••• صبغت الدنيا حياتيَ بالترحال. أقفز من مدينة إلى أخرى. أتبع حبي. أرأف بقلبي. تناسَل السفر. تعددت الوجوه. أنهكتني المسافات. مللت من المطارات والقطارات: الظهران. الخبر. جدة. الرياض. سان دييغو. ريفر سايد. سان بيرناندينو. الرياض، ويبدو أن الخبر تلوِّح لي بالرجوع. ‏كل المدن التي رحلت إليها لم تكن الرحلة زيارة فقط بل إقامة مطولة إما للدراسة أو للعب بتساقط الرمل بين الأصابع في مرابع الصغار. في الخبر.. ولدت وبدأت. هناك حيث البحر والقمر. النجم والسهر. مدري باكر هالمدينة وش تكون» ••• النهار والورد الأصفر والغصون هذا وجهك يالمسافر لما كانت لي عيون وينها عيوني حبيبي «سافرت مثلك حبيبي سالت دموعي عندما تلقيت عبر «الواتس» رسالة فيها فيديو تجوب الكاميرا فيه شوارع الخبر «حبيبتي»، بينما بدر بن عبدالمحسن يلقي قصيدته، وفي الخلفية راشد الماجد يتغنى بها. ••• دموعي لم تسقط على الخبر فقط بل على الظهران وجدة والرياض وسان دييغو. ماتبقى من المدن لم ينبض قلبي بحبها أبدا. المدن نساءُُ في الأعماق. منها من تحب وبعضها مما لا تحب!! «وجه المدينة»-حتى لتلك التي نحبها- يتبدل تبعا لتغير حالاتك أو حالات ذلك الوجه. تغير وجه سان دييغو عندما مرضت. يتغير وجه وجسد الرياض من الزحمة وقسوة الشوارع!! ••• هناك ما هو أشرس من الرحيل وهو الوداع، فإن تودع أحبابك حتى في المدن التي لا تحبها شئ قاسٍ ومؤلم. الأحباب داخل المدن عزاؤك وملاذك. تلجأ إليهم ساعة الضيق، وتلين الروح بهم. ما بالك بالمدن التي تحب. هنا يلتقي حب المدينة والناس معا. الأقارب زهرة القلب في المدن ومحرك السعادة. ••• تقول الدراسات إن التواصل مع الأقارب والأصدقاء ينشِّط هرمون السعادة. وأشارت دراسة أجريت في جامعة هارفارد على 724 شخصا تمت دراسة حياتهم بدقة على مدار 75 عاما لمعرفة سر السعادة في الحياة البشرية، وتوصلوا بعد أن مرت 4 أجيال من العلماء إلى أن سر السعادة لا علاقة له بالمال أو الصحة أو المنصب والشهرة ولكن أعلى قيمة للسعادة تكمن في العلاقات الإنسانية الناجحة والتواصل الاجتماعي. ••• هنا يتبين أن الرحيل والوداع يسقياننا المر مهما غضبت من المدينة أو غضبت منك. نهاية: ترحالي لم يرأف بحالي!! @karimalfaleh