يسابق الفلسطيني يوسف الهندي، وهو خبير نفسي واجتماعي وفنان مقيم في غزة، الزمن لوضع اللمسات الأخيرة على دمى ماريوت لتقديم عروض مسرحية للأطفال في القطاع الساحلي المحاصر الذي مزقته الحرب. ويقول الهندي بينما ينهمك في صنع الدمى لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن دمى الماريوت ستكون جاهزة للعروض المسرحية للأطفال النازحين في جنوب القطاع الأيام المقبلة. وخطرت للفنان البالغ من العمر (29 عامًا) فكرة صنع دمى الماريوت قبل أربعة أشهر عندما قُتل طفل فلسطيني بهجوم إسرائيلي على منزل جاره وانتشرت قصته على نطاق واسع عبر منصة التواصل الاجتماعي (فيسبوك). ووثق في حينها مقطع فيديو قصير أماً تبحث عن ابنها الذي يدعى يوسف في أحد مستشفيات القطاع، وتقول للمسعفين أنه "شعره كيرلي (مجعد) وأبيضاني (بشرته بيضاء) وحلو". وبعد تفتيش داخل المستشفى، أُبلغت الأم وزوجها بأن ابنهما قُتل في هجوم إسرائيلي، لتصاب المرأة بالصدمة، ما أدى إلى تعاطف عالمي مع المرأة الحزينة، التي كانت تأمل في العثور على طفلها حيا. ويقول الهندي "لحسن الحظ، انتشرت قصة يوسف بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، لكن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا في غزة لا يعرف العالم عنهم شيئا". ولهذا قرر الهندي الذي نزح من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين قبل أربعة أشهر وفقد العديد من أقاربه، أن يأخذ الأمر على عاتقه ويصنع دمى الماريوت التي ستحمل قصص الأطفال أينما ذهبت. وأضاف: "قررت أن أصنع دمى ماريوت وأسميها يوسف لأحكي قصص آلاف الأطفال الذين سقطوا ضحايا الحرب وكذلك ليعرف العالم ما حدث لأطفالنا في غزة". ورغم أن مهمة الهندي لم تكن سهلة وسط قلة المواد اللازمة لصنع الدمى الخاصة، إلا أنه لم يتخل عن هدفه وقرر مواصلة طريقه وصناعتها باستخدام مواد موجودة في البيئة المحيطة به. وكان الفلين وقطع النايلون وخيوط الصوف من بين المواد التي استخدمها الهندي في صنع الدمى الخاصة التي أمضى شهرا في صناعتها لتكون متاحة في عروض مسرحية قريبا. ويتابع الرجل الذي يقيم في خيمة في مدينة رفح جنوب القطاع "موهبتي وإرادتي وفكرتي ورغبتي في إسعاد الأطفال جعلتني أستمر في طريق صناعة الدمى متحديا كافة الصعوبات". وفي سبيل تحقيق هدفه، وثّق الشاب مئات القصص للأطفال الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال رحلة تهجيره، لمحاكاتها في عروض مسرحية سيقدمها للأطفال في مخيمات اللاجئين. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة بعد أن نفذت الحركة هجوما غير مسبوق على البلدات الإسرائيلية المتاخمة للقطاع أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن داخل غزة. ومنذ ذلك الحين، قتل أكثر من 29 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 65 ألف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء جراء هجمات الجيش الإسرائيلي في غزة، وفق وزارة الصحة في غزة. ويقول الهندي "للأسف أطفالنا ونساؤنا أجبروا على دفع ثمن الحرب الحالية (...) لذا على كل فرد في غزة أن يتحمل مسؤوليته تجاه ضحايانا وأن يروي قصصهم ليس فقط لأهلنا في غزة، بل للعالم أيضا". ويأمل الفنان أن تنتقل دمى الماريوت الخاصة به إلى العالمية وتشارك في العروض المسرحية لتروي قصص الأطفال الذين أصبحوا مجرد ذكريات، على حد تعبيره.
مشاركة :