(العطس) هو الحدث الكبير الذي يتساوى فيه الجميع دون استثناء، من (الإمبراطور) إلى ماسح الأحذية، ومن ملكة الجمال إلى شبيهة (الغوريلا). الذي يضايقني ليست هي العطسة بحد ذاتها، ولكن من يفتعلونها، مثل رجل «هلكني» بكثرة عطاسه، وغرامه بمن يترحمون عليه، ولو أنك وافقته وجاريته، فلن يتورع أن يعطس لك في اليوم الواحد ألف مرة، وقبل أيام كان يصلي بجانبي في المسجد، وما صدق على الله أن سلم الإمام حتى عطس، فقلت له: «يرحمك الله»، فرد عليّ: «يهديني ويهديكم الله»، ثم كررها مرة أخرى، وأجبته كذلك، وعندما كررها للمرة الثالثة لم أملك إلا أن أقول له: انطم - أي اخرس -، وأرجو أن لا يعاقبني ربي على ذلك. وهو يضايق كل من يعرفه ويخالطه للحد الذي أصبحنا نتحاشاه، وقبل أيام عطس في أحد المجالس، فلم (يشمته) أو يترحم عليه أحد، عندها لم يملك إلا أن يرفع صوته قائلاً: الله يرحمك يا روحي، ما عندك إلاّ كلاب ما توحي – أي ما تسمع. وحسب القياسات، فانطلاق ذرات العطسة يبلغ (166.7) كيلومتر في الساعة، وتصل إلى مدى ثلاثة أمتار ونصف المتر، وتهبط بعض الذرات فور خروجها من الأنف، بينما يستغرق هبوط البعض الآخر وقتًا أطول. وقد عُزيت إلى تلك العطسات المشبعة بالجراثيم مسؤولية انتشار الإنفلونزا عام 1918، كما أنها ساهمت في إشاعة وباء الطاعون الذي خيّم على أوروبا في القرون الوسطى. وإذا حاولت أن تكبت عطستك، فربما أسفر ذلك عن خدش بعض الأنسجة الدقيقة في أنفك، أو حتى عن كسر بعض العظام داخل الأنف وحوله. وللتخفيف منه، ينصح الأطباء بحقن العضل بالكالسيوم، أو تناول عقار الأدرينالين المنبه للقلب. غير أن هناك علاجًا شعبيًا أرى أنه أجدى، وسبق لي أن جربته، (واسألوا مجربًا ولا تسألوا طبيبًا)، والعلاج هو: قف على رأسك، اضغط على شفتك العليا، ضع دبوسًا على أنفك، ردد الحروف الأبجدية معكوسة من نهايتها إلى بدايتها، شم رائحة الثوم أو البصل أو الفجل، ادهن وجهك بالسمن، أو ضع بعض قطع الثلج داخل فتحة أنفك. وغالبًا فالمسؤول عن ذلك قد يكون مجرد حبة غبار أو شعرة أو روائح البهارات، والغريب أن التهيج الجنسي أيضًا قد يثير نوبات من العطس العنيف المخيف. وفي بعض القبائل الأفريقية، كان العطس يعتبر دفقًا لحياة الروح، لذلك كان ينظر إليه على أنه حدث مبارك، وفي الصين اعتقاد شائع قديم يقول: «اعطس وأنت تقامر، فستربح حتمًا». ولدينا مثل يقول: «من عطس ما فطس». وأشك في مصداقية ذلك المثل، فما أكثر من عطسوا ثم فطسوا.
مشاركة :