مقالة خاصة: مركز إيواء.. توزيع الطعام .. مبادرات لرعاية الكلاب الشاردة في جنوب لبنان

  • 4/8/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في منطقة ميمس بالقطاع الشرقي من جنوب لبنان يداعب الشاب نزار حاطوم عشرات الكلاب الشاردة في مركز إيواء أنشأه لجمعها من الطرق والبراري ورعايتها، فيما يجوب اللبناني علاء سليمان القرى الحدودية بشكل يومي لإطعامها، وذلك في مبادرات خيرية تستهدف إنقاذها باعتبارها إحدى ضحايا القصف المتبادل عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف وإطلاق النار عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي. وتحت وطأة إطلاق النار المتبادل اضطرت آلاف العائلات اللبنانية خلال النزوح من المنطقة الحدودية بجنوب لبنان إلى ترك حيواناتها الأليفة من كلاب وهررة وسط القرى المهجورة والبراري بعيدا عن أية رعاية وعرضة لخطر المجاعة والأمراض والقتل، ما دفع البعض إلى إطلاق مبادرات لإنقاذها بإعتبارها إحدى ضحايا الحرب الدائرة. ومن بين هؤلاء الشاب الثلاثيني نزار حاطوم، الذي أنشأ مركز إيواء للكلاب الشاردة في منطقة ميمس بجنوب لبنان بعدما اكتسب خبرة لرعاية الكلاب خلال خدمته على مدى خمس سنوات كمدرب للكلاب البوليسية في الجيش اللبناني. وجمع حاطوم بمساعدة مجموعة متطوعين عشرات الكلاب من الطرقات والبراري ونقلها إلى مركزه. وقال حاطوم خلال انكبابه على مداعبة الكلاب في باحة المركز لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إنه لجأ إلى هذه الخطوة رأفة بهذه الحيوانات الأليفة التي تركها أصحابها بعد نزوحهم من قراهم، وحماية للمواطنين من خطرها بعد تشردها دون رعاية في الكثير من المناطق بجنوب لبنان". وتابع "تخضع هذه الكلاب في مركزنا لبرنامج تدريبي يعيد لها الأمان وينمي فيها ميزة وفائها المعروفة للإنسان". لكن المهمة صعبة ومكلفة، وفق حاطوم. وأضاف في هذا السياق أن "المهمة صعبة ومكلفة، وبحاجة لتعاون وتكاتف الكثير من الجهات المعنية، خاصة البلديات وجمعيات الرفق بالحيوان ونقابة أطباء البيطريين ووزارتي الزراعة والبيئة والجهات المانحة"، موضحا أن الكلاب تحتاج بجانب الرعاية والتدريب والتحصين والحماية للمأكل والمشرب والدواء في ظل ارتفاع أسعارها الجنوني مع تفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان. ويبقى هدف الشاب اللبناني هو احتضان الكلاب المتروكة في القرى والبراري دون طعام وشراب ومأوى خوفا من أن تتحول من أليفة وصديقة للإنسان إلى خطرة وهدف للقتل دون رحمة وتحت ذرائع واهية، حسب ما قال. ودعا حاطوم إلى ضرورة تضافر كافة الجهود لجمع وحماية هذه الحيوانات بعدما باتت مشردة وتائهة في كل اتجاه. وبعدما تخلت عن كلبها بعد نزوحها السريع إلى مدينة النبطية، جابت الثلاثينية فاتنة العبد الله العديد من القرى المحيطة ببلدتها الخيام شرق جنوب لبنان بحثا عن كلبها الشارد. وقالت العبد الله إنها تخلت عن كلبها مؤقتا بعد نزوحها السريع إلى مدينة النبطية جراء غارة إسرائيلية ألحقت أضرارا كبيرة بمنزلها. وتابعت أن "مئات العائلات خسرت كلابها في هذه المنطقة بعدما بدا من الصعب إصطحابها إلى أماكن النزوح". ودعت العبد الله "الوزارات المعنية خاصة وزارتي البيئة والزراعة إلى الإسراع في دعم أي مركز أو مأوى يرعى هذه الحيوانات وتقديم كل ما يحتاجه لإنجاز واستمرارية مهمته الصعبة بكل نجاح". وبحسب آخر إحصاء لوزارة البيئة بات في لبنان حوالي 70 ألف كلب شارد بسبب الحرب في سوريا وبجنوب لبنان ونتيجة لتراكم النفايات والمكبات التي تتغذى منها الكلاب ناهيك عن غياب الرقابة وفقدان التمويل للبلديات وخطط العلاج، وفق ما أفاد الطبيب البيطري حسان حمدان. ودعا حمدان إلى رعاية الكلاب الشاردة خوفا من إصابتها بداء الكلب الخطير والمميت الذي تحتاج أعراضُه فترة حضانة تمتد لعشرة أيام وفي الكثير من الحالات يلزم ظهوره حوالي ستة أشهر. أما الشابة الجامعية ليلى ياغي فقد أضاعت كلبها بعدما تركت على عجل بلدتها عيترون التي دمر القصف الإسرائيلي معظم منازلها. وقالت ياغي لـ((شينخوا)) إنه "لم يكن ينقص جنوب لبنان، الذي تُصَوَّب عليه إسرائيل مدافعها إلا الوقوف وجهاً لوجه مع مشكلة الكلاب التي كانت تعيش بكل أمان بيننا، وباتت تائهة شاردة لا نعرف عنها أي شيء". وأضافت "أن إحصاء أجرته البلديات أشار إلى حوالي 3000 كلب مشرد من حوالي 100 بلدة". وتعمل الجهات المعنية في لبنان على مناقشة أفكار للحد من هذه الظاهرة الخطرة ومقاومتها، خصوصاً في ظل ندرة اللقاحات والأدوية التي تحتاجها وارتفاع أسعارها، بحسب رئيسة مؤسسة ((كرامة الحيوان وحريته)) المعنية بشكل خاص بالكلاب الشاردة ثريا معوض. من جهته، قال الناشط البيئي جمال يحيى "إن الكلاب صديقة وفية للإنسان، وعلينا في هذه الفترة الحرجة واجب دعمها وحمايتها وتعزيزها ورعايتها ومنع التعدي عليها". وفي خطوة لافتة توجه الشاب علاء سليمان إلى توزيع طعام خاص للكلاب الشاردة في العديد من القرى الحدودية بجنوب لبنان، وذلك بالتعاون مع الطبيب البيطري ياسر شمعون الذي يعمل على تقديم هذه الأطعمة على نفقته الخاصة. ووصف سليمان مهمته بالصعبة، قائلا "أجوب بسيارتي العديد من القرى، التي تتعرض بشكل يومي للقصف الإسرائيلي بحيث أوزع الطعام للكلاب أينما وجدت علما بأنها باتت تنتظر قدومي في الساحات العامة." وأضاف "يساعدني في ذلك عدد من الخيرين وأصحاب الأيادي البيض الذين يدعمون عملي بالكثير من المساعدات التي تسمح بتأمين طعام للكلاب". وتسعى الحكومة اللبنانية للسيطرة على ظاهرة الكلاب الشاردة، وعقدت وزارة الزراعة بدعوة من وزيرها عباس الحاج حسن، مؤخرا لقاء للبحث في سبل مكافحة آفة الكلاب الشاردة، بحضور ممثلين عن وزارتَي الصحة والبيئة ونقابة الأطباء البيطريين وناشطين وجمعيات معنية بالرفق بالحيوان. وخلص اللقاء، وفق بيان، إلى ضرورة تفعيل اللجنة الوطنية للسيطرة على آفة الكلاب الشاردة التي شكلتها وزارة الزراعة عام 2016 بعد إدخال عناصر جديدة إليها ووضع خارطة طريق للمعالجة السريعة لهذه الظاهرة.

مشاركة :