إيران.. وهمجية تصدير الثورة! -

  • 4/15/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

التصريحات الاخيرة لقائد الحرس الثوري الايراني الجنرال علي محمد الجعفري والتي دافع فيها عن فكرة تصدير الثورة الايرانية في اطار ما اسماه (هندسة الثورة) المزعومة ونشر فلسفتها على المستويين الاقليمي والدولي ليست الاولى ولن تكون الاخيرة طالما بقيت ايران رهينة لصنمية (ولاية الفقية) ومختطفة من اتباع ثورة الملالي الخمينية المتشددة التي تستند في كل تحركاتها على منطلقاتها العقائدية المذهبية والطائفية وتفسيرها الميثلوجي وتصورها الديني العنيف الذي عملت على ترسيخه في تشريعات ودستور الدولة رغما عن فسيفساء المجتمع الايراني بأعراقه وطوائفه المختلفة لكن ما بدا في هذه التصريحات مستفزا وخارجا عن المألوف هي تلك التهديدات الفجة والهمجية لدول الجوار العربية التي لاشك وإنها من ظلت في المطلق حريصة على عدم الدخول مع نظام الملالي في اتون صراع مفتوح تتكرر فيه احداث الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمان سنوات كاملة استنزفت عشرات المليارات وراح ضحيتها مئات الالاف من ابناء البلدين على اعتبار ان أي صراع لن يكون في مصلحة أي طرف بل انه سيفجر المنطقة ويغرقها في مستنقع من الدماء والخراب والفوضى التي لا يمكن لأحد ايقاف تداعياتها على المدى القريب او البعيد. من الواضح ان اصرار ايران على التمسك بمشروع تصدير الثورة الاسلامية المزعومة انما يدل على ان مسؤوليها قد فهموا تلك الروح السلمية التي مازال العرب يقبضون على خيوطها بشكل خاطئ اذ انهم لم يستوعبوا حتى الان ان تشبث العرب بالخيار السلمي وعدم انجرارهم الى مقابلة الاستفزاز بالاستفزاز المماثل لا يعني بأي حال من الاحوال ان الدول العربية عاجزة او غير قادرة على الدفاع عن نفسها والذود عن حياضها ووجودها السياسي والجغرافي والديموغرافي والحضاري وهويتها القومية وثقافتها الدينية الوسطية بل ان هذه الدول ومن خلال تلك المواقف العقلانية والناضجة تحاول ان تضع من يتصدرون المشهد السياسي الايراني امام ما تقتضيه استحقاقات الجوار لعل هؤلاء يدركون ان قوة أي دولة لا تكمن فيما يصدر عنها من تصريحات عنجهية او بتصدير ايديولوجياتها المذهبية والطائفية وتسميم جوارها ومحيطها الجغرافي بأفكارها التي لا تتناسب مع ذلك المحيط او الجوار وانما قوة اي دولة تكتسب من احترامها لخصوصيات الاخرين وعدم التدخل في شؤونهم. اللافت حقا ان تصريحات الجنرال جعفري قد مرت على الدول الكبرى التي وقعت الاتفاق النووي مع ايران دون ان نجد مسؤولا واحدا في الدول الست التي وقعت ذلك الاتفاق يذكر طهران بالتزاماتها حيال ما يتسق بتغيير سلوكها تجاه دول المنطقة وكذا ما يحفظ عوامل الامن والاستقرار فيها مع ان مقاصد تلك التصريحات كانت واضحة ويمكن تمييزها وتحديد اهدافها المرحلية او طويلة الاجل مع ذلك فانها من قوبلت بالصمت وفي احسن الحالات بالاندهاش والتململ وكأن هناك شيئا يقبع خلف الاكمة بالنسبة للدول الكبرى التي قالت ذات يوم انها لن تترك ايران تقذف بالمنطقة الى محرقة الاضطراب مما يعني انها تراجعت عن مواقفها تلك او انها من راقت لها اللعبة الايرانية من اجل توظيف ما يصدر عنها من انفعالات بهدف ابتزاز العرب خصوصا الدول الخليجية من منطلق ان السياسات الدولية تقوم على المصالح وليس على المبادئ وهي المصالح التي جمعت بين الغرب وايران على الرغم من كل الخلافات التي استمرت لحوالي 34 عاما. من خلال ما تقدم فإن النتيجة التي يخلص اليها أي محلل منصف وموضوعي هي ان القوى الغربية لم يعد لديها أي استعداد لبذل الجهد الكافي للضغط على ايران حتى تقوم بمراجعة سلوكها وهو ما يضع المنطقة امام لحظة تاريخية فارقة وتحد وجودي يستهدف امنها واستقرارها حيث ان المتتبع للعب الايراني منذ زمن بعيد لا يعجزه ابدا ان يفهم ماذا فعلت ايران وماذا تسعى لفعله اليوم وغدا بهدف ترسيخ مشروعها الفارسي بالمنطقة بعد ان نجحت في جر العراق الى جحيم الطائفية عن طريق مساندتها لطائفة محددة وتمكينها من احتكار السلطة لنفسها والسيطرة على مقدرات هذا البلد والحال لا يختلف كثيرا في سورية فهي من تسعى الى تمكين الاقلية الحليفة لها من الاستيلاء على الحكم وإخراج الاغلبية السنية من المعادلة وإخضاعها لهيمنة الاقلية كما انها التي ستظل تتماهى مع رياح العاصفة التي شهدتها اليمن حتى تهدأ لتعيد الكره في نشر الفوضى والخراب على غرار ما احدثته من واقع مشوه في لبنان وما اعدته من صراعات عبر جماعاتها الوظيفية في عدة مناطق عربية سعيا الى اتمام تصدير ثورتها المزعومة وتقسيم المنطقة العربية على اساس العقيدة والمذهب. علينا ان نفهم كعرب ان لإيران طموح استعماري واضح ولذلك فهي من ستظل تسعى الى اختراق الكيان الفكري والثقافي والذهني العربي عن طريق التوغل المذهبي الشيعي ضمن ما اسماه الجنرال جعفري (هندسة الثورة) ونشر فلسفتها بما قد يجعل البيئة الشعبية العربية في المنطقة منقسمة على نفسها وهذا المشروع لن تتخلى عنه ايران ما لم تدرك انها من قد تتجرع مرارة التفتيت العرقي اذا ما استمرت في التدخل بالشأن العربي وان بوسع العرب ايضا اذا ما طفح الكيل لديهم استخدام نفس وسائلها وذلك بالنبش في داخلها العرقي الذي يظهر اكثر هشاشة اذ يتشكل نسيجها من عرقيات متعددة فالعرق الفارسي لا يتجاوز 50% فيما ال50% الاخرى تتشكل من الاذريين والجيلكي والمازندراني والاكراد والعرب واللور والبلوش والترك وعناصر اخرى وبالفعل فاذا ما وجد هناك من يغذي النوازع الانقسامية لدى هذا المحيط فلن تشفع طائفية الملالي في وقف تشرذم النسيج الايراني الى اشلاء وطوائف واعراق ومذاهب.

مشاركة :