أفرد الباحث نايف بن علي القنور، كتاباً أكاديمياً درس فيه بعض النقوش الصخرية في عالية نجد بعنوان: "الرسوم الصخرية في سلسلة جبال ثهلان بمحافظة الدوادمي"، حيث يقع الكتاب الصادر عن "دارة الملك عبدالعزيز" في 412 صفحة، مقسمة على خمسة فصول هي: الإطار الجغرافي والحضاري لمنطقة الدراسة، والرسوم الصخرية مكانتها الحضارية وطرق دراستها، والدراسة الميدانية والتصنيفية والتحليلية والمقارنة والتاريخ، بالإضافة إلى ملاحق للخرائط واللوحات والأشكال والجداول الإحصائية والصور والكشافات. وتتناول الدراسة الرسوم الصخرية في سلسلة "جبال ثهلان" التي تشرف على بلدة (الشعراء) بعالية نجد، وتبعد نحو 45 كيلاً عن محافظة الدوادمي في الجنوب الغربي منها. وبيّن الباحث أن المواقع التي وقع اختيارها ودراستها تشكل قاطعاً من الشمال إلى الجنوب، بحيث تحتوي مختلف تضاريس المنطقة الجبلية وتمثل عينة للسلسلة الجبلية بكاملها، وتشمل تسعة مواضع هي: ريع الوعول، تلعة الفرس، أم شطرين، ودي زيمة، ريع أم المراويح، وادي الريان، السدرية، فغران، وادي المطيوي، وتحتوي هذه المواضع في مجملها على 43 لوحة متباينة في الأشكال والموضوعات والخصائص الأسلوبية والمضامين الحضارية والثقافية، وساعدت طبوغرافية السلسلة واختلاف تركيباتها الجيولوجية في تعدد مواضع تنفيذ اللوحات الفنية، بحيث شملت الصخور المنفصلة والمتساقطة عن أصل الجبل والواجهات الجبلية وأسطح الملاجئ الصخرية. واستخدمت طرق تقنية لتنفيذ تلك الرسوم، ويمكن حصرها في ثلاث طرق هي: طريقة النقر والحفر والرسم بالألوان، كما جاءت بأساليب فنية متنوعة تدل على تعدد الأذواق والمهارات الفنية والفكرية بين فناني المجتمعات القديمة، ومنها: الأسلوب التخطيطي، والإطاري، والعودي، وشبه الواقعي، أما اللوحات المنفذة فتمثل حيوانات تعكس بيئة الدراسة آنذاك وهي: الأسود والضباع والوعول والمها والغزلان والجمال والنعام والثعالب والكلاب ورسمة نادرة للخنزير البري، ولوحات نباتية قليلة للنخل، وأشكال آدمية في حالات متنوعة ، ورسومات أخرى مبهمة لأياد مقطعة ووسوم وأدوات صيد وأشكال هندسية مختلفة. وتوصل الباحث من خلال الدراسات المقارنة للرسوم الصخرية بالمواقع المدروسة ومواقع أخرى أنها تغطّي مراحل زمنية طويلة ومتعاقبة، حيث شملت مرحلة العصر الحجري الحديث والمراحل اللاحقة، وتتوقف مدتها عند نهاية عصور ما قبل التاريخ على الأقل؛ في المواقع التي جرى مسحها ودراستها في هذا الكتاب. وتسعى هذه الدراسة إلى الخروج بنتائج وتحليلات علمية من خلال فهم الأوضاع السياسية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية والدينية التي دلت عليها هذه الرسوم، ويمكن من خلالها الوصول إلى فهم أكبر عن جوانب حضارية مختلفة لمجتمعات عصور ما قبل التاريخ، الشيء الذي يساعد بدوره في معرفة أوسع للإطار الحضاري والتاريخي لمنطقة الدوادمي، التي تفتقر إلى الدراسات المتخصصة، في ظل تعدد وتنوع آثارها، وتميزها من حيث موقعها الجغرافي في قلب الجزيرة العربية. يذكر أن هذا الكتاب يمثل أول دراسة علمية متخصصة عن الرسوم الصخرية في موقع سلسلة جبل ثهلان التابع لمحافظة الدوادمي بمنطقة الرياض.
مشاركة :