أدت الخلافات بين القوى المعارضة في المغرب إلى تعثر انتخاب هياكل مجلس النواب، مع انطلاق الدورة التشريعية الجديدة. ونتج عن تلك الخلافات تأجيل اجتماع للجنة العدل والتشريع كان مقررا الثلاثاء، لاستكمال مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية، كما تعطلت اجتماعات باقي اللجان الدائمة. وكان تم إلغاء جلسة عمومية للأسئلة الشفوية كان يفترض أن تعقد الاثنين، لمساءلة الحكومة حول عدد من المواضيع. ويجري صراع بين حزبي الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي على رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب المخصصة للمعارضة، وقد أثر ذلك على جهود عقد جلسة عمومية لمجلس النواب السبت الماضي، لانتخاب هياكل المجلس. وأكدت مصادر مطلعة لـ“العرب” أن الحزبين المعارضين كانا سببا في تعطيل انعقاد جلسة الأسئلة الدستورية ما يعطي انطباعا للشارع المغربي أن المعارضة ليست متوافقة في أدنى الأمور فما بالك بموضوع تقديم “ملتمس الرقابة” لإسقاط الحكومة. وينص الدستور المغربي على تولّي المعارضة رئاسة لجنة العدل والتشريع، وفي مستهل الولاية التشريعية الحالية لشهر أبريل اختار الاتحاد الاشتراكي ترؤس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، وكان بإمكانه اختيار لجنة العدل لأنه الفريق الأكبر من بين فرق المعارضة، بينما اختارت مجموعة الحركة الشعبية الحزب الثاني في المعارضة ترؤس لجنة العدل. وعدلت الكتلة النيابية للاتحاد الاشتراكي عن رأيها في منتصف الولاية التشريعية الحالية، وعبّرت عن رغبتها في ترؤس لجنة العدل، وهو ما عارضه الفريق الحركي، مما خلّف تعثرا في تشكيل هياكل المجلس. وقال رئيس مجموعة الحركة الشعبية إدريس السنتيسي إنه متشبث بالاتفاق المبرم في بداية الولاية بالإجماع بين كل الفرقاء بالمجلس، بمن فيهم الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية، الذي رفض آنذاك اختيارها وتنازل عنها. رشيد حموني: التنسيق بين أحزاب المعارضة الثلاثة يشهد تراجعا رشيد حموني: التنسيق بين أحزاب المعارضة الثلاثة يشهد تراجعا وأضاف السنتيسي في تصريح صحفي على هامش جلسة افتتاح الدورة التشريعية أنه على ضوء ذلك الاتفاق تم توزيع رئاسة اللجان بين جميع الفرق الممثلة داخل مجلس النواب. وتساءل رئيس كتلة الحركة الشعبية عن خلفيات رغبة الاتحاد الاشتراكي الآن في الظفر بلجنة العدل، مستدركا “إننا نرى أن هناك ما يبرر إعادة التوزيع، إذ من غير المفهوم حصر الحديث عن لجنة العدل والتشريع لوحدها بمعزل عن باقي اللجان الدائمة بالمجلس، وإننا متمسكون بمواصلة رئاسة اللجنة ومستعدون أيضا للخيار الديمقراطي لحسم رئاستها إذا اقتضى الحال ذلك”. وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن الصراع بين حزبي المعارضة الرئيسيين حول لجنة العدل يكرّس تشرذم المعارضة أمام تكتل أحزاب الأغلبية، كونها تفتقد الإرادة السياسية لتطوير الآليات الدستورية لتحقيق التوازن داخل المؤسسات. وأوضح لزرق في تصريح لـ“العرب” أن الصراع الدائر سينعكس سلبا على مواقف المعارضة من جملة من القوانين مثل القانون الجنائي ومدونة الأسرة، والتي تستوجب تكتل الأخيرة لتفعيل الحقوق الدستورية للمعارضة وتمكينها من القيام بمهامها على الوجه الأكمل في العمل البرلماني والحياة السياسية. ومن المتوقع أن تذهب مجموعة الحركة الشعبية بمجلس النواب للمطالبة بالتصويت على رئاسة لجنة العدل والتشريع ضد منطق التوافق الذي يحكم التصويت على اللجان، وذلك لمواجهة طموح الفريق الاشتراكي في تولي رئاسة اللجنة. ويدعم الاتحاد الاشتراكي تولي البرلماني سعيد بعزيز رئاسة لجنة العدل والتشريع، في الوقت الذي ترغب فيه بعض الأسماء النسائية في الفريق ذاته في تولي المهمة، ويعلل الاتحاد تشبثه بهذا الموقف كونه المجموعة الأولى ضمن أحزاب المعارضة. وفي وقت إعادة انتخاب هياكل مجلس النواب يرى حزب الحركة الشعبية المعارض أن الفصل 62 من الدستور والمادة 28 من النظام الداخلي واضحان حيث اعتبرا أن اللجان خارج إطار التمثيل النسبي حيث خصص في المادة 70 بالوجوب لجنة العدل للمعارضة وبالأسبقية لجنة مراقبة المالية العامة. ويقول رئيس الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب عبدالله بووانو في تصريح صحفي إن عدم انعقاد جلسة الأسئلة الشفوية الاثنين يطرح مشكلا دستوريا. رشيد لزرق: المعارضة تفتقد الإرادة لتطوير الآليات الدستورية رشيد لزرق: المعارضة تفتقد الإرادة لتطوير الآليات الدستورية من جهة أخرى شدد أحمد التويزي رئيس مجموعة الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب على أن الاتفاق بين مكونات المعارضة من أجل تقديم “ملتمس الرقابة” بشكل مشترك يفتقد الرؤية الموحدة، معتبرا أن افتتاح الدورة التشريعية الثانية الذي جاء تزامنا مع مرور نصف الولاية الحكومية يشكل اختبارا لفرق المعارضة، كاشفا حالة الغموض التي تعتري حسم القيادات السياسية لتقديم هذا الملتمس في ظل مناقشة حصيلة عمل الحكومة الحالية والتعديلات المرتقبة. وأكد رشيد حموني رئيس تكتل حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب في تصريح لـ”العرب” أن التنسيق بين أحزاب المعارضة الثلاثة (الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية) في تراجع، مستدركا في نفس الوقت أن “ملتمس الرقابة” كان مبادرة صدرت من طرف حزب الاتحاد الاشتراكي، مؤكدا أن هذا الملتمس ما زال يحظى بنقاش سياسي مهم. وما حدث الاثنين من تعثر في استكمال تكوين هياكل مجلس النواب أثّر سلبا على جلسة الأربعاء 17 أبريل الجاري المخصصة لتقديم رئيس الحكومة عزيز أخنوش لحصيلة نصف الولاية، التي تم تأجيلها الى موعد لاحق حسب بيان لمجلسي النواب والمستشارين، رغم أن مجلس النواب انتخب الجمعة الماضية رئيسه، وهو الذي سيترأس الجلسة بمعية رئيس مجلس المستشارين. وكشف إدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن وجود حوار مع كافة أحزاب المعارضة من أجل التحضير لـ”ملتمس رقابة” مرتقب شهر أبريل الجاري. ويعد “ملتمس الرقابة” من أهم الآليات التي يملكها البرلمان في مجال الرقابة على العمل الحكومي، ذلك أنه أداة قانونية لإسقاط الحكومة، ولم يستعمل البرلمان المغربي هذه الآلية إلا مرتين فقط خلال سنة 1964 وسنة 1990.
مشاركة :