشريتنا المصبوبة في قوالب شمع ما أن تمسنا حرارة تلك التداعيات حتى تنصهر لتفارقنا. هذا اليوم سوف أرش قليلاً من مبشور الصدق على كعكة المبادئ. تجردت من عقلي وقناعاتي بأن الحياة إما لونا أسود كفنجان قهوتي هذا الصباح، أو لونا أبيض ناصعا كالغيم. وخارج خرائط الحياة، ومثلثات البشر نحن ننزع بطبيعتنا الخائفة إلى الوسط، ما بين الخيط الأبيض، والخيط الأسود، فنعلق كغبار رمادي فلا نستطيع فكاكاً من أنفسنا. إنك إنْ تعاند قناعاتك معناه أنْ تخلع ثيابك التي اعتدت عليها، وفصلت على مقاسك إلى لبس ثياب أخرى قد تكون ضيقة حد الاختناق، وقد تكون فضفاضة لا تناسبك لأنها ليست لك في الأساس، وستظل قلقا طالما أنك ترتديها. فنحن البشر قد نكون قبيلة من الحزن، أو كتائب من الفرح، بداخلنا سهول وهضاب من قلق وعناد وحب وخبث ولؤم وطِيبة، فبعضنا يحب أن يتحدث إلى الغيمات ويتسلق المطر، وبعضنا الآخر ينزع إلى الأساطير ويدخل فيها، ويقتنع بها، ويصبح كأن له ثلاثة آلاف سنة من الخبرة والدراية مع أنه لا يحمل أي شيء منهما. في الواقع نحن لسنا أصدقاء بعضنا في هذه الحياة، فلا نتفيأ ظل الصداقة في قائظٍة من لهيب الحياة، وعند فرحنا لا نكون هناك لنشد على كتف بعضنا، أو نغطي أجسادنا بمفرش الود والحب عند المرض، والأكيد أن بعض البشر يسكنون القلب دون أن نعمل لهم تحميلا يدمرون كل ملفات الحزن السابقة، ويعملون مسحا لكل شيء من أجل أن يكونوا هم فقط الموجودين بذاكرتك، فيتسللوا كاللصوص ويرقصوا كالغجر، يمطرونك بطيبتهم، ويطمئنونك بضحكة أعينهم، ولطافة أرواحهم وابتساماتهم القزحية، وكأنهم يوزعون الغاردينيا على روحك كل صباح. بعض البشر يوقظ حواسك النائمة، يجلبك من بئر الوحدة إلى نهر الجموع، ينعش ضجرك الدائم، يلازمك كالضحكة الهاربة بين الغيمات، ومعهم ترى الأشياء نائية هادئة، بلا زيف، وتعود معهم كأنك طفل يلبسك البياض ويطوقك الصدق. أتساءل لماذا يفشل بعض البشر في استحضار الفرح إلى مائدة حياته، ولماذا نحن دائما مأزومون ومهزومون حيارى؟! لماذا لا نحاول أن تسكننا السعادة، وما معنى أن يكون اسم صديقتي هو فرح فيما قلبها مليء بالحزن، أليس لكل إنسان نصيب من اسمه؟ *حقيقة بيضاء: الودّ المزيف، أسوأ من العداوة العلنية. writerzainab000@gmail.com
مشاركة :