تعليق ((شينخوا)): إزالة الحواجز تصب في صالح الولايات المتحدة والصين

  • 4/7/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تناولت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين طعام العشاء في أحد أقدم المطاعم الكانتونية واسمه "تاوتاوجوي" بعد أن حطت في قوانغتشو يوم الخميس، طالب الجانب الأمريكي برفع فواصل الخصوصية حتى يتسنى له الاستمتاع بالمأكولات إلى جانب رواد المطعم المحليين الجالسين في الجوار. والواقع أن طلب كهذا بـ"إزالة الحواجز"، وهو بادرة انفتاح تسمح ليلين والوفد المرافق لها بإجراء تفاعل مباشر مع الشعب الصيني، كان أيضا لفتة أنيقة التقطتها عدسة الكاميرا. ولكن لا تنسوا أن هناك حواجز هائلة تعيق التفاعلات بين الصين والولايات المتحدة، والتي يُنتظر تفكيكها لصالح الأمتين فضلا عن بقية العالم. إن شبح الحمائية يطارد واشنطن. فقد وقع العديد من كبار صناع القرار السياسي في أمريكا، من الجمهوريين والديمقراطيين، في قبضة عقلية أنا الرابح وأنت الخاسر التي تعود لفترة الحرب الباردة عند النظر إلى العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. وهم يرون أن تقدم الصين يعادل نكسات لأمريكا. وبتلفيقها ما يسمى برواية "التهديد الصيني"، أقامت واشنطن كافة أنواع الحواجز بين أكبر اقتصادين في العالم، بدءا من التعريفات التجارية، وإجراءات حظر التكنولوجيا الفائقة، فضلا عن قيود منح التأشيرة للأكاديميين والطلاب الصينيين، وذلك من بين أمور أخرى. فبادئ ذي بدء، تسببت الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية في ارتفاع أسعار السلع ذات الصلة، وساهمت في ارتفاع معدلات التضخم التي ابتلي بها الاقتصاد الأمريكي في السنوات الأخيرة. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، قفزت أسعار منتجات البقالة بنسبة ٢٥ في المائة، حسبما أفادت وزارة الزراعة الأمريكية. إن محاولات واشنطن فصل الاقتصاد الأمريكي عن الاقتصاد الصيني، رغم إنكار يلين لذلك يوم الجمعة، ذهبت أيضا في الواقع أدراج الرياح. فقد انخفض حجم التبادل التجاري في العام الماضي، وانخفض العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عقد من الزمان. ومع ذلك، فإن الصادرات المتزايدة من دول مثل فيتنام والمكسيك إلى الولايات المتحدة تتألف من مدخلات كبيرة مصدرها الصين. وذكر تقرير معهد ماكينزي العالمي الذي نُشر في يناير أنه حتى مع انخفاض حصة الصين من الواردات الأمريكية من السلع المصنعة في الفترة من 2017 إلى 2020، إلا أن حصتها من القيمة المضافة للسلع المستهلكة في الولايات المتحدة ارتفعت بالفعل. ومن ناحية أخرى، نجحت تنمية الصين، وخاصة في مجال الابتكار التكنولوجي، في الحفاظ على زخمها حتى في مواجهة الإجراءات الصارمة الشاملة التي اتخذتها أمريكا. ففي العام الماضي، فاجأت شركة هواوي الصينية للاتصالات العالم بإطلاق هاتف ذكي برقائق جديدة على الرغم من سنوات من العقوبات التي فرضتها واشنطن على الرقائق. كما أن سعي الصين إلى تحقيق تنمية عالية الجودة يعمل على تعزيز صناعاتها التحويلية المتقدمة. وفي مقابلة أجرتها معه مؤخرا شبكة (( سي إن بي سي))، استرجع وزير التجارة الأمريكي الأسبق كارلوس جوتيريز، الذي حضر منتدى بوآو الآسيوي هذا العام في مقاطعة هاينان الجزرية الصينية، زيارته لمصنع غير مأهول في الصين، واصفا ذلك المصنع بأنه "أكثر منشآت التصنيع تقدما" التي شهدها في حياته. وقال إن الابتكار، وليس العقوبات، ينبغي أن يكون السبيل الصحيح لكي تتفوق الولايات المتحدة على الصين في المنافسة. ومع تزايد غضب واشنطن إزاء ازدهار الصناعات الخضراء والمركبات الكهربائية والألواح الشمسية في الصين على وجه الخصوص، فإن القشة التي تتعلق بها تكمن في تكرار النغمة القديمة المتمثلة في "القدرة المفرطة" والتهديد بفرض رسوم جمركية أعلى. والواقع أن الرسوم المفروضة على بعض الواردات الصينية مرتفعة إلى الحد الذي يجعل المرء لا يستطيع أن يرى سيارة كهربائية صينية الصنع تجري في شوارع الولايات المتحدة. إن قمع الصناعات المرتبطة بالمركبات الكهربائية في الصين لن يساعد أمريكا في تنمية قدراتها. فالتعاون وحده هو القادر على ذلك. وثمة شركات صينية وأمريكية تحاول تجسيد ذلك التعاون. فقد أفادت تقارير إعلامية بأن شركة فورد الأمريكية لصناعة السيارات وشركة كاتل الصينية الرائدة في صناعة البطاريات الكهربائية، تدرسان بناء مصنع للبطاريات في ولاية ميشيغان أو ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة. وينبغي على الجانبين تهيئة المزيد من الظروف لتحقيق هذه الخطة. قبل سفرها إلى الصين، قالت الوزيرة يلين إن زيارتها للصين هذه المرة هي لدفع "علاقات اقتصادية صحية". وترى بكين من وجهة نظرها أن أي علاقات صحية ينبغي أن تكون علاقات تقوم على الانفتاح والمساواة والمنفعة المتبادلة، في حين أن أي إجراء أحادي الجانب لخنق تنمية التجارة والتكنولوجيا في الصين لن يخلق سوى المزيد من المخاطر. ومن المتوقع أن تعمل الوزيرة يلين خلال الأيام المقبلة مع الجانب الصيني لتمهيد الطريق أمام البلدين للبدء في كسر بعض الحواجز التي تعترض طريق التعاون الثنائي المستقر والمفيد للجانبين. أو على الأقل، هناك أمل في إحراز بعض التقدم للحيلولة دون تراكم مزيد من العراقيل المفضية إلى خاسرة للجميع.

مشاركة :