أجمع المشاركون في الحلقة النقاشية التي نظمها مركز ريكونسنس، بمشاركة الخبير الدستوري د. محمد الفيلي والنائبة السابقة عالية الخالد، والنائب السابق د. محمد الدلال بشأن القانون رقم 44 لسنة 1994 (الجنسية الكويتية والهوية الوطنية) على أن السلطة التنفيذية أخطأت بعدم تفعيلها للمادة الثانية من قانون الجنسية. وقال الفيلي إنه عند تطبيق قانون الجنسية لم يكن هناك من وُلد لأب كويتي، ومنحت الجنسية على أساس مسألة التأسيس، واستمر ذلك مع تطبيق القانون، وهذا الأمر تم نقاشه في لجنة الدستور، وهذا ما نجده في المذكرة التفسيرية للدستور في شروط المرشح والناخب، إذ تذكر الكويتيين «بصفة أصلية» متجنبة استخدام مسألة «التأسيس»، ويحدد الصفة الأصلية قانون الجنسية. الخالد: تداخل بين «الجنسية» والهوية الوطنية واستقرار المجتمع وأمن الدولة وأضاف أن المتجنس ليس له أن يكون مرشحاً، أما أبناؤه فهم مواطنون بصفة أصلية، وبعد التحرير أثير السؤال مرة أخرى، وهو أننا أمام دولة يوجد بها شعبان بخطين متوازيين لا يلتقيان، وفي فترة الغزو تمت إثارة هذا الموضوع أيضاً، وتم الانتقاد، ووعد الأمير آنذاك بأن الأمر سوف يتغير، وفي مجلس الأمة (مجلس 1992)، تقدمت الحكومة بمشروع قانون حمل رقم 44 لسنة 1994، نص على أن ابن الكويتي المتجنس يعتبر كويتياً بصفة أصلية، وأتت المذكرة الإيضاحية للقانون وتأكد المبدأ ذاته، متجنبة الاجابة على سؤال: هل ما حدث في السابق كان صحيحاً أم خطأ؟ وتابع: أثناء نقاش مشروع القانون في جلسة مجلس الأمة ذكر النائب في حينها د. أحمد الخطيب، رحمه الله، أن المادة الثانية من قانون الجنسية أوضحت أن من ولد لأب كويتي فهو كويتي، وكان مبرر الحكومة «عفا الله عما سلف». وبين الفيلي أنه بعد قانون 94 أصبح أمامنا 3 صور للجنسية الاصلية، الصورة الأولى وهي استثنائية، وهي صفة التأسيس «أصلية استثنائية»، وهؤلاء يفترض أن ينتهوا بوفاة آخر مواطن كويتي بعد صدور قانون الجنسية في عام 1959، والثانية هي المادة الثانية من القانون، وتخص الكويتي بصفة أصلية، أما الصورة الثالثة فهي الكويتي بصفة أصلية وفق الفقرة الثالثة من المادة السابعة من قانون سنة 1994. الفيلي: بعد قانون 1994 أصبح أمامنا 3 صور للجنسية الأصلية وذكر اننا الآن أمام ما يطلق عليه «اجتهاد الادارة»، وهي إدارة الجنسية الممثلة للسلطة التنفيذية، ويقال إن الادارة لم تطبق القانون بشكل سليم وسيتم تطبيق المادة الثانية من قانون الجنسية. وبيّن الفيلي أن قانون الجنسية عندما صدر ذكر أنه ليس للقضاء أن ينظر في هذا الموضوع، وكانت هناك محاولات للطعن بدستورية القانون، لكنّ المحكمة لم تحكم الى الآن بالموضوع، مع قبولها بالدعوة فقط، ولم يصدر الى الآن أي حكم به. واعتبر أن إشكالية هذا الملف بأنه في يد السلطة التنفيذية (الخيط والمخيط في يدها)، ومسألة العبث، إضافة الى مسألة التجنيس، ويضاف عليهما مسألة الهوية الوطنية، ولا توجد دولة تقوم دون هوية وطنية، لكنّ السؤال هو: هل الهوية الوطنية هي حالة جينية أم إرادية؟ وما ذهب اليه العلم أن المواطنة هي حالة إرادية، لذا أعتقد أننا أمام نقاش يضيع الهدف الأساسي، وهو بالأصل عمل أشخاص قانونيين، فالإشكالية الحقيقية هي كيف لنا أن نعمل على مشروع المواطنة، فنحن ليس لدينا جين كويتي، والكويتيون ناس أتوا من الخارج على فترات، وليس هناك دولة في العالم مكونة من ناس من الأزل، الموجودون في بقعة جغرافية من العالم منذ الأزل هم متخلفون عقليا. الدلال: السلطة التنفيذية تدير ملف الجنسية بما يحقق مصالحها الخاصة من جانبه، قال النائب السابق د. محمد الدلال إن موضوع الجنسية ليس مرتبطا فقط بالجانب القانوني، بل جاء نتيجة تطور المجتمع الكويتي وتطور الأوضاع السياسية، ونتج عنها الأوضاع السياسية وتركيبتها الاجتماعية، وظهرت أصوات تطالب بإعادة النظر في هذه التركيبة والانتماءات والحقوق والواجبات وفي الامتيازات التي تمنح للمواطنين، وهذا الموضوع له حساسية، ومرتبط بالهوية الوطنية والوحدة الوطنية، ونحن أمام قانون طُبّق منذ 30 سنة وأوضاع قانونية ترتبت عليها حقوق تمت ممارستها وترتّبت عليها أمور كثيرة. وأضاف الدلال أن هناك خلطا كبيرا عند إثارة هذا الموضوع بشأن مواد الجنسية وربطه بموضوع آخر بشأن المزورين في ملف الجنسية، ومن يطرح ذلك لديه هدف آخر من مسألة هذا الخلط، وأغلبية الشعب الكويتي ضد التزوير في ملف الجنسية، مبيناً أن السلطة التنفيذية تدير ملف الجنسية بما يحقق مصالحها الخاصة. موضوع شائك بدورها، قالت النائبة السابقة عالية الخالد إن «موضوع الجنسية شائك جدا، ويتحمل عدة أوجه، على حسب موقع الشخص نفسه، وهو أمر ليس في الكويت فقط، بل بكل دول العالم وفي مواجهة القضايا الشائكة حلنا وسبيلنا هو الموضوعية والقانون»، موضحة أن أي «قانون يكتب بشكل انفعالي ستكون به أخطاء، وأي قانون أيضا تكون به مزاجية في التطبيق ستكون به أخطاء كذلك، ووجود نتائج لا تخدم مستقبل الدولة ولا المواطن، والدستور في المذكرة الدستورية ذكر أنه يجوز لابن المتجنس أن يترشح». وأشارت إلى أن «وقف العمل بالمادة الثانية من الجنسية لها أثر على التفاقم الذي وصلنا إليه اليوم، ولو نظرنا إلى قانون الجنسية الكويتي فسنجد قانون وحدة متكاملة، فسوء التطبيق في السنوات الماضية أوصلنا إلى ما نحن عليه، فقانون 44 يحمل أخطاء من الناحية الدستورية والقانونية». وبينت الخالد أن هناك تداخلا بين قانون 44 وقانون الجنسية والهوية الوطنية، واستقرار المجتمع وأمن الدولة، وقانون 44 استحدث أشخاصا مجنسين على المادة السابعة، بدلا من تعديل في تطبيق القانون على المادة السابعة والثالثة والخامسة من قانون الجنسية«، مؤكدة أنها ليست ضد الحقوق بل معها، «لكن اعطني قانونا صحيحا لكي نستقر». وأضافت: «نحن نحتاج لأن نجنس من يضيف للبلد ويساهم في نهضته والمجتمع الكويتي من قبل قانون الجنسية يعيش على التعايش»، مشيرة الى أن المذكرة الإيضاحية للدستور أشارت إلى أن الفروق بين الوطني الاصلي والوطني بالتجنس أمر وارد في الدساتير عامة، بشأن ممارسة الحقوق السياسية، وهو تحدده بعدد معين من السنين تعتبر فترة تمرين على الولاء والجنسية، كما أشارت إلى حق الترشح لأبناء هذا المتجنس. وأكدت أنها ليست ضد أحد «ولكن علينا أن نوحد الآراء لمستقبل هذا البلد، فليست لدينا آلية للتجنيس لتكون لدينا وحدة وطنية، وهي لا تأتي إلا بالتنشؤ والولاء لحب الوطن والعمل من أجله، فعندما تستخدم الجنسية أداة ومحاصصة فهذا أكبر خطر على الدولة، لذا المطلوب منا أن نقول على القانون الخطأ في موضوع الجنسية، ونقول عنها إنها خطا، والتي تتعارض مع الدستور، ونقول إن هناك حقوقا يجب أن توفى حسبما أشارت إليه المذكرة التفسيرية للدستور».
مشاركة :