هيمنة الدولار ستظل باقية، لكن التهديد الأكثر خطورة على مكانته بوصفه عملة الاحتياطي الأولى في العالم يكمن في الاقتصاد الأمريكي نفسه، وفقا لاثنين من الاقتصاديين. في بحث جديد، أشار ستيفن كامين، المدير السابق لقسم التمويل الدولي في الاحتياطي الفيدرالي، ومارك سوبيل، الخبير الاقتصادي السابق في وزارة الخزانة، إلى استمرار الدولار في كونه العملة المهيمنة لفترة طويلة في العالم. وبحسب "بزنس إنسايدر"، قال الاقتصاديان "إن الدولار هو العملة الأكثر استخداما على نطاق واسع في العالم في كل من احتياطيات البنوك المركزية والتجارة، ومن المرجح أن يظل كذلك، لأن استخدام العملة الأمريكية يفوق العملات الأخرى بهامش واسع". شكل الدولار 88 % من إجمالي التجارة العالمية اليومية، وفقا لأحدث استطلاع أجراه بنك التسويات الدولية. وفي الوقت نفسه، شكل نحو 55 % من جميع احتياطيات البنوك المركزية في الربع الثالث من 2023، أي أكثر بكثير من أي عملة أجنبية أخرى، حسبما تظهر بيانات صندوق النقد الدولي. حذر بعض المعلقين من أن عملة منافسة قد تحل محل الدولار قريبا، إذ إن دول بريكس تبذل بالفعل جهودا لسحب الدولار تدريجيا من التجارة، في حين اقترحت دول مثل روسيا والصين إنشاء عملة جديدة لتحدي العملة الأمريكية. لكن هذه التهديدات لا تقارن في الواقع بالتهديد الذي يواجه الدولار من الولايات المتحدة نفسها، بحسب كامين وسوبيل، إذ حذرا من أن خطر حدوث "تدهور شديد" في الوضع المالي والاقتصادي للولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى إزاحة الدولار من عرشه. قال الاقتصاديان "نظرا للانقسام السياسي في البلاد، والخلل الوظيفي في الكونجرس، وعدم اهتمام الساسة من جميع الفئات بالحد من اتساع العجز في الميزانية الأمريكية، فإن هذا أمر يصعب استبعاده"، إشارة إلى سقوط الدولار من عرشه. "إذا كانت النتيجة ارتفاعا مستداما في التضخم، ومزاحمة الاستثمار العام للاستثمار الخاص، وزيادة التقلبات المالية، وانخفاض ديناميكية الاقتصاد الأمريكي، فإن تلاشي هيمنة الدولار آخر مخاوفنا"، حسبما ذكرا في البحث. ويشكل تشرذم الاقتصادات العالمية إلى كتل منفصلة خطرا آخر، "ففي هذه الحالة، من المرجح أن تنخفض التجارة العالمية والإنتاجية والنمو الاقتصادي، وستكون الآثار المترتبة على الاستقرار السياسي والعسكري الدولي سلبية أيضا". إلى ذلك، حذر اقتصاديون آخرون من أن الوضع المالي غير المستقر للولايات المتحدة قد يهدد مكانة الدولار في الأسواق العالمية. وبحسب مكتب الميزانية في الكونجرس، عجز الميزانية الفيدرالية على وشك أن يصل إلى 1.6 مليار دولار هذا العام، و2.6 تريليون دولار بعد عشرة أعوام.
مشاركة :