ينشغل دائما السعوديون عند أي زيارة رسمية عالية المستوى بوسائل الاعلام وما تطرحه من قناعات صادقة او غير ذلك، الامر الذي يجعل التغطية الاعلامية هي كل شيء، والمقياس الذي تختبر فيه نتائج الزيارة. على مدى سنوات طويلة في التعامل الرسمي السعودي مع وسائل الاعلام العربية اكتسبت الدبلوماسية السعودية خبرة مميزة في التعامل مع الاعلام ومعرفة الكتاب والصحفيين بالاسم ولحساب من يعملون، ولكن على الطرف الآخر "الصحفيون العرب" يخفون عن المسؤولين العرب الذين يعملون لحسابهم معرفة السعوديين بأهدافهم وتوجهاتهم وطريقة عملهم الصحفي، هذه الخبرة وضعت السياسة السعودية في موقع من يعرف كل شيء لكي لا يحرق كل شيء. المملكة ومصر تجمعهما علاقات استراتيجية راسخة لا يهزها الاعلام ولا تستطيع قناة فضائية او صحفية ان تأخذ منها، لذلك كانت علاقاتهما قائمة على بعد سياسي وتاريخي، وليس اعلاميا.. فبعد هزيمة 67، كان الاعلام العربي يهاجم الملك العظيم فيصل، بينما هذا الفذ تجاوز الاعلام واقترب من مصر وقدم الدعم المالي والسياسي، لانه يعلم ان هزيمة مصر هزيمة لبلده، وفي حرب النصر 73، راهن بعض الصحفيين العرب على امتناع المملكة عن استخدام سلاح البترول فخسروا رهانهم، في 2006 عندما غرقت عبارة السلام وكثف الاعلام هجومه على المملكة، مد يده الراحل الملك عبدالله وقدم عبارتين عاليتي الصنع والتجهيز هدية للشعب المصري. العلاقة الاستراتيجية بين البلدين دائما ما تجد تميزها عند المواطن المصري العادي أكثر من الاعلام، فالحقيقة التي يجب ان توضح في مناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، ان الشعب المصري الشقيق دائما ما يتفوق على اعلامه في الدفاع عن صلة بلده بالمملكة، فالانسان المصري سواء أكان بسيط التعليم او عالي التجربة يمتلك مصداقية ونزاهة لن تجدهما في اعلامنا العربي، أذكر عند وفاة الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله أقام افراد بسطاء من الشعب المصري سرادق العزاء بعيدا عن الاعلام تعبيرا صادقا عن مواساتهم لاشقائهم في المملكة، بينما ذهب الاعلام العربي في نسج الكذب والادعاءات لتشويه الصورة. شعب مصر هو الرصيد الحقيقي للعلاقة الاستراتيجية واي تغيير في هذا الاعتبار يعد تجاوزا غير شريف على محبة المصري للسعودية، لذلك كان قادة المملكة يولون هذه الحقيقة اهتماما مستمرا وغير مقطوع. السياسة قد تتغير والاعلام ربما يتحيز، ولكن شعب مصر ثابت لا يتغير وقربه من السعودية قرب هوية وإيمان، فتحية صدق لهذا الشعب العظيم.
مشاركة :