تُظهر هذه الصورة خيام "مخيم التضامن مع غزة" في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك الأمريكية، 26 أبريل 2024. (شينخوا) بكين 28 أبريل 2024 (شينخوا) مضايقات و"دوكسينغ" وتهديدات بالقتل وتنميط ومعاملة غير متكافئة... وبعد ذلك كان هناك غاز مسيل للدموع وخراطيم مياه ورصاص مطاطي، كلها أُطلقت على الطلاب المتظاهرين في جميع أنحاء الولايات المتحدة. شاعت الاضطرابات في الحرم الجامعية هذا الأسبوع حيث اجتاحت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين الكليات الأمريكية وتصاعدت بسبب اتخاذ إجراءات مضادة أكثر قوة وعنفا من قبل الإداريين والشرطة. وقد غمرت لقطات، تُظهر الشرطة وهي تضرب المتظاهرين وتجر الطلاب إلى الأرض وتحملهم وهم مكبلي الأيدي، مواقع التواصل الاجتماعي في معركة انتقلت من مجرد المطالبة بوقف إطلاق النار وسحب الاستثمارات إلى القيام بمناورات قضائية وتقديم مطالبات بالحقوق المدنية. وتم اعتقال المئات من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. والآن مازالت هذه الدراما مستمرة مع انضمام المزيد من الكليات يوم الجمعة إلى الدور القيادي لجامعة كولومبيا في احتجاجات من الساحل إلى الساحل. وكانت جامعات آيفي ليج (رابطة اللبلاب) بؤرة الاحتجاجات الطلابية لأكثر من أسبوع. ربما تكون الضربة الأشد بكثير من التحول القسري إلى التعلم عن بُعد وتأخير الفصول الدراسية وإلغاء احتفالات التخرج وتعطيل خطط التخرج، هي التعدي الخطير على الحرية الأكاديمية ووجود خيبة أمل مؤلمة في النظام الأمريكي. ووصفت الشرطة المسلحة ووسائل الإعلام الأمريكية المتظاهرين الطلاب السلميين بأنهم "جناة" يستحقون "القمع". وسارعت النخب في الكونغرس الأمريكي إلى تعريف هذه المظاهرات بأنها "معاداة للسامية"، وانتقدت الطلاب بسبب ربطهم حركة الحقوق المدنية على نحو غير صحيح بما يجري في فلسطين، وأشارت إلى وجود صبغات خارجية وراء المظاهرات دون تقديم أي دليل. وكتب حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يوم الخميس على منصة التواصل الاجتماعي ((إكس)) يقول إن "عمليات الاعتقال تجري حاليا وستستمر إلى أن تتفرق الحشود"، مضيفا بقوله إن "هؤلاء المتظاهرين ينتمون إلى السجن. لن يتم التسامح مع معاداة السامية في تكساس. وينبغي طرد الطلاب الذين ينضمون إلى المظاهرات المليئة بالكراهية ومعاداة السامية في أي كلية أو جامعة عامة في تكساس". في حين أن ذاكرتنا قد تضعف، فإن الإنترنت لديه ذاكرة سليمة. ففي عام 2019، غرد أبوت بفخر قائلا "لقد وقعت على قانون يحمي حرية التعبير في حرم الجامعات"، في تناقض صارخ مع أسلوبه المتشدد هذه المرة. بالنسبة له ولغيره، من الواضح أن هذه الخيام التي نُصبت في الجامعات ليست "منظرا جميلا للنظر". ليس على الإطلاق عندما تظهر على الأراضي الأمريكية. وقد أشارت صحيفة ((يو إس إيه توداي)) في تقرير لها يوم الجمعة إلى أن المؤثرين والسياسيين في اليمين المتطرف صوروا المتظاهرين على أنهم "عنيفون وخطيرون وعازمون على السيطرة على البلاد"، قائلة إن "هذه الادعاءات مشابهة لما حدث بعد احتجاجات سلمية في معظمها ضد وحشية الشرطة في عام 2020 عقب مقتل جورج فلويد". هذا التصوير المشوه لا يعمل فقط على تشويه صورة المتظاهرين ولكنه يديم أيضا رواية تقوض شرعية مظالمهم. وبعد مرور ما يقرب من أربع سنوات على مأساة فلويد، لا يزال من الصعب إحداث تغيير حقيقي في عمل الشرطة، على الرغم من الصرخات التي أطلقتها مظاهرة تلو الأخرى على مستوى البلاد. أو ربما يعلم السياسيون الأمريكيون في أعماقهم حقيقة الأمر، فهم يلعبون دور البلهاء في الداخل مع المخربين ويلعبون دور القاضي في الخارج كلما شعروا بأن مصالحهم الجيوسياسية معرضة للخطر أو في مواجهة ما يسمونه "تهديدا للأمن القومي". وعند الضرورة، فإنهم يطمسون الخطوط الفاصلة بين الحقوق والجرائم. لأنهم في النهاية يحتفظون بالحق في شرح وتحديد وتفسير مصطلحات مثل الديمقراطية، أو الحقوق المدنية، أو الأمن القومي، أو أي شيء آخر. وبينما يراقب العالم في رعب اللقطات التي أُخذت للشرطة الأمريكية وهي تقمع الاحتجاجات الطلابية بشراسة، فقد بات من الواضح على نحو مؤلم أن تبني أمريكا لحرية التعبير ليس أكثر من خدعة. إن هذا الاستعراض المروع لأعمال العنف الذي ترعاها الدولة يكشف لنا رياء أمة تتفاخر بالديمقراطية بينما تدوس على المبادئ ذاتها التي تزعم أنها تتمسك بها.■
مشاركة :