النفط الصخري يعيد رسم خريطة الطاقة لكنه لا يوفر حماية كاملة للولايات المتحدة

  • 4/29/2024
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أدت الحرب في إسرائيل عام 1973، والاضطرابات في إيران عام 1979، إلى انهيار سوق النفط خلال هاتين الفترتين، ما أدى إلى موجة تضخمية أضعفت الاقتصادات الغربية، وأطاحت برئيس أمريكي. وفي العقود التي تلت ذلك، ظل احتمال نشوب نزاع جديد في الشرق الأوسط يؤدي إلى قفزة أخرى في أسعار النفط والبنزين يطيح بالإدارة الأمريكية، شبح يخيم فوق البيت الأبيض. لكن مؤخراً بدت المخاوف فجأة مبالغ فيها، فبعد أقل من أسبوع من شن إيران أول ضربات عسكرية مباشرة على إسرائيل والتي أثارت مخاوف من نشوب حرب إقليمية أوسع، استقرت أسعار النفط عند 87 دولاراً للبرميل، وهو نفس مستواها قبل شن ضربة على السفارة الإيرانية في دمشق التي أدت إلى اندلاع الصراع. يعود هدوء أسعار النفط الخام في مواجهة هذه الاضطرابات إلى حد كبير إلى الأحداث التي وقعت على بعد 7 آلاف ميل في حقول النفط الصخري في داكوتا الشمالية وغرب تكساس، حيث ترك الحفارون الأسواق العالمية غارقة في النفط الأمريكي. وقال دانييل يرغن، نائب رئيس شركة إس آند بي غلوبال، ومؤرخ الطاقة الحاصل على جائزة بوليتزر: «لقد أعاد النفط الصخري رسم خريطة النفط العالمية بطريقة لا يفهمها معظم الناس، لقد غير ليس فقط توازن العرض والطلب، ولكنه غير التوازن الجيوسياسي والتوازن النفسي». الأرقام صارخة، قبل عقدين من الزمن، كانت الولايات المتحدة تنتج نحو 7 ملايين برميل من النفط يومياً وتستهلك 21 مليون برميل. وكانت دول الخليج التي ترسل النفط من بين أهم الموردين الأجانب للولايات المتحدة. أما الآن فإن الولايات المتحدة تنتج ما يقارب 20 مليون برميل يومياً من النفط، ما يعادل الاستهلاك تقريباً. وقد انخفضت الواردات بشكل كبير، وأصبحت الولايات المتحدة لأول مرة مصدراً صافياً للنفط في عام 2019. ويضخ حوض بيرميان غزير الإنتاج في تكساس ونيو مكسيكو، كميات ضخمة من النفط الصخري. ويقول المحللون، إن المزايا الاستراتيجية كبيرة، حتى بالنسبة للبيت الأبيض الذي يتوق إلى الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة. ويقولون إن طفرة إنتاج النفط الصخري قد خففت من تأثير تخفيضات الإنتاج التي قامت بها أوبك في العامين الماضيين، وسمحت لإدارة الرئيس جو بايدن بفرض عقوبات على موردين مثل فنزويلا وروسيا، مع تشديد القيود على إيران، كل ذلك دون خوف من ارتفاع أسعار النفط. وقال هارولد هام، رئيس مجلس إدارة شركة كونتننتال ريسورسز، ورائد النفط الصخري: «هذا تحول كبير عما كنا عليه في السبعينيات، لو لم يكن لديك ثورة النفط الصخري الآن لكان سعر النفط 150 دولاراً للبرميل، ستكون في وضع متقلب للغاية، سيكون الأمر مروعاً». كما ساعدت إمدادات النفط الصخري المتزايدة في استمرار عمل المصانع في أوروبا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في العام 2022، حيث ساعدت شحنات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، والتي أطلقت عليها إدارة ترامب سابقاً «جزيئات الحرية الأمريكية»، في فطام القارة عن إمدادات الغاز الروسية عبر خطوط الأنابيب. وقال يرجين، إن مدى أهمية النفط الصخري بالنسبة لأسواق النفط ظهرت بالفعل في عام 2019، وذلك بعد هجوم بطائرة مسيرة على منشأة بقيق لمعالجة النفط الخام في المملكة العربية السعودية، وهي المركز الرئيسي لقطاع النفط السعودي. وقد ارتفعت أسعار النفط الخام بشكل حاد، ثم سرعان ما تراجعت بنفس الوتيرة تقريباً. وقال يرغن: «اعتقد أن هذا هو الوقت الذي أصبح فيه من الواضح بالنسبة لي أنه كانت هناك عملية إعادة توازن كبيرة». على الرغم من ذلك، يحذر الخبراء من أن الولايات المتحدة لا تزال عرضة للصدمات النفطية، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، أو الانخفاض الكبير الجديد في الصادرات، على سبيل المثال إذا تم إغلاق مضيق هرمز، إلى إخراج إمدادات النفط من سوق عالمية متجانسة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين من بكين إلى بوسطن. وقال جيم كرين من معهد بيكر بجامعة رايس: «ما زلنا معرضين بشدة للجغرافيا السياسية والتلاعب بالسوق، إن إنتاج النفط الصخري لا يحل هذه المشكلة فعلياً». وأضاف: «نعم نحن منتج كبير، ولكن الأهم من ذلك أننا مستهلكون كبار وهذا هو نقطة ضعفنا». وتمثل الولايات المتحدة نحو 20 % من الطلب العالمي على النفط، ويرجع ذلك جزئياً إلى اعتمادها على السيارات الكبيرة التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود. كما يظل النفط الصخري أيضاً عرضة بشكل فريد لتقلبات الأسعار، ما يجعله عنصراً غير موثوق به في سوق النفط العالمية، كما يقول بعض المحللين. قبل أربع سنوات فقط، دفع انهيار أسعار النفط خلال جائحة كورونا العديد من منتجي النفط الصخري إلى حافة الإفلاس. واضطر الرئيس دونالد ترامب آنذاك إلى مناشدة كبار المنتجين لخفض الإنتاج لدعم الأسعار لتجنيب رقعة النفط الصخري الانهيار، ما يوضح هشاشة الطاقة الأمريكية. ويشكك المسؤولون التنفيذيون في قطاع النفط الصخري أنفسهم، في قدرة شركات الحفر على زيادة العرض بسرعة كافية لإنقاذ الاقتصاد العالمي من صدمة نفطية مفاجئة. و لا تزال وول ستريت مترددة في تمويل حملات الحفر الجديدة من قبل المنتجين الذين اكتسبوا سمعة الإسراف في السنوات الأخيرة. وكانت إدارة بايدن واعية لهذه الديناميكية، وكذلك العواقب السياسية لارتفاع أسعار البنزين قبل الانتخابات. في العام الماضي، قال أحد كبار مستشاري بايدن، إن وول ستريت كانت غير أمريكية في إعاقة شركات الحفر. يركز البيت الأبيض دبلوماسيته على منع المزيد من الاضطراب في الشرق الأوسط. وقال مات غيرتكين، استراتيجي جيوسياسي في بي سي أيه للأبحاث: «لدينا انتخابات ولا يمكن لإدارة بايدن، ولا تستطيع أن تتحمل التصرف بطريقة متهورة أو اندفاع، إنهم يتعاملون بحذر شديد مع كل خطوة يقومون بها، إنهم حذرون للغاية في كل خطوة يتخذونها». تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :