في يوم التأسيس السعودي الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي في المملكة العربية السعودية، وفيه نحتفي بالوحدة والاستقرار الذي أنعم به الله علينا. وللاحتفاء بهذه النعم كما ينبغي، على القارئ السعودي أن يكون واعياً ومُلماً بتاريخ هذه الوحدة وتاريخ تأسيسها، وأفضل سبيل لذلك هو اللجوء إلى الكتب المعنية بتاريخ المملكة، التي تُثري قرائها ثقافياً ووطنياً. لذا، يُعد اقتناء مجموعة من الكتب التي تتناول قصة التأسيس خطوة محورية في تعزيز التواصل مع تراث وثقافة المملكة العربية السعودية على مر العصور والاحتفاء بها. ويعد كتاب «مولد أمة» بقلم الباحث السعودي خالد بن عبدالله العبودي توصية ممتازة وإضافة مختلفة إلى مجموعة كتب تاريخ المملكة العربية السعودية، فهو يستكشف تاريخ تأسيس وتوحيد المملكة العربية السعودية بطريقة بعيدة عن السرد التقليدي. إذ إنه لا يُقدم الأحداث التاريخية كمجموعة حقائق وحسب، بل ويعرضها بأسلوب «ملحمي ومترابط» وجُسدت الأحداث «في منظومة متناغمة ومتناسقة» وأخرجت «في مشاهد متتابعة ومتوالية»، دون عناوين ولا أقسام، ولا فصول ولا أبواب، ولا هوامش ولا فهارس. وسعى الباحث إلى تلخيص قصة السعودية والسعوديين «من الولادة والتكوين إلى الريادة والتمكين»، وإلهام الشباب السعودي بقصص وبطولات التأسيس في إطار سلس ومتناغم. ويتناول الكتاب الفترة التاريخية من بداية تأسيس إمارة الدرعية بقيادة الإمام محمد بن سعود في عام 1139هـ، وصولاً إلى الإعلان عن توحيد المملكة العربية السعودية عام 1351هـ بقيادة الملك عبدالعزيز. واستعان العبودي في توثيق أحداث هذه الحقبة بالكتب التاريخية والمصادر العربية والغربية الموثوقة مثل كتاب «رحلة إلى الرياض في عام 1865م» بقلم الكولونيل والسياسي البريطاني لويس بيلي، وكتاب «وسط الجزيرة العربية وشرقها» بقلم الرحالة الإنجليزي وليم جيفور بالجريف، وكتاب «خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام» بقلم الشيخ أحمد بن زيني دحلان، وكتاب «التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية» بقلم الشيخ محمد بن خليفة بن حمد بن موسى النبهاني. ويلفت الكاتب في مقدمته نقطة تُميز كتابه عن غيره من الكتب: «جمعت في كتابي هذا ما أظن أنه لم يجتمع في كتاب واحد، حيث قصدت أتم الروايات فنقلتها وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها، وأودعت كل حادثة في سياقها، ثم قمت بإعادة تشكيل تلك القصص والوقائع كما وقعت، وأخرجتها وفق تركيبة قصصية مترابطة لجذب حواس القارئ، وإثارة حماسه لمعرفة النتائج والنهايات». وهذا يجعل تجربة القراءة أكثر إثارة وجاذبية، ويسهل فهم الأحداث التاريخية على القارئ دون يواجه التعقيدات التي قد تصاحب قراءة الأعمال التاريخية التقليدية التي يتطلب الاطلاع عليها الكثير من الجهد والوقت. يتيح هذا النهج القصصي توجيه انتباه القارئ نحو التفاصيل والمفاجآت في السياق التاريخي؛ وهذا ما يجعل عملية القراءة التعلمية أكثر متعة وسهولة للشباب. الكتب التاريخية مصدر قوي لنقل القيم والتقاليد التي شكلت هوية المملكة الوطنية عبر الأجيال، وتُقدم هذه المصادر الأدبية والتاريخية رؤى غنية حول التحديات والنجاحات التي رافقت رحلة التأسيس والتوحيد. وفهم ودراسة هذه التفاصيل يساعد في تقوية انتماء الشباب السعودي ويرفع من مستوى فخرهم بتاريخهم العريق، وهذا ما يقدمه كتاب «مولد أمة» لقرائه الشباب. فهو يعرض تفاصيل ملهمة ومثيرة وقعت في تاريخ المملكة العربية السعودية، ويرسم صورة شاملة حول رحلة النشوء والتأسيس حتى الوصول إلى الريادة والتمكين، ويروي قصصاً حقيقية عن تحديات كبيرة وصعاب واجهها المؤسسيين في مراحل توحيد المملكة، وتُعلم قصص التاريخ هذه الشباب كيف تمكن السعوديون من التميز والازدهار رغم الظروف الصعبة. ويقدم الكتاب نموذجًا للتفاؤل حول مستقبل المملكة في عبر سرد تاريخ التطور الذي شهدته السعودية منذ بداية تأسيسها وحتى تحقيق التقدم والازدهار؛ وهذا يلهم الشباب للمساهمة في بناء مستقبل مشرق، ويتيح الكتاب للقراء إلقاء نظرة على الإرث الثقافي والاجتماعي للمملكة، الذي يعد جزء لا يتجزأ من الهوية السعودية، يُشجع الشباب على فهم الجذور التاريخية والقيم التي تميز المجتمع السعودي والاحتفاء بها. *كاتبة ومترجمة. غلاف كتاب «مولد أمة»
مشاركة :