تعليق ((شينخوا)): يجب على دول المنطقة الحذر من ألاعيب أمريكية تهدف إلى زعزعة استقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ

  • 4/13/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من أنه قد تم الترويج لها على أنها منتدى يهدف إلى تعزيز "السلام والأمن" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إلا أن القمة الأمريكية -اليابانية -الفلبينية التي اُختتمت يوم الخميس كانت في الواقع بمثابة تذكير صارخ بسياسة واشنطن المثيرة للفرقة والمتمثلة في التحريض على الصراع والفتنة في آسيا. جاءت القمة الثلاثية، وهي الأولى من نوعها، في أعقاب مناورات عسكرية رباعية مع أستراليا جرت في بحر الصين الجنوبي. وخلال القمة يوم الخميس، أعلنت الدول الثلاث أيضا عزمها القيام بدوريات مشتركة في وقت لاحق من هذا العام بالقرب من بحر الصين الجنوبي. إن لواشنطن تاريخ طويل في استغلال قوتها العسكرية والاقتصادية للتأثير على سياسات وقرارات حلفائها، بما في ذلك الفلبين. منذ أن تولى فرديناند روموالديز ماركوس الابن منصبه كرئيس للفلبين، تبنت مانيلا بتحريض من واشنطن منحى المواجهة بصورة متزايدة تجاه الصين. وقد حذرت إيمي ماركوس، شقيقة ماركوس ورئيسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الفلبيني، مؤخرا من الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الصين في بحر الصين الجنوبي، قائلة إن مثل هذه الأعمال تقود البلاد إلى "طريق خطير". ووسط تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي، صعّد البيت الأبيض يوم الخميس موقفه الاستفزازي من خلال إعلان التزامه الدفاعي "الوطيد" تجاه الفلبين. وبتأكيدها على أن "أي هجوم على طائرات أو سفن أو قوات مسلحة فلبينية في بحر الصين الجنوبي من شأنه أن يستدعي تطبيق معاهدة الدفاع المشترك بيننا"، فإن واشنطن لا تحاول فقط إضفاء الشرعية على نهج المواجهة الذي تتبعه الفلبين، بل تشجع أيضا على المزيد من الاستفزازات من جانب مانيلا. ولا يؤدي مثل هذ الدعم المتهور سوى إلى تشجيع دول مثل الفلبين على اتخاذ إجراءات أكثر خطورة في الوقت الذي يكون المطلوب فيه حقا هو اتباع الدبلوماسية. إن الولايات المتحدة، من خلال تشكيل زمرة حصرية مع حلفائها في المنطقة، تخرب أيضا جهود والتزام الصين والآسيان بإدارة وحل النزاعات بشكل ملائم من خلال الحوار والتشاور بين الدول المعنية مباشرة. فواشنطن لديها سجل حافل من التدخل التخريبي. وفي أعقاب تدخلاتها الملطخة بالدماء في الشرق الأوسط، تحولت نحو آسيا وجعلتها محورها. هذا المحور مدفوع بسعي واشنطن الحثيث إلى أن تكون لها الهيمنة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهي المنطقة الأكثر دينامية اقتصاديا في العالم، وبخيارها الإستراتيجي لاحتواء الصين، التي تعتبرها منافسا إستراتيجيا طويل الأمد و"التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية". ولتحقيق هذه الغاية الرامية إلى الهيمنة، أخذت واشنطن تسعى إلى تهميش آليات التعاون السياسي والاقتصادي والأمني الراسخة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فقد قوضت فعليا إطار التعاون الإقليمي المتمحور حول الآسيان، وهو هيكل قديم العهد تم وضعه بعناية وجرى تطويره على مدى العقود الماضية. وفي الأعوام الأخيرة، عملت واشنطن بلا كلل على إرساء شبكة أمنية وعسكرية إقليمية ضد الصين. فقد عززت تحالف تبادل المعلومات الاستخباراتية المسمى "العيون الخمس"، ودعمت الحوار الأمني الرباعي المعروف باسم "كواد"، وعززت شراكة "أوكوس" النووية من خلال محاولة توطيد التعاون مع اليابان. إن الهدف الشامل واضح: من خلال إثارة المواجهة بين التكتلات وتنشئة مناخ من انعدام الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تهدف واشنطن إلى ترسيخ وضع هيمنتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفرض أجندتها الأمنية، وممارسة السيطرة على حلفائها وشركائها. وقد رفضت بلدان عديدة في المنطقة إكراهها على الاصطفاف إلى أحد الجانبين، لعلمها بأن هذه التحركات تنطوي على خطر زيادة التوترات في المنطقة، وتقويض مفهوم "الأمن غير القابل للتجزئة"، وتغذية انعدام الثقة. وقد أعربت ماليزيا وسنغافورة ودول أخرى بالمنطقة عن وجهات نظر مماثلة. إن الصين، وهي عضو في أسرة آسيا والمحيط الهادئ، تدعو دائما إلى بناء دوائر أصدقاء مفتوحة وغير حصرية بعقلية شاملة، بينما ترفض التكتلات الصغيرة الحصرية. كما التزمت الصين وغالبية بلدان الآسيان بإدارة خلافاتها ونزاعاتها بشكل ملائم من خلال الوسائل السلمية. لقد فازت تطلعات بكين ومساعيها بقلوب شعوب منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وأشار تقرير صدر مؤخرا بعنوان ((حالة جنوب شرق آسيا 2024)) عن معهد يوسف إسحاق، وهو مركز بحثي مقره سنغافورة، إلى أن أكثر من نصف سكان جنوب شرق آسيا يفضلون الصين على الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، كشف الاستطلاع أن أكثر من 60 في المائة من سكان جنوب شرق آسيا يؤيدون مفهوم مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، ما يدل على صدى الرؤية الصينية. تظل منطقة آسيا والمحيط الهادئ، على الرغم من مواجهتها لرياح معاكسة قوية، المحرك الأكثر دينامية للنمو الاقتصادي على مستوى العالم. وإن التنمية الكبيرة التي حققتها على مدى العقود الأخيرة قد تغذت على مبادئ الانفتاح والتعاون والشمول. وإن المحاولات التي تقوم بها واشنطن لتقويض هذا التقدم من خلال فرض سياسة إفقار الجار والتحريض على المواجهة بين التكتلات تُشكل تهديدا خطيرا للإطار التعاوني في المنطقة. ويجب على بلدان المنطقة أن تظل متيقظة في مواجهة الأجندة المدمرة التي تتبناها الولايات المتحدة.■

مشاركة :