افتتاحية: كويت السلام عصية على اللئام

  • 1/28/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وسط غليان تشهده المنطقة التي باتت فوق بركان يمكن أن ينفجر بين عشية وضحاها... نجح جهاز مباحث أمن الدولة بوزارة الداخلية في اصطياد خليتين إرهابيتين كانتا تخططان للقيام بأعمال عنف وتفجيرات تجاه أحد معسكرات وزارة الداخلية وبعض حسينيات الشيعة في سيناريو داعشي قميء لزرع الخوف في نفوس الكويتيين، وإدخال البلاد في أتون صراعات لا يعلم إلا الله إلى أين كان يمكن لها أن تودي بالكويت في مثل هذه الظروف الملبدة بغيوم المجهول. ورغم ما تشهده البلاد من تفاصيل ومشاغل وهموم وتطلعات، وزيادة الأمر صعوبة بتواطؤ بعض المحسوبين على أنهم من أبناء الوطن للإضرار به، بعثت عين الكويت الساهرة برسالة طمأنينة إلى جموع المواطنين والمقيمين بأن للبلاد حماة لا يشغلهم إلا حفظ استقرار هذا الوطن وأمان مواطنيه وكل من يقيمون على أرضه الطيبة، فتَحية مستحقة إلى «الداخلية» التي ما فتئت تثبت المرة تلو الأخرى أنها على قدر المسؤولية، وأنها تبذل أقصى ما في وسعها للحفاظ على ما تنعم به الكويت من هدوء وسلام وسكينة ساء البعض أن تظل باسطة ظلالها على ربوع هذه الأرض الطيبة، فمدوا أياديهم الآثمة ليعبثوا بأمنها. هذا المخطط الذي دبر بليل لنشر الفوضى وتسجيل مشاهد القتل وإذكاء نار الأحقاد داخل الكويت، يجب ألا يمر مرور الكرام، بل علينا التوقف عنده ملياً ومحاولة قراءته بكل تفاصيله وأبعاده وغاياته ودوافعه لنرسم خريطة ذهنية تساعدنا في إعادة تموقعنا الصحيح لتلافي تلك المؤامرات وإدراك ما يحاك حولنا وما يراد لنا وبنا وضدنا. أما الآن وقد علمنا بعض ما يراد بنا، وأن الأمور لا تجري على عواهنها، وأن هناك متربصين بنا شراً، فلابد أن تأخذ العدالة مجراها الصارم، وأن نلبس لكل حالة لبوسها، فيتم الضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه محاولة العبث بأمن الكويت وسلامتها، ليغدو عبرة لكل من لا يعتبر، لتصبح الأولوية القصوى لحماية أمن الوطن واستقراره. ومع الانطباعات الأولى بعد إعلان نبأ القبض على هاتين الخليتين الإجراميتين تتقافز إلى الأذهان أسئلة عديدة: من المستفيد من تلك الحالة المراد خلقها في الكويت؟ ولماذا الكويت تحديداً؟ وما الرسالة التي تترتب على استهداف شيعتها؟ وماذا يريد «داعش» من الكويت في هذا التوقيت الذي طغى العدوان الإسرائيلي في غزة حتى أكثر فيها الفساد؟ لماذا كانت وجهته الكويت لا إسرائيل وهو الذي يرفع، بكل صفاقة، شعار الإسلام مع أن كل ضحاياه من أبناء هذا الدين الذي يزعم الدفاع عنه؟! أسئلة كهذه وكثير غيرها لاشك ستعمل النيابة العامة على معرفة إجاباتها من الإرهابيين الموقوفين، وإلى أن تنجلي كل الملابسات، على الكويت، حكومةً ومجلس أمة، مسؤولين ومحكومين، عسكريين ومدنيين، علينا جميعاً أن نكون على قدر المسؤولية بأن نرفع أقصى درجات الاستعداد، ونشحذ في نفوسنا كل الحواس وأن نرتقي أعلى معارج اليقظة لإدراك أي مساع مشبوهة والتعاون مع أجهزتنا الأمنية لإحباط ما يراد بالوطن من شرور ومخاطر محدقة بأمننا الداخلي وسمعتنا الخارجية. وفي النهاية والبداية وما بينهما، علينا جميعاً أن نظهر ما رسخه فينا آباؤنا وأجدادنا من حب لهذا البلد، وأن نعلم صغارنا ما تعلمناه من مرارات السنين وتجاربها أننا قادرون على التصدي لأي مؤامرة، مدركين أن بعضاً من تلك المؤامرات القذرة قد ينجح عرضاً ـ لا قدر الله ـ وعندئذ يجب ألا يفت ذلك في عضدنا وألا يصرفنا عن حقيقة أن مصير كل ذلك هو الزوال وأن كويتنا المتوحدة هي الباقية لنا ولأبنائنا، بعدما أثبتت الشواهد والتجارب التي احتفظت بها ذاكرة السنوات أن بلادنا الحبيبة عصية على محاولات النيل من أمنها واستقرارها وشق وحدة صف مواطنيها الذين يتناسى كل منهم انتماءه الصغير إذا ما أحس ببوادر أي خطر تهدد انتماءه وحبه الأكبر الكويت التي تهون من أجلها كل تضحية، ويسهل من أجلها كل صعب.

مشاركة :