جثة الحمار للصديق الناقد والمفكر الدكتور عبدالله الغذامي - عبدالله الناصر

  • 4/8/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

- قصة - كان يوما حافلا في حياة كامل الممدوح... تكريماً له على روايته الرائعة "جثة الحمار" فقد نشرت الصحف في ملاحقها، عن هذا التكريم، وراج الخبر بين المثقفين والنقاد، والروائيين، والقصاصين، وأصبح حضور هذا الاحتفاء واجبا ليس أخلاقياً فحسب بل واجب مهني، فلا يمكن لمبدع أن يتخلى أو يغيب عن مثل هذه المناسبة.. وقد بذل نادي الكتاب، والحق يقال، جهدا رائعاً تمشيا مع المناسبة ذات البعد الإبداعي والمغازي الرصينة للفكر والأدب. وهكذا امتلأت القاعة بوجوه المثقفين، والمبدعين، والحق ان لكل وجه سمته، وملامحه التي توحي بما لهذا الوجه من تجربة إبداعية.. ولكن الوجوه رغم أن معظمها متعب فهي كصفحات تقرأ ما عليها من سطور الارهاق الابداعي، وقد يكون ذلك إيحاء مصدره المكان، والمناسبة التي تضفي على الأجواء هذا الرونق، أو قل هذا الجلال الإبداعي المهيمن.. ولكنها من ناحية أخرى أو من منظور آخر وجوه عادية لا تختلف عن وجوه العامة من الناس، وهذا يعطي أيضا انطباعاً بأن المبدعين هم من طينة الناس ولحمتهم، غير أنهم وإن تشابهوا في السحنات فهم مختلفون كل الاختلاف في الفن بكل تجلياته.. وكما تقتضيه أصول العرف والسمت الأدبي فقد ظهر على المسرح كامل الممدوح بكل أناقته رغم شحوبه الطبيعي كمبدع يتغذى القلق والهم اليومي، ويصارع في عنت كل أشكال البشاعات، والقباحات التي ترتكب بحق الإنسان.. جلس إلى جانبه الأستاذ قيس الضاوي .. الذي بدأ في تقديمه للروائي بما يشبه الترتيل حيث قال: سيداتي سادتي معشر الأدباء والمبدعين... إنكم في مشاربكم تستذوقون العصائر باختلاف أذواقكم.. فهناك عصير البرتقال، وهناك عصير التفاح، والمانقا، والعنب.. كل ذلك رائع وكلّ له طعمه، وكل فرد له استساغته في نوع العصير وطعمه، وله الحق أن يمد يده ليختار كأسه من بين كؤوس العصير المختلفة.. بيد أن هناك شرابا واحدا لا يختلف الناس في ذائقتهم عليه.. إنه العسل المصفى.. ويا سادتي إن رواية "جثة الحمار" هي عسل الإبداع المصفى..! ضجت القاعة بالهتاف، والتصفيق، والتصفير، ثم النظرات المتبادلة.. التفت الشاعر سعيد إلى الأديب مسعود متسائلاً: بماذا أوحت إليك الرواية حينما قرأتها..؟! رد مسعود في حماسة، بأن الروائي الرائع يستطيع أن يصنع عالماً من الدهشة، والجمال، والكبرياء أيضا، نعم، الكبرياء! إنها رواية تجعلك تؤمن كيف يستطيع المبدع أن يصنع مجداً عظيما من خياله المجنح.. أما الناقد "عُزير" فقد سار نحو المسرح فصعده.. ثم وقف مطفئاً سيجارته بحذائه، وقد رفع رأسه نحو الجمهور قائلاً: لقد كتبت -بكل فخر- نقدا عن هذه الرواية العظيمة، في مجلة " اعاصير الدهور" الثقافية وقلت: رغم أن الرواية تتحدث عن النتن، وعن جثث الحمير، رمزا عن الفساد الفكري، والبغاء السياسي، فالحق إن لها رائحة الورد والياسمين، إقرأوها واطلبوا من أولادكم قراءتها.. وتحدث الروائي "زكريا زهران" قائلاً: أيها السادة، لقد أبهرتني لغة الرواية، وسحرني خيالها البارع، وقدرة الروائي على التغلغل إلى النفسية الإنسانية، ببساطة لا يجيدها إلا العمالقة الأفذاذ ثم وقف الفيلسوف عقل ثابت، وأخذ يحدّق في السقف.. ثم أرخى رأسه، وترك ظفر إبهامه يحك أنامله، ثم استعدل بهيئته وقال: إن في الرواية تعانقاً مع الوجود بالركون إليه، ثم الانعتاق منه، فالارتداد إليه مر أخرى في البحث عن البديل المغاير، إنها رواية تنتمي للزمن اللولبي المتحرك..! ونهضت الروائية المعروفة "تيزي" صاحبة الرواية ذائعة الصيت " الثور السادس" هاتفة من أقصى القاعة: إنني لا أحب المديح والإطراء، والمداهنات الثقافية ولكنني أتمنى أن تقرر هذه الرواية العظيمة على طلاب جامعاتنا.. وكان الروائي كامل الممدوح، يتمتم، ويشحب ويصفرّ ويتلون وجهه أمام ذلك كله..! وأخيرا أطل رئيس اتحاد الكتاب، واحتضن كامل الممدوح ثم التفت إلى الجمهور قائلا: يشرفني، ويسرني باسم الأدب والإبداع أن أقدم جائزتنا للروائي الكبير كامل الممدوح على رائعته "جثة الخمّار" نعم "جثة الخمّار" وأعتذر لكم عن سقوط نقطة الخاء في بطاقة الدعوة، إذ ليس في الرواية حمار، ولا حمير... m.alnasser777@hotmail.com

مشاركة :