الشعب والربيع والرئيس - د.مطلق سعود المطيري

  • 7/27/2013
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن دول الربيع العربي عاجزة اليوم عن إبداع حل يضمن لها استقرارها، ويبلغ بها إلى الغايات العليا للثورة، التي بنيت عليها من كرامة إنسانية، ومستوى عيش جيد، وعدالة اجتماعية، وحرية.. وهنا يبرز سؤال حيوي يوجه لظروف الإنسان العربي، وليس لذاته: هل المواطن العربي في تلك الدول الذي عرف حاجاته جيدا وباع نفسه من أجل الحصول عليها عاجز عن ابتكار حل آمن للوصول إليها؟ وسؤال الظروف يتطلب معرفة واعية بالظروف التي انتجت الاحتياجات والمشاكل، وعجزت عن انتاج حل لها، تلك الظروف التي شكلت حياة الإنسان العربي مثلما يحول منشار النجار الخشب الى كرسي وسرير.. فهذه الظروف هي فعل الزمن من جريمة واقصاء ومتاجرة بالدين، وقمع ورشوة، فأينما اتجهت تجد حياة الإنسان تقتاد على حياة الإنسان الآخر، فالثورات العربية هي ثورة الإنسان على طبيعته اللا آدمية.. وعندما أراد تغييرها لم يجد أمامه سوى طريق واحد للتغيير وهو تغيير ذاته بذاته، وذلك أمر لا يستطيع عليه صبرا، ولحل اشكالية ابعاد نفسه عن الحل للوصول إلى حل يضمن له تأمين حياته من قمع يده ولسانه، رمى الاشكالية على صورة الحكم الذي صنعها بمنشاره، وأصبح حاله مثل حال العرب بالجاهلية يصنعون آلهتهم أو أصنامهم من التمر وإن جاعوا أكلوها. فمن غباء ثورات العرب ووحشيتها أن جعلت الشعوب قربانا لأقدار خلاصها، وأبعدت القيادات الوطنية عن مشهد حراكها، فتحول رمز الثورة من الانسان الى فعل الثورة، فالظروف التي صنعت زعماء جددا للثورة من مغيبين ومراهقين تريد ثورتهم أن يتحولوا لاصنام يعبدون وهم لا يريدون الشعوب أن تأكلهم. فعرب الثورة ستبقى شعوب ثورة لا تعرف الاستقرار، إلا إذا تغيرت ظروف الثورة وتغييرها يعني العودة إلى الوراء، وهذا أمر يرفضه الإنسان الثائر، فالعودة الى ما قبل الثورة يجعل نجاح الثورة مرهونا بشراء بضاعة ابليس الذي لا يبيع إلا مايبعد عن رحمة الله ومغفرته. الثائر العربي يريد أن يمزج طهارة الدين بدنس السياسة، لتكون آيات الله المنزلات التي تخرج الناس من الظلمات الى النور - حسب منظوره - أداته لشراء بضاعة ابليس من قمع وقتل وهلاك، فشيطان الثورات العربية لم يكتف بالوسواس ولكنه أصبح يسوس، بعد أن اقتنع انسان الثورة أن فعله كله لله وللوطن. فشيطان الثورة تربع على ميدان الثورة وكل ما حوله هم خدم له - عرفوا أولم يعرفوا -، فلننظر بماذا يوجه الشيطان من أتبعه.

مشاركة :