عن البئر - عبد العزيز المحمد الذكير

  • 1/8/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم أكن لأعترض على ما قاله لى قريب مؤهل تأهيلاً أكاديمياً وعملي عندما طرحتُ زاوية في هذا الأسبوع عنوانها "في غياهب الجب" كانت حول الآبار المهجورة أو المتروكة لتتلقف ضحايا بين يوم وآخر. قال قريبي: التقنية جاءت أو جيء بها لتُقلل تكاليف العمل. وإن زمن "العوقدة" وحفر آبار متسعة للتمكن من "التقاط" الضحية قد ولّى ولم يعد صالحاً لبيئتنا الحاضرة. لا اعتراض أبداً على طرحه فهو مؤهل للقول، ومُجرّب. غير أن ثمة استثناءات في كل شيء بما في ذلك قدرة التقنية على الأخذ بالحلول الحديثة والتعاطي مع مخرجات العصر لا بد أن تأتي وفق كل حالة. وقد رأيتُ في أحد الأفلام الوثائقية أن الحلول التقنية لم تكن فاعلة في إحدى المشاكل التي اعترضت مجموعة من العاملين في وديان عميقة وممرات وعرة ومستنقعات ذات طبيعة خاصة، فما كان منهم إلا أن استعانوا بالمواد التقليدية والدواب لإكمال ما يتطلبهُ الأمر. وجزيرة العرب، قديماً وحديثاً فيها ما يمكن من استعمال أحدث ما ورد من تقانة وفيها ما لا يصلح لذلك، بل لا بد من إعمال الفكر والتجربة. ومسألة أن الوسائل الحديثة قللت التكاليف واختصرت الوقت هذا صحيح إلى حد ما، لكنّ آباراً عهدناها جرى حفرها مجانا (زيرو كوست Zero cost) أي بمساعدة من صادف أن كان ماراً بالجوار أو ب " فزعة " جار أو قريب. ولا يكتفون بحفر البئر الواسعة فقط بل عمدوا إلى طيها بالحجارة الصلبة لمنع الانهيار، في جزئها العلوي، ولتمكين النازل إلى البئر من الإمساك بتجويفات آمنة. أذكر حالة، ولا يزال الناس يتذكرونها. وهي أن وزارة الزراعة والمياه في أوليات نشاطها صادفت مصاعب إخراج انبوب انكسر في البئر الارتوازية (وعن الكلمة تم اكتشاف أول بئر ارتوازي من طرف رهبان دير ليلار بأرتوا، بفرنسا ومنها تأصلت التسمية.) – وجاؤوا (أقصد وزارة الزراعة ) بالشركة التي يتعاملون معها فأعطتهم تسعيرة خرافية لاستخراج الأنبوب المكسور. وبوسائل تقليدية خاصة بأهل الجزيرة العربية استطاع موظف رسمي صغير المرتبة القيام بالعمل على أكمل وجه، وبطريقة أثارت انتباه خبراء الشركة الأجانب. أقول: التقنية مطلوبة ومرغوبة لكن "العوقدة" كانت أيضا تقنية زمان الشح.

مشاركة :