هذا ما أعتقد أنه كان يدور في ذهن من تسنى له حضور أو متابعة جلسات منتدى التخطيط الحضري الذي نظمته الأسبوع الماضي وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية تحت شعار "توجهات حديثة في التخطيط الحضري"، الملتقى الذي يمثل الحصاد الأول من ثمرة اتفاقية التعاون الثنائي بينهما، أو ما أصبح يطلق عليه (برنامج مستقبل المدن السعودية)، والذي يقوم من خلاله برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بالبحث التفصيلي والتحليلي عن مدى جاهزية مدن المملكة لتحقيق تنمية حضرية مستدامة مستقبلاً، وذلك على ضوء المؤشرات التي أوصى بها المنتدى الحضري العالمي في دورته السادسة بمدينة نابولي الإيطالية عام 2012، حيث سيتم من خلال تلك المؤشرات للتنمية تحديد أوجه النقص التي تواجهها المدن السعودية ونوعية البرامج والمشاريع اللازمة لمعالجة هذا النقص، والتي من أهمها مراجعة التشريعات التخطيطية القائمة حالياً والانطلاق منها لإعداد نظام للتخطيط العمراني بالمملكة. ليس هذا فحسب بل لننظر إلى تزامن ذلك مع ما صدر من مجلس الوزراء الأسبوع الماضي من قرار يقضي بالموافقة على انشاء المرصد الحضري الوطني الذي من المتوقع أن يكون المظلة والمرجع لكافة المراصد الحضرية الحالية والمستقبلية في مدن المملكة، والذي يقوم على أساس التعامل مع كل مدينة من مدن المملكة كوحدة تحليلية واحدة متداخلة القطاعات، البيئية منها والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، وليس على النحو الاحادي والمنفرد لتلك القطاعات في المدينة، الذي ظل سائداً لعقود من السنوات. إن هذا البرنامج الذي يسعى إلى رسم ملامح المدن السعودية خلال الفترة المقبلة بناء على ما سيوفره المرصد الوطني من مؤشرات، يعطي في الواقع دلالة على بدء دخول مدن المملكة عتبة مرحلة جديدة من أطوارها التخطيطية، وذلك على مدى الخمسة عقود من ممارستنا للعملية التخطيطية في توجيه النمو وتحقيق التنمية بتلك المدن، فهو بخلاف أنه مشروع يعد الأكبر على مستوى العالم العربي للتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، هو عمل يهدف بالفعل إلى مراجعة وإعادة النظر فيما هو قائم من أجل تطوير العملية التخطيطية للمدن السعودية.
مشاركة :