حلب (سوريا) - تردد صدى أذان المغرب في الجامع الأموي التاريخي في حلب للمرة الأولى، السبت، منذ أن استعادت قوات الحكومة السورية السيطرة على حلب الشرقية والقديمة. كان هذا الحدث المهم بمثابة عودة رمزية إلى الحياة الطبيعية لسكان المدينة الذين عانوا من الصراع والدمار على مدى سنوات. ولإضفاء روح التكاتف تم تنظيم إفطار جماعي في الجامع شارك فيه 1400 شخص من مختلف الخلفيات والمناطق في حلب. وعلى الرغم من جهود الترميم المستمرة اجتمع الناس لتناول الإفطار في ساحة المسجد محاطين بآثار الماضي التي يجري العمل على ترميمها بدقة كي تعود إلى رونقها السابق. وكان مشهد الأحجار المتضررة التي تم ترقيمها وأرشفتها بعناية لإعادة بنائها بمثابة تذكير مؤثر بأشهر مسجد في المدينة. وبينما كانت الأدعية تملأ الهواء وتفوح رائحة الأطباق التقليدية في الفناء ساد في الأجواء شعور بالأمل والتضامن وهو ما قد يشير إلى فصل جديد من التعافي والتجديد في حلب. وقال إمام الجامع الأموي محمد حسون "من أكثر من 11 عاما اقتلعت الحرب صوت هذا الجامع. تألمنا، حزنا، إلا أننا بإذن الله تعالى وبفضل هؤلاء العمال الذين يكدون ويعرقون، سيرجع الجامع إلى ما كان عليه وسيتعدد أصوات المؤذنين في هذا المسجد ليعود ليدخل إلى بيوت الحلبيين خمس مرات في كل يوم بإذن الله". وأكد محمد عبده، وهو من سكان حلب، "فرحتنا كبيرة ما بتنوصف بها الأذان اللي ارتفع اليوم بالجامع الكبير". ووضعت الحرب أوزارها في حلب في ديسمبر/كانون الأول 2016 بعد اجتياح الجيش السوري، مدعوما بطائرات روسية وفصائل شيعية مسلحة تدعمها إيران، لمعقل المعارضة بعد حصار وقصف استمر شهورا. وأدى الصراع في سوريا، الذي اندلع في 2011، إلى مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين. وظلت حلب مقسمة لسنوات بين مناطق تسيطر عليها الحكومة وأخرى تحت قبضة المعارضة، وتعرضت مساحات شاسعة من منطقة وسط حلب التاريخية للدمار. ودُمرت مئذنة الجامع الأموي والأسواق المغطاة التي كانت تحيط به خلال المعارك بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة في عامي 2012 و2013، لكن على الرغم من تعرضها لأضرار جسيمة فقد نجا جزء كبير من المسجد. ولحق دمار تام بثُلُث المساحة الإجمالية للمسجد لكن السلطات السورية تلقت دعما ماليا من الحكومة الشيشانية لإعادة إعماره. ويعد الجامع الأموي أكبر وأقدم المساجد في مدينة حلب السورية، وهو أحد مواقع التراث العالمي، بني في بداية القرن الثامن الهجري، في موقع معبد روماني سابق، وكاتدرائية بيزنطية بنيت من قبل سانت هيلين، والدة قسطنطين الكبير، وتمّ تشييد مئذنة المسجد ذات الطراز المعماري الفريد عام 1090، وتمّ تدميرها وجزء كبير من المسجد في أبريل 2013 بسبب الحرب الأهلية السورية. وكان المسجد الأموي يمتاز بحلب بمئذنة فريدة من نوعها من العمارة الإسلامية، ووصف عالم الآثار إرنست هرتسفلد النمط المعماري للمئذنة بأنه نتاج حضارة البحر المتوسط. وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2012 تضرّر المسجد بشكل كبير بسبب الحرب الدائرة في سوريا، بين المجموعات المسلحة التابعة للجيش السوري الحر وقوات الجيش السوري.
مشاركة :