فقدت الإمارات قامة وطنية، وشخصية بارزة عملت بكل جد واجتهاد في المراحل الأولى من تأسيس الاتحاد، حيث عملت على الفكرة وشجعتها كثيراً، هذه الشخصية هي الفقيد خلفان الرومي الذي شغل العديد من المناصب العليا في الدولة، وكان مثالاً يحتذى به في العمل، ومدرسة في الأخلاق، فشهد له من عاصروه بحب الوطن والعمل من أجله، وأشادو بأخلاقه وعطائه وحرصه الكبير على تعزيز أركان الدولة. وقال محمد يوسف رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين: باسمي وباسم جمعية الصحفيين، نقدم العزاء لعائلة المغفور له بإذن الله خلفان الرومي، وإلى الدولة والقيادة الرشيدة وشعبنا، وإلى أنفسنا أيضاً، لفقدان هذا العلم من أعلام دولتنا، وندعو الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، ويجعل مثواه في جنات الفردوس. وأضاف: خلفان الرومي، رمز وعلم عرفناه منذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، كان في مراكز المسؤولية التي تولاها بكل اقتدار، وأدى دوره بكل إخلاص، منذ كان وكيلاً في وزارة التربية والتعليم بالسبعينات، وحتى تسلم مناصب وزارية مثل وزارة الصحة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الإعلام والثقافة بنهاية العام 1990. مثال للتواضع والقيادة توجه إبراهيم العابد بأحر التعازي والمواساة لعائلة الفقيد خلفان الرومي، ولدولة الإمارات التي فقدت أحد رموزها، وقال إن المرحوم خلفان الرومي أحد رموز الدولة البارزة وعاصر قيام الدولة وواكب مسيرتها وكان من الشباب الذين شجعوا وآمنوا بفكرة إنشاء الاتحاد للدولة وكان وفياً له ولدولة الإمارات منذ البداية، حيث لعب دوراً مهماً غير معلن في مراحل التأسيس الأولى. وأشار العابد إلى أن من يتذكر خلفان الرومي يتذكر الدكتور عبد الله عمران وتريم عمران رحمهما الله، الذين كانوا يشكلون نموذج للشباب الإمارتي الملتزم والذي كان يعمل بكل جد واجتهاد لتعزيز الاتحاد وتواصل مسيرة بناء الوطن. وأضاف العابد إنه عمل تحت قيادة الفقيد في وزارة الإعلام والثقافة وكان مثالاً يحتذى به في التفاني بعمله وكان العمل يسير بسلاسة وسهولة ويتابعه بشكل دقيق. مدرسة في الأخلاق من جانبه أشار أحمد حميد الطاير أنه عاصر المرحوم منذ بداية السبعينات، حيث عاصره في العمل والحكومة الاتحادية منذ نشأة الجهاز الإداري والتشريعي، فهو قامة وطنية ومدرسة في الأخلاق والعمل الوطني والانتصار للحق والعدل سواء على المستوى المحلي او الاتحادي، ومتفانياً في العمل سواء في وزارة التربية والتعليم أو الصحة أو الإعلام أو في كافة المناصب التي تقلدها، فكل المواقع التي شغلها أثرى بها العمل وأضاف لها الكثير، كما أنه من الناس الذين خدموا في نشأة الدولة، والنشأة لها تحديات ومتطلبات فكان من المؤسسين الذين خاضوا التحديات وتجاوزوا العقبات بهمته العالية وتفانيه في العمل وحرصه على تقديم كل شئ للدولة وقيام الاتحاد. وقال الطاير: فقدنا أخاً عزيزاً على قلوبنا غاية في الأخلاق وقدوة للكثيرين، وهو رجل من الرجال القلائل في الجد والاجتهاد، والإخلاص والتفاني في العمل ومن أجل الوطن، وقدم مسيرة ملأى بالإنجازات والمحطات الكبيرة، فنتمنى له الرحمة والمغفرة. شخصية وطنية بامتياز قال أحمد المدفع رئيس مجلس إدارة غرفة وتجارة الشارقة السابق، إن الفقيد بوفيصل، شخصية وطنية بامتياز، أسهم بجزء كبير في العمل الوطني منذ قيام الاتحاد، مؤكداً أن الدولة فقدت أحد فرسان العمل الوطني، ممن لهم بصمات ناصعة في تاريخ الوطن، وستبقى تضيء سماءه. وأوضح أن مجلس الفقيد خلفان الرومي، كان مفتوحاً دائماً لجميع شرائح المجتمع، وكان ملتقى للقيادات السياسية والثقافية، حتى بعد ابتعاده عن العمل السياسي، وكان يعطي لكل شخص فرصة لإبداء الرأي، كما كان يتصف بميزات القائد الفذ والكريم، وله باع طويلة في العمل الإنساني والخيري، والذي سيبقى شاهداً على أدائه للأجيال المقبلة، مؤكداً أن الفقيد يعد أحد القيادات التي قدمت خدمات جليلة للوطن، كما تبوأ مناصب وطنية، وهو ما يعزز ثقة القيادة الرشيدة بعطائه وانتمائه لهذا الوطن الغالي، وعزاؤنا الوحيد بعد رحيله، يتمثل في وجود من يكمل المسيرة من ذويه. أعطى بتجرد ونكران ذات قال سعيد محمد الرقباني مستشار حاكم الفجيرة فقدت الإمارات ابناً باراً من أبنائها الوطنيين المخلصين، بعد أن قدم جهده وفكره من أجل رفعة الوطن، وبذل عطاءه بتجرد ونكران ذات، في سبيل تقدم الدولة. وبرحيله فقدت دولتنا قامة وطنية من الرعيل الأول، بعد أن قدم عصارة جهده للوطن بإخلاص، منذ مشاركته في عدد من اللجان في مرحلة تأسيس قيام دولة الاتحاد في السبعينات، وبعد أن ابرز قدراته الفذة في القيادة تقلد مناصب وزارية مهمة مارس فيها مهامه بمسؤولية. كان نعم الأخ والصديق، دائم السؤال عن الجميع مهموما بأحوال المواطنين، ظل عطاؤه في جميع المناصب القيادية التي تقلدها شاهداً على قدراته الفذة، وغيرته الوطنية المخلصة. العزاء لشعب الإمارات ولأبنائه وإخوانه وأصدقائه وجميع أبناء الوطن. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وأهله الصبر وحسن العزاء. بصمات عريقة قالت منى بوسمرة رئيسة التحرير المسؤول لجريدة البيان، ونائبة رئيس مجلس الإدارة في جمعية الصحفيين: عرفت بو فيصل عن قُرب، خلال إدارة نادي دبي للصحافة، وعملت معه إبان توليه رئاسة مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية، فلا كلمات توفيه حقه، ولا دموع تعبر عن مدى حزننا وفقدنا لهذا العملاق الوطني، حيث إن الجميع يدركون بصماته العميقة على دروب هذا الوطن فكراً وثقافة، وأداءً وطنياً متميزاً لمصلحة كل أجيال البلاد وتعزيزاً لطموحات القيادة الرشيدة التي أولت الوطن كل اهتمام. وأضافت أنها فقدت الأب قبل القائد، حيث إن الفقيد كان دائماً يناديها بابنتي، مشيرة إلى أنه كان شخصية تُسحر الآخرين بتواضعه وإنسانيته وتعامله في كسب ود الجميع من دون استثناء. شخصية انسانية قال السيد علي الهاشمي، مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة: كان الفقيد، رحمه الله تعالى، شخصية متميزة، وله بصمات واضحة في حياته، وكان مخلصاً في عمله، وبذل كل ما يستطيع خلال فترة تسلمه وزارات اتحادية عدة، وكان، رحمه الله، مثالاً للرجل الصالح والمواطن الصالح. لقد عايشته عن قرب، ولمست فيه دماثة الأخلاق، وعلوّ الهمة، ووجدت فيه الشمائل العربية الأصيلة، وبفقده فقدنا جميعاً، بل المجتمع الإنساني، شخصية ذات بعد إنساني بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وأعزي قيادتنا الرشيدة، وأبناء الإمارات، والأمتين العربية والإسلامية، لفقدنا ابناً باراً لدولته وأمته، ونسأل الله عز وجل له الرحمة والمغفرة، وسكنى منازل الصديقين، وأولياء الصالحين، وأن يمنّ على أهله وذويه بمزيد من الصبر والسلوان، (إنّا لِلهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ). أب فاضل ومربٍّ فاضل قال فرج بن حمودة: بالأمس فقدنا إنساناً غالياً على جميع أبناء الدولة، ورمزاً من رموز هذا الوطن الشامخ، الذي مهما تحدثنا عنه، فلا يمكن أن نجزيه حقه، فهو قامة وطنية بامتياز كرّست حياتها لخدمة دولة الإمارات وشعبها، حتى غدت نموذجاً يُحتذى لجميع الأجيال القادمة. لقد أسهم الرومي في بناء الوطن، وإرساء دعائم التميز والبناء في مختلف المجالات والمؤسسات التي شغلها، ولاشك في أن هذه الإنجازات ستبقى محفوظة في ذاكرة الوطن، اعترافاً بما قام به الأوفياء لوصول دولتنا إلى ما وصلت إليه من تقدم وازدهار. محمد القرقاوي:تعرف عظمة الرجال من إنجازاتهم.. وتعرف عظمة الدول من رجالاتها عرفنا عظمة الشيخ زايد والشيخ راشد من خلال الرجال الذين اختاروهم حولهم.. وعرفنا من خلال هؤلاء الرجال كيف قاد زايد وراشد فريق عمل يقوم على مجموعة من القيم.. قيم الأخلاق والمبادئ والنزاهة والترفع عن صغائر الأمور.. قيم البناء.. بناء الأجيال والأوطان والبنيان.. ولا شي غير البناء. لم ينتظر خلفان محمد الرومي طويلا بعد رحيل رفيق دربه عبدالله عمران تريم.. رجلان شكلا ثنائية وطنية ساهمت في التأسيس.. وشهدت سنوات البناء.. وأرخصت الغالي والنفيس من أجل قضايا أمتهم وبلدهم.. علاقتي مع الأثنين كانت علاقة المتدرب بمدربه.. والصديق بأستاذه.. تعلمت من خلفان الرومي أن الوطن أكبر من الجميع.. وأن الجميع هم أبناء الوطن.. لم أسمع منه عبر سنوات طويلة كلمة سوء في أحد.. أو مقولة قاسية في مسؤول.. أو نقد جائر لجهة.. بل كان نزيها في أخلاقه ولسانه وأفعاله.. واسعا في عقله ومنطقه وحلمه.. جامعا بسعة نفسه الكثيرين حوله.. رحمه الله رحمة واسعة.. وتعلمت من عبدالله عمران شجاعة في الطرح.. وقوة في المنطق.. وجرأة عند التصدي لقضايا الوطن وتحدياته.. لأنهم أبناء زايد ورفاقه.. ولم تكن المجاملة أبدا طريقة لبناء دولة.. عبر سنوات طويلة من العمل الحكومي أثبت خلفان الرومي قدرة دبلوماسية عالية في التعامل مع مختلف القضايا والظروف.. ومع مختلف الأفكار والرجال.. ولم يكن همه أبدا الانتصار إلا لقضايا وطنه.. ولا الوصول إلا لمصلحة بلده.. أكثر ما يدهشني في عائلة الرومي حبهم وشغفهم بخدمة بلدهم.. وإيمانهم الشديد بدولة الإمارات.. دولة الاتحاد.. وهذا ما رأيته في الأخت والزميلة الفاضلة مريم الرومي عبر سنوات طويلة.. وما أشاهده وأشهد به كل يوم للأخت عهود الرومي.. ولا أظن ذلك إلا إحدى ثمرات معلمهم خلفان الرومي.. هم اليوم امتداد له.. وأحد حصائد سنواته التي قضاها في خدمة بلده.. بعد فقدنا لرجالات الوطن نسترجع شريطا كاملا من الذكريات معهم.. وتمر أمامنا بكل قوة وبكل تجرد لحظات إنجازاتهم ومواقفهم الوطنية.. ومن خلال تلك الذكريات يتضح لي سر الثقة الكبيرة والمحبة التي كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يكنها للرجلين.. وسر العلاقة الحقيقية التي كانت تربطهم.. كانت علاقة أخوة وطنية.. وثقة متبادلة رسخها العمل في فريق واحد.. فريق زايد وراشد لبناء دولة الاتحاد.. رحم الله خلفان الرومي رحمة واسعة وألهمنا جميعا وذويه الصبر والسلوان وجعل الفردوس الأعلى مثواه ومستقره.. إنا لله وإنا إليه راجعون سلطان بن أحمد :غاب ولن تغيب تركته الغنية ربما غيّب الموت خلفان الرومي، لكن لن تغيب تركته الغنية، لتبقى نبراساً وقدوة للعطاء والانتماء. المرحوم واحد من رعيل الوطن الأوفياء، الذين ينسج الوطن بذكراهم عباءة الفخر والعز؛ فهم شيدوا بناء حصيناً عنوانه الرجولة والوفاء، وسطروا حكاية وطنية حافلة بالإنجازات يرويها سفر التاريخ. رموز الوطن وأعلامه لا يغيبون، والفقيد الرومي من أعمدة الوطن الذين أسهموا بجهودهم البارزة في صناعة تاريخ ناصع بالمعرفة، لتبقى ذكراه العطرة باقية ببقاء الوطن، نفاخر بها ونسير على نهجها. لقد كان لمآثر المرحوم الوطنية دور بارز في النهضة الثقافية والإعلامية والتعليمية لتجسد منابر للنماء والعطاء. خلفان الرومي، رحمه الله، سيبقى حياً بأبنائه الذين يواصلون رسالته المعطاءة المرتكزة على الأمانة والمسؤولية، لتبقى مصدر إشعاع ينير طريق الآخرين. يحزننا فقداننا هذه الشخصية الفذة، ونسأل الله العزيز القدير، أن يسكنه فسيح جناته. غسان طهبوب :الرجل المحترم كل من عرف خلفان الرومي أو عمل معه، احترمه، وكل من اقترب من خلفان الرومي، تعلّم منه وأحبه. وقد أكرمني الله بمعرفة أبي فيصل، والعمل معه والاقتراب منه، وحظيت بصحبته بمعيّة أخويه وتوأمي روحه، تريم وعبدالله عمران، طيّب الله ثراهما. كانوا ثلاثة رجال جمعتهم مراتع الصبا ومقاعد الدراسة، والأحلام الكبيرة ومحبة الوطن والتفاني في خدمته. فرّقتهم الدراسة الجامعية، حين ذهب أبو فيصل إلى بغداد، وتريم وعبدالله إلى القاهرة، لكنه كان فراقاً مؤقتاً اختبرهم وصقلهم ونوّع معارفهم. بعد تخرجهم، لم يفترقوا في حلهم وترحالهم، وزادهم الاتحاد ترابطاً، فقد كانوا من الرعيل المؤسّس للاتحاد. رافقوه فكرة ومشروعاً، وانخرطوا في ورشة بناء دولته منذ لبناتها الأولى، وظلوا أوفياء له، حادبين على مصالحه، فخورين بإنجازات قيادته. كنت إذا رأيت أحدهم، كأنما رأيتهم ثلاثتهم. كان ائتلاف أرواح الثلاثة، حالا نادرة في العلاقات الإنسانية. كانوا أكثر من إخوة، فعلاً الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف. رحل تريم عام 2002، ورحل عبدالله عام 2014. حين فُجع خلفان بابنه الشاب فيصل، أدهشنا بهدوئه ورباطة جأشه. وها هو المؤمن المحتسب الراضي بقضاء الله وقدره، يلحق بفيصل وتريم وعبدالله. الموت إذن فراق مؤقت، واجتماع أبدي. لقد كفّى خلفان الرومي وأوفى. سيرته في ميادين العمل الوطني تشهد له. مناقبه ومكارم أخلاقه تشهد له. رؤساؤه وزملاؤه وأصدقاؤه يشهدون له. إرثه محفوظ في كتاب الوطن، وباق ينبض في ذريته وأسرته. حبيب الصايغ: إرثٌ غن يّعملاً وخلقاً إن حياة خلفان الرومي، هي تكثيف لتاريخ وطن كان حلماً جميلاً، وأصبح حقيقة أجمل، وما بين لحظتي الحلم والحقيقة، كان الراحل الكبير شاهداً ومشاركاً، وصاحب بصمة، من موقع إلى آخر، ومن مسؤولية إلى أخرى، في رحلة دؤوبة لا تتلكأ ولا تتردد ولا تشوبها لحظة من الشك في المستقبل، لاسيما أنه يتأسس على رؤى عميقة نافذة لمجموعة من الرجال المؤمنين، أولهم، وفي مقدمتهم القائد الرمز، باني الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. لقد جسد الراحل في مسيرته المهنية، وعمله الوطني، عبقرية الشخصية الإماراتية التي لا تعرف الكلل أو الملل، وتصر على تحقيق غاياتها في التميز. فقد كان على قدر الثقة التي منحته إياها القيادة الرشيدة، في جميع المناصب التي تبوأها، تاركاً في كل مكان بصمته الخاصة، وإرثه الغني عملاً وخلقاً. رحيل خلفان الرومي، لا يعني نهاية مشوار، بل بداية متجددة له، وانبعاثاً لقيم وطنية عليا ينبغي أن تتمثلها الأجيال الجديدة، ما يدعونا إلى تأكيد حاجتنا إلى توثيق سيرته العطرة، ورفقائه من الرعيل الأول، لتكون بين أيدي هذه الأجيال، فسيرهم ليست سير شخصيات بل سير مواقف ومبادئ وأحلام وإنجازات، وهذا حق للوطن قبل أن يكون حقاً لأشخاص بعينهم. الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب يوسف الحسن:صناعة الأفضل للناس أكد المفكر الإماراتي والسفير السابق الدكتور يوسف الحسن: ها نحن اليوم نودع خلفان الرومي، بعد تريم وعبدالله وآخرين، توزعت أعمالهم ومواقفهم في أرضنا بذوراً وطيباً. وفي حضرة الموت نصمت، ونحمد الله الذي خلق الموت والحياة ليبلونا أينا أحسن عملاً، فننادي على الراحلين إلى دار البقاء، ونقول أنتم الأحياء، وقد تركتم في قلوبنا سيرة طيبة، ونموذجاً للمواطن الصالح المتفاعل مع مجتمعه، وهموم ناسه والمسؤول والبنّاء والمشارك في صناعة الأفضل للناس. خالد عبدالله تريم:طيب الخلق وتواضع الكبار مع علمنا وإيماننا بأنه لا راد لأمر الله، فقد أفجعنا خبر انتقال العم خلفان الرومي إلى بارئه. فقد كان رجلاً يفيض حباً للناس، وإنساناً زينته الأخلاق الجميلة والخصال الحميدة، لم يجتمع إلى أحد إلّا وترك انطباعاً عظيماً لديه لا يُمحى، ولم يتحدث في مجلس إلّا وملك قلوب الناس وعقولهم. فاجتمع عليه حب الناس، لما أودعه الله فيه من طيب الخلق وتواضع الكبار. وكما كان الناس يجتمعون على الثناء عليه، في علاقاته الخاصة، فقد تميز في عمله، وفي تفانيه لخدمة بلده، وفي خدمته لكل من توجه إليه، طالباً نصحه أو مساعدته. ولأنه تميز في كل ما كان يقوم به، حظي بثقة قيادتنا، حيث أُسندت إليه مهام عدة، برز فيها عمله وتمكنه وإخلاصه ودأبه وسهره. ولعل أكثر ما يمكنني الحديث عنه، هو قربه من المرحوم الوالد الدكتور عبدالله عمران. فقد تشاركا في مسيرة خدمة البلاد في أكثر من حكومة، وكانا لا يفترقان حينما كانا في العمل، وحتى عندما أصبحا خارجه. ويعرف كل من عاصرهما أنهما قلّ ما لم يكونا معاً في مجلس أو مكان. فقد جمعهما حب الوطن وخدمته، وربطتهما المودة الصادقة، وتلاقيا في الفكر، وما ينبغي أن تكون عليه الأمور. وكانا يتبادلان المشورة الصادقة، ويمحض كل منهما الآخر الثقة، فتكاملا في النظرة إلى الشأن العام، وإلى ما يحيط بالوطن العربي من تحديات، وإلى ما هو أفضل لرفعة الأمة ونهضتها. وعندما انتقل والدي إلى رحمة الله، وجدنا في العم خلفان خير النصير والناصح والموجه. وقد ارتقى في أعيننا أكثر، لأنه كان، بالرغم من معاناته المرض الخطر، حريصاً على متابعة عمل دار الخليج، وعلى الاتصال، لكي يقف إلى جانبنا حين تقتضي الحاجة إلى خبرته. ولاشك في أن غيابه خسارة لنا في الخليج التي كان لها ولأصحابها صديقاً وفياً ومخلصاً. لقد فتح رحيل العم أبي فيصل، جرحاً، لمّا يندمل، فحضرت صورة الوالد، والعمّ تريم، الراحلين، قويّة مهيبة، وأذكت ظمأنا إلى الحنان والحكمة والخبرة وسداد الرأي. ولكن ما يسلي أفئدتنا المكلومة، أن نهج خلفان الرومي، ونبل أخلاقه، رحمه الله، سيبقيان يعطران، مع ذكرى العزيزين، حياتنا وأجواءنا، وخليجنا. خلفان الرومي في ذمة الله، لكنه باق فينا فيما تركه من عمل صالح، وأخلاق نبيلة، أضحت نهجاً نسترشد به في خطانا في استكمال بناء دار زايد. رحم الله خلفان الرومي وأسكنه فسيح جناته. عمران عبدالله تريم:في قلبه وطن خلفان بن محمد الرومي، ارتقى إلى بارئه، وفي قلبه وطن ينبض بمآثر تركها لنا، في كل موقع شغله، وكل مسؤولية تولاها، خلفان عاش الإمارات منذ لحظات تأسيسها الأولى، كما عاشته الإمارات عمراً مديداً وإنجازات عدّة، حيث شغل مواقع ومسؤوليات، وقدم خبرته وعقله بتفانٍ للدولة إلى أن وافته المنية. غادرنا أبو فيصل إلى دار البقاء، تاركاً لنا تاريخاً طويلاً من العطاء، تزينه كريمته وزيرة دولة للسعادة، عهود الرومي، وشقيقته وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة، مريم الرومي، وعائلة كبيرة تمتد بطول البلاد وعرضها تخدم الوطن في شتى المواقع تأسياً بتاريخ طويل من العطاء. ويعدّ الرومي أحد أبرز رموز الرعيل الأول، بناة دولة الاتحاد، مع المغفور لهما، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان، والشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراهما. في لحظة الوداع لخلفان الرومي، نستحضر تاريخه في العطاء، ونستعين به على مواجهة المستقبل، حيث حَمَلَ الراحل هموم الوطن مع القادة والرفاق يوماً بيوم، ولحظة بلحظة، إذ شارك في لجان التحضير لتأسيس الدولة، وكان عضواً في الوفد الذي شارك في اجتماع جامعة الدول العربية لانضمام الإمارات إلى عضويتها عام 1972، وبحث قضية احتلال جزر الإمارات. الوالد، الوزير والسياسي والمثقف الوطني، خلفان بن محمد الرومي، كان في مقدمة حملة الشهادات العليا الذين تلقَّوا تعليمهم ضمن أوائل البعثات التعليمية الذين أوفدوا إلى العراق عام 1965، وكانت تلك خطوته الأولى التي بدأ بها تاريخ العطاء للدولة والمجتمع.. وهو عطاء لم يتوقف حتى اللحظة الأخيرة من حياته. وعلى مدى سنوات طويلة كانت علاقة الراحل الكريم مع الوالد متجذرة وعميقة، صهرتها بوتقة التجارب وغلَّفها النضال المشترك من أجل الوطن وخطوات بناء الدولة.. علاقة اتسمت بالتقدير والانتماء والولاء للإمارات. منى غانم المري :خلفان الرومي.. ستبقى بيننا يلتقي المرء منا في مشواره مع الحياة كثيراً من الناس، لكن قليلاً منهم يتركون بصمات واضحة في مسيرته، ويكون لهم من التأثير ما يبقى معه طوال حياته. خلفان الرومي، رحمه الله، كان أحد هؤلاء الأشخاص الذين لا يمكن أن يلتقوا إنساناً إلا ويتركون معه ذكرى تظل ملازمة لهم، تؤثر في حياتهم إيجاباً. التقيت هذا الرمز الوطني، تغمده الله بواسع رحمته، عندما اختاره صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لرئاسة مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية، مع إعادة تشكيله، ليكون هذا التكليف بداية رحلة عمل مع قامة مميزة من قامات الوطن. تعلمت منها الكثير واكتسبت منها قيماً كانت عوناً لي في حياتي الشخصية والعملية. فالحكمة والعطاء والتواضع، والتسامح والعقل الراجح، والرأي السديد، سمات ربما من النادر أن تجتمع في شخص واحد، ولكنها تجسّدت جميعها في هذا الرجل الذي لم يتوان يوماً عن بذل كل ما في استطاعته لمساعدة الآخرين، وتقديم النصيحة والمشورة للأخذ بيدهم. كان خلفان الرومي، رحمه الله، نموذجاً في العطاء وقدوة تحتذى في الالتزام والتفاني في العمل، أنّى كان موقعه، ومهما تكن نوعية المسؤولية التي يتسنّمها، ولقد لمست ذلك عن قرب، من خلال مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية، الذي لم يتخلف عن حضور اجتماعاته قط، حتى مع معاناته ألم المرض؛ وعندما كان يضطره الأمر إلى مغادرة البلاد، في رحلة علاج، كان يحرص على الاتصال معتذراً عن تغيبه عن اجتماع المجلس، بتواضع جمّ، وهذا من شيم النبلاء. كان، رحمه الله، حريصاً كل الحرص على التواصل مع جميع أعضاء المجلس، ويمضي الساعات الطوال في نقاشات، لتعزيز مكانة الجائزة التي كان شريكاً رئيساً في بناء سمعتها الناصعة إلى اليوم. لن أنسى أبداً كلمة يا بنتي التي اعتاد أن يناديني بها، بشعور تلقائي أنه أب للجميع، لا يبخل عليهم بالتوجيه والنصح والرأي الراجح. وكنت أنصت إليه باهتمام وأصغي إلى كل ما يقول، لأن كلماته كانت تحمل خلاصة سنين من التجربة أكسبته حكمة ورجاحة عقل وصواب رؤية. كان رحمه الله يعامل الجميع كأب حريص على مصلحة أبنائه، ووالد لا يبخل عليهم بالرأي والمشورة لما فيه صالحهم ونجاحهم. كان رجلاً بشوشاً متسامحاً حتى مع من قد يختلف معه في الرأي، وكان يتقبل ذلك بصدر رحب وحكمة وقدرة على وضع الأمور في نصابها، وكان دائماً حريصاً على أن تكون المودة هي الرابطة بالجميع. وعلى الرغم من أن إنجازاته ستبقى خالدة في ذاكرة الوطن، فلاشك في أن خلفان الرومي برحيله عن عالمنا، سيخلّف وراءه فراغاً كبيراً على المستوى المحلي والعربي أيضاً. ولكن ما يعزينا أنه ترك بذرة صالحة ونموذجاً نسائياً مشرّفاً، نفخر به جميعاً،هي الأخت والصديقة عهود الرومي التي أهلتها سماتها التي ورثتها عن والدها، رحمه الله، لاختيارها لشغل موقع هو الأول من نوعه على مستوى العالم أجمع، وهو منصب وزيرة الدولة للسعادة في وطننا الإمارات. ربما ترحل رموز العطاء، ولكن تبقى ذكراها الطيبة وإنجازاتها نبراساً يضيء الطريق للآخرين، تمنحهم الأمل وأسباب السعادة وتلهمهم السبيل نحو النجاح. خلفان الرومي.. ستبقى دائماً بيننا. البرلمان العربي ينعى الفقيد نعى أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي المغفور له خلفان محمد الرومي وزير الإعلام والثقافة السابق. وقال الجروان في بيان له أمس: لقد كان الرومي ابناً باراً من أبناء الإمارات وتشهد بإنجازاته وتفانيه في خدمة وطنه الأروقة التعليمية والاجتماعية والثقافية والإعلامية كافة محلياً وعربياً. وأضاف رئيس البرلمان العربي أن الرومي يعد أحد القامات الإماراتية الكبيرة والشخصيات العربية المتميزة التي نحزن على فراقها. الدكتور مانع سعيد العتيبة:وداعاً خلفان مَا ظَلَّ لِلأَحْزانِ فيَّ مَكانُ وَتُصِرُّ ألاّ تَنْتَهي الأَحْزانُ اليَوْمَ يَطْرقُ بابَ قلبي طارِقٌ لِيقولَ: لَبَّى رَبَّهُ خَلفْانُ خلفْانٌ الرُّوميُّ فارسُ مَوْطِني وَبِمِثْلِهِ تَتفاخَرُ الأوطانُ اليَوْمَ يَمْضي في سُكونٍ قائلاً لاَبُدَّ أَنْ يَتَرَجلَ الفُرْسَانُ كانَ الصَّديقُ وللصَّداقةِ عِنْدنا مَعْنى يَنوءُ بِشَرْحِهِ الوِجْدانُ وَمَعاً مَشيْنا في طَريق شَقَّهَا باني الحِمَى والقائدُ الإِنسْانُ خَلفانُ لَنْ يَنسْاكَ جِيلٌ صَاعِدٌ في مَوْطِني فَعَدُوُّهُ النّسْيانُ سَتَظلُّ نِبْراساً يُضيءُ أمامَهُمْ دَرْبَ الِبناءِ لِيَشْمَخَ البُنْيانُ أَعْطَيْتَ عُمْركَ لِلإماراتِ التّي سَكَنَتْ فُؤادكَ فَانْتشى الشرْيانُ وَمشَيْتَ خَلْفَ خُطى الزّعيم بهمّةٍ فَتَعانَقَ الإِنسْانُ وَالعُمْرانُ فَلْيُعْطِكِ الرَّحْمن غُفراناً بِهِ تَرْنو لِكُلِّ المُؤمْنينَ جِنانُ وَلْيُعْطِنا صَبْراً وَسُلوْاناً عَلَى هذا الرّحيلِ الصَّعْبِ يا خَلفْانُ
مشاركة :