علي يوسف السعد يكتب: سياحة الفرص الضائعة

  • 1/30/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر السفر وسيلة فريدة لاكتساب المعرفة واستكشاف عجائب العالم، ولكن في عالم مليء بالفرص الرائعة، قد يظهر سائح يسافر دون هدف، يتجوّل في عوالم جديدة دون أن يبذل أدنى جهد للاستفادة من تجربته السياحية. ربما يكون هذا السائح قد أسرف في تحديد وجهته وحجز تذكرته، ولكن عندما يصل، يتضح أن اهتمامه يقتصر على الأمور الأساسية، مثل النوم والأكل والشرب، لا يشعر بالفضول لاستكشاف المزيد من الثقافة المحلية أو للمشاركة في الأنشطة التي تعكس جوهر الوجهة التي يزورها. السائح الذي يغفل الفرص الثقافية يعتبر مفقوداً في رحلته، فقد يكون في المكان الصحيح جغرافياً، ولكنه لا يدرك الكنوز التي تنتظره خارج أبواب الفندق، إن تجربة السفر الحقيقية تأتي من خلال التفاعل مع المجتمع المحلي، والمشاركة في الفعاليات والأنشطة التي تميز هذا المكان عن غيره. فربما يعتبر رحلاته مجرد هروب من روتينه اليومي دون أن يستفيد بشكل جاد من تجاربه السياحية، ويكتفي بالابتعاد عن واقع حياته اليومية دون النظر إلى الفرص الثمينة التي يمكن أن يقدمها السفر، أو ربما لأنه يفضل البقاء في مكانه دون محاولة التواصل مع المحيط الجديد. يمكن أيضاً أن يكون هذا السائح أكثر انشغالاً بحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة محتوى الإنترنت بدلاً من التفاعل مع المحيط الجديد، وقد يمتلك كاميرا فوتوغرافية باهظة الثمن، ولكنه لا يستخدمها إلا لالتقاط صور سريعة معبرة فقط عن تجربته السطحية أو يشغل متابعيه بصوره الشخصية ولا يكترث باستكشاف ما حوله، أو يسعى لفهم التاريخ أو السياق الثقافي الذي تنشأ فيه تلك المعالم، إنه يستمتع بالأماكن الجميلة دون أن يبحث عن القصص التي قد تكون خلف كل شارع أو معلم. سائحنا يتجنب التفاعل مع السكان المحليين، ويفضل الابتعاد عن التحديات اللغوية والثقافية، يكتفي بالبقاء في بيئته الآمنة وتجنب الغوص في عمق التجارب التي قد تغير وجهة نظره نحو العالم. قد يبدأ يوم هذا السائح بالاستيقاظ في وقت متأخر، يتجه مباشرةً إلى المطاعم السياحية الشهيرة، حيث يقتصر اهتمامه على تذوق الأطعمة المحلية دون التساؤل عن تاريخها أو أصولها، وما تحمله في طياتها من قصص تعكس الهوية الثقافية للمكان. لذا من المهم على هذا السائح أن يعيد النظر في توجهه نحو السفر، يجب أن يكون السفر تجربة تثري حياته وتفتح أفقه، يمكنه أن يبدأ في استغلال الفرص التي يقدمها السفر بالتواصل مع المجتمعات المحلية والمشاركة في الأنشطة التقليدية، يجب عليه التحلي بالفضول والاستعداد لاكتشاف الجوانب الجديدة والمثيرة في كل رحلة، إنها الطريقة الوحيدة لضمان استفادته بشكل كامل من مغامراته في رحلاته حول العالم. لا بد أن يعلم هذا السائح، بأن الغرض من السفر لا يقتصر فقط على الاستمتاع بمرافق الفنادق الفخمة وتناول الطعام اللذيذ، بل يجب أن يكون السفر تجربة مفيدة وتعليمية، تمكّن الفرد من التعرف على أسلوب الحياة المحلي وفهم تاريخ وثقافة المكان الذي يزوره، دون الاقتصار على الاستمتاع السطحي بلحظات الراحة.

مشاركة :