المتتبع للموقف الأميركي تجاه عدوان الاحتلال الغاشم على قطاع غزة، يجد أن الإدارة الأميركية تستخدم أسلوب المناورات بهدف تضليل الرأي العام، مما يساعد في تشجيع دولة الاحتلال للمضي قدما في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة. شارك ممثلو الإدارة الأميركية في بداية العدوان باجتماعات مجلس الحرب، ودعموا دولة الاحتلال بالأسلحة، وقاموا بحمايتها بالمحافل الدولية، وخاصة في مجلس الأمن عبر استخدام الفيتو خمس مرات . صرح ممثلو الإدارة الأميركية في بداية العدوان بأنهم ضد احتلال غزة، وطالبوا بتقليص الخسائر تجاه الفلسطينيين، واحترام القانون الدولي . ذهبت تلك التصريحات أدراج الرياح، علما بأنها كانت تشكل نصائح لدولة الاحتلال، بهدف حمايتها من نفسها وفق الفهم الأميركي، وذلك بسبب تطرف حكومة اليمين الفاشية . نجد أن قطاع غزة تم احتلاله، وتم تنفيذ إخلاء قسري لسكانه داخل القطاع، وصولا إلى آخر نقطة بجنوبه، وهي مدينة رفح، وممارسة حرب التجويع بحقهم على الرغم من أن الإعلام الأميركي أصبح يركز على المساعدات، بهدف تضليل الرأي العام، وذلك بدلا من التركيز على العدوان والدمار والعقاب الجماعي . ركزت الإدارة الأميركية مؤخرا على منطقة رفح، وحذرت من مخاطر تنفيذ عملية عسكرية برية احتلالية عليها، بسبب وجود أكثر من مليون وثلاثمائة ألف نازح، اضطروا للتوجه جنوبا بسبب القصف الوحشي الذي وضع المدنيين في عين العاصفة وفي دائرة الاستهداف، حيث أن جل الشهداء والجرحى والمفقودين من النساء والأطفال. جاء التحذير الأميركي مخففا، بل هو أقرب إلى التنبيه والنصح، حيث تم اشتراط تنفيذ العملية العسكرية بتوفير خطة لإخلاء المدنيين في مناطق، أو ما سمي بجزر إنسانية. وعليه.. فمن الممكن أن تدعي حكومة الاحتلال انها قامت بتحديد الخطة، وتعمل على إعلانها للسكان بهدف إخلائهم إلى (مناطق آمنة فى كل من خان يونس والمنطقة الوسطي). لقد سبق وأن أعلن جيش الاحتلال عن (مناطق آمنة ) جنوب الوادي، ثم قام بقصف السكان المتوجهين إليها وبالشوارع التي أعلن أنها طرق (آمنة) أيضا . وعليه.. فمن المتوقع تكرار المشهد في حالة رفح، وستقوم أميركا في هذا السياق بتبرئة دولة الاحتلال كالعادة، بحجة عدم انصياع السكان أو وجود مسلحين، وغيرها من الحجج التي ستسوقها أميركا دفاعا عن ربيتها أمام العالم . التنبيهات الأميركية ترمي للتغطية على جرائم دولة الاحتلال، بما يساهم في المشاركة العضوية معها في أعمال الإبادة الجماعية. لذلك لا أرى أية جدية في التحذيرات الأميركية بخصوص رفح، بل تهدف إلى حماية دولة الاحتلال أمام العالم بحجة توفير خطة لإخلاء المدنيين . ما يؤكد عدم جدية أميركا وأنها لم تتخذ أي إجراءات جادة ضاغطة على حكومة الاحتلال. تستطيع الولايات المتحدة إذا أرادت وقف الحرب والعدوان، وليس إدارته بما يمكن دولة الاحتلال من تنفيذ مخطط التطهير العرقي الذي تنفذه بوتائر مرتفعة، وأمام شاشات التلفاز منذ ستة أشهر. إن وقف شحنات الأسلحة وعدم استخدام الفيتو سيؤدي بالضرورة إلى وقف حرب التجويع والتهجير والإبادة الجماعية.
مشاركة :