البنوك المركزية تلجأ لزيادة احتياطي الذهب تجنبًا لتراجع العملات

  • 4/10/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يُعد الذهب واحدا من أهم المعادن النادرة، بل يبدو أنه الأهم على الإطلاق. فقديما، قبل نحو سبعة آلاف عام امتلأت مقابر الفراعنة المصريين بالمشغولات الذهبية الفاخرة؛ لترافقهم في حياة ما بعد الموت. وفي أوقات الأزمات المالية العالمية، خاصة في فترة الكساد العظيم عام 1930، فضلت البنوك المركزية للدول والمواطنون اكتناز الذهب بوصفه ملاذا آمنا في وقت تفقد فيه النقود الورقية قيمتها. ويبدو أن العالم يقترب من الدخول في أزمة أخرى؛ بسبب الديون المتراكمة بالعملة الدولارية الورقية، ويرافق ذلك بدء البنوك المركزية بشراء كميات كبيرة من الذهب التي يمكن الحصول عليها. وبدأت كل من روسيا والصين فعليا في رفع احتياطات بنوكها المركزية من الذهب. ليس ذلك فحسب، بل أعلن بنك الصين الشعبي مؤخرا أنه قد تخلى عن ربط عملته بالدولار الأميركي وتنويع سلة عملاته. وفي وقت تتركز فيه الأنظار على إمكانية وقوع روسيا في أزمة اقتصادية حادة؛ بسبب الانهيار الحاد في أسعار النفط وسعر صرف العملة الروسية (الروبل)، قام البنك المركزي الروسي في شراء كميات ضخمة من الذهب خلال 2015. وخلال فبراير (شباط) الماضي اشترى البنك المركزي الروسي 356 ألف أوقية من الذهب ليصبح أكبر مشترٍ للمعدن الثمين بين البنوك المركزية في العالم، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي. وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2016 - للشهر الحادي عشر على التوالي - اشترى البنك المركزي الروسي أيضا 22 طنا من الذهب، تُقدر قيمتها بنحو 800 مليون دولار. ووفقا لبيانات المركزي الروسي، أضافت روسيا 208 أطنان من الذهب إلى احتياطياتها خلال العام 2015 مقارنة مع 172 طن لعام 2014. ويُقدر احتياطي روسيا من الذهب الآن نحو 1437 طنا، وهي سادس أكبر دولة من حيث الاحتياطات الذهبية وفقا لمجلس الذهب العالمي. ولزيادة الاحتياطات من الذهب، قام البنك المركزي الروسي ببيع حيازاته من سندات الخزانة الأمريكية لشراء الذهب. واعتبارا من ديسمبر (كانون الأول) 2015، تراجعت سندات الخزينة الأميركية لدى روسيا إلى 92 مليار دولار مُقابل 132 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) 2014. ووفقا لبيان البنك المركزي الصيني - المنشور على موقعه الإلكتروني يوم الخميس - زادت الصين احتياطياتها من الذهب في مارس (آذار) الماضي بأصغر كمية منذ بدأت البلاد في الإفراج عن بيانات الذهب على أساس شهري في يوليو (تموز) 2015. ووسع بنك الشعب الصيني احتياطاته من الذهب بنسبة 0.5 في المائة إلى 57.79 مليون أوقية (حوالي 1797 ألف طن متري) من 57.50 مليون أوقية في الشهر السابق. واشترت الصين 17 ألف طن أخرى من الذهب في يناير (كانون الثاني) الماضي وسوف تشتري ما مجموعه 215 ألف طن أخرى خلال العام الحالي. ومن أغسطس (آب) 2015 إلى يناير 2016 أضافت الصين 101 طن من الذهب لاحتياطياتها. وارتفعت احتياطيات البنك المركزي في الصين من الذهب بنسبة 57 في المائة منذ عام 2009 وحتى يونيو (حزيران) 2015، ومنذ ذلك الحين قفزت الموجودات من الذهب في البلاد 8.4 في المائة، أو بما يعادل 500 ألف أوقية (15.6 طن) شهريا، وترتفع المشتريات السنوية لبنك الصين الشعبي من الذهب عن نحو 200 طن؛ لتجاوز حيازات الذهب كاملة من حوالي 20 دولة، وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي. وفي تقرير حديث، صدر الأسبوع الماضي، نصح مجلس الذهب العالمي المستثمرين بالنظر إلى مضاعفة ما في حوزتهم من الذهب، وسط توقع المجلس بارتفاع عوائد الذهب في ظل اتباع سياسات أسعار الفائدة السلبية. ويذكر التقرير أن البنوك في أوروبا واليابان قد نفذت بالفعل سياسات أسعار الفائدة السلبية (NIRP)، موضحا أن الآثار طويلة الأجل لهذه السياسات غير معروفة، ومع ذلك، فقد تتضمن الآثار الجانبية عدم استقرار أسعار الأصول، وتورم الميزانيات العمومية وحروب العملة. ورغم ارتفاع عدم اليقين في الأسواق، ارتفع سعر الذهب بنسبة 16 في المائة، منذ بداية العام حتى بداية أبريل (نيسان) الحالي. وفي شهر فبراير وحده، قفزت أسعار الذهب 9.6 في المائة، وكان هذا أعلى زيادة في شهر واحد في أربع سنوات. وانخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لعقد الذهب، والفائدة السلبية لعائدات الديون السيادية في سويسرا واليابان تمتد إلى 10 أعوام، في حين أنها في فرنسا وألمانيا تمتد إلى 5 سنوات. حتى أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة منخفضة للغاية. ويتوقع مجلس الذهب العالمي، أن يرتفع الطلب على الذهب من البنوك المركزية والمستثمرين على حد سواء، على المدى الطويل، مع استمرار سياسات الفائدة السلبية. ونتيجة لذلك، يتوقع المجلس أن يرتفع الطلب على الذهب بوصفه أصلا استثماريا من الناحية الهيكلية. ويؤكد بنك الاستثمار مورغان ستانلي، على الاستمرار الصعودي في أسعار الذهب لتصل إلى 1250 دولارا للأوقية في الربع الرابع من العام الحالي. ويرى البنك أن صعود الذهب إلى أعلى من هذا المستوى يعد محدودا في ضوء توقع مزيد من الاتجاه الصعودي للدولار، على الأقل في المدى القصير، مع توقعات برفع أسعار الفائدة الأميركية مستقبلا.

مشاركة :