هل أنت محظوظ؟

  • 4/4/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كتبت قبل أسبوعين مقالا بعنوان «أوباما ..دعك من العرب»، ردا على عقيدة أوباما التي نشرت في مجلة الأتلنتك، ولكني حاولت أن أفند عقيدة أوباما حسب مصالح أمريكا أولا، ثم حسب نظرة حلفائها غير العربيين ثانيا، والتي تباينت بين دول تبين أن الولايات المتحدة تتجسس عليها مثل اليابان وألمانيا، بل حتى الحلفاء الأشد قربا تاريخيا مثل إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، علاقتهم مع أمريكا أوباما ليست بذات الحميمية المعتادة، بل إنه انتقد صراحة سياسة فرنسا ورئيس وزراء بريطانيا. وقد كان هناك الكثير من الآراء الأمريكية حول عقيدة أوباما من الأمريكيين، ولكن الأجواء الانتخابية أضفت على التعليقات التي تناولت عقيدة أوباما لمسة من المزايدات، خصوصا من لدن المرشحين الجمهوريين الذين يصفون الرئيس أوباما، بالضعيف أو المتخاذل في ألطف التوصيفات، والبعض ذهب لاستغلال أحداث بروكسل الأخيرة للتأكيد على أن مواقف أوباما الضعيفة والرؤية غير الواضحة هي من أوصلت الإرهاب إلى أوروبا. ولكن كانت هناك وجهة نظر لافتة لتوماس فريدمان، الصحفي العريق في النيويورك تايمز، الذي يختلف حوله كثير من العرب، والذي عبر عن وجهة نظره عبر برنامج بصراحة على شاشة سكاي نيوز عربية، الذي تقدمه الأستاذة زينة يازجي، وقد علق خلال الحوار عن عقيدة أوباما وتكلم أيضا عن داعش ولماذا الحرب عليها هي الحرب الوحيدة التي لم يغطها في المنطقة رغم أنه غطى كل حروب المنطقة منذ الستينات. فقد قال فريدمان خلال حواره بأنه لو جاز له سؤال أي مرشح للرئاسة في أمريكا، سؤالا واحدا معنيا بسياسته الخارجية، لكان هذا السؤال «هل أنت محظوظ؟» معبرا عن أن سياسة أوباما الخارجية حتى اللحظة وخصوصا في التصدي لداعش والإبقاء على نظام بشار الأسد حتى بعد تجاوزه الخط الأحمر واستعمال الكيماوي، ما زالت تحت ضابط «لا يفنى الذئب ولا تموت الغنم». مما يعني أنه استطاع الاحتفاظ بالتزامه تجنب إنزال جنود بعدد كبير للقيام بعمليات برية، كما أن سورية برغم بقاء بشار والتدخل الروسي ما زالت مشكلة إقليمية لا تتجاوز الشرق الأوسط، ثم لفت لنقطة مهمة من زاوية النظر الأمريكية، وهي أن ما يحدث من قتل وإرهاب في سورية والعراق مثلا هو مسألة «إنسانية» بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن حين يصل ذلك لأوروبا فهو خطر على الأمن القومي الأمريكي، حيث تعد أوروبا الحليف الليبرالي الرأسمالي المشابه لأمريكا، بل إنه سماها الولايات المتحدة الأوروبية. ولهذا فتكرار العمليات الإرهابية في أوروبا وما قد يدفع لتفكك الإتحاد الأوروبي، وبالتالي تحول الإرهاب من مشكلة إنسانية من 2011 إلى 2015، إلى مشكلة خطر حقيقي على الولايات المتحدة منذ تفجيرات باريس نوفمبر 2015 وصولا لأحداث باريس مارس 2016، وبالتالي ما لم يحدث شيء بعد أحداث بروكسل حتى نهاية ولاية أوباما يعني أن أوباما نجح «بالحظ» في عبور فترتيه بأقل الخسائر، دون مشاركة عسكرية أو خسائر اقتصادية كبيرة. اللافت من حوار فريدمان أيضا ما أورده عن رأي فيما يخص داعش، حيث ذكر بأن داعش هو السبب الرئيسي اليوم في منع ظهور الموجة الثانية من الربيع العربي، حيث كانت المرحلة الأولى ذات نتائج فاشلة، وما زالت الظروف التي أدت لظهور الموجة الأولى موجودة بل أسوأ من حيث الحكم الاستبدادي والمشكلات الاقتصادية، ولكن داعش حين أصبحت الخيار البديل وفزاعة الأنظمة كان أن خبأت فرصة الموجة الثانية من الربيع العربي. وإن كنت أرى أن رأيه حول داعش يغفل حقائق تاريخية، فالواقع أن سياسة أمريكا عموما ومن قبل أوباما أدت لوجود بذرة الإرهاب خصوصا في العراق، عبر سياسات بول بريمر وإقصاء السنة وحل حزب البعث والعيش العراقي، كما أن الولايات المتحدة لا تفعل شيئا تجاه تمدد داعش في مناطق شرق أفغانستان ولا لتنظيم القاعدة الذي ما زال قويا هناك. هذه السياسات الأمريكية سواء كانت مؤامرة كما يحلو للبعض، أو كانت تخبطا ورهانا على الحظ، فإنها في نهاية المطاف لا تعفينا من العمل وأن نكون نافذين وذوي حضور قوي في مناطق الصراع في الشرق الأوسط، لأن أمريكا مهما تغيرت فيها الإدارات أثبتت أنها تذعن للقوي والقوي فقط.

مشاركة :