كان جيري ويفر يتصرف على ضوء ما قاله له السفير الأمريكي هيوم هوران: «لا أريد أن أعرف كل التفاصيل عن العملية (موسى)، قم بما تراه مناسباً، وتأكد أن مكتبي مفتوح لك دون أن تأخذ موعداً للقاء»، فبعد أن انتهى اجتماع جنيف السري عاد لمتابعة الأمر في السودان. نسق المفوض السوداني لشؤون اللاجئين بطلب من ويفر لقاء بين السفير الأمريكي في السودان والرجل الثاني في القيادة السودانية، الذي وافق على العملية بشرط أن تقوم بها وكالة الاستخبارات الأمريكية، حيث إنه كان يكن احتراما وإعجابا عميقا بوليم كيسي رئيس الـ «سي آي ايه». ومن أجل أخذ الحيطة أراد السفير الأمريكي أن يأخذ موافقة أعلى هرم السلطة السودانية؛ جعفر نميري نفسه. يصف السفير الأمريكي السابق هيوم هوران الرئيس جعفر نميري بأنه «قد لا يحمل ذكاء طفل في الخامسة من عمره، لكنه رجل صارم، ولديه شغف السلطة والسيطرة التي يتصف بها زعماء تلك المنطقة». استخدم هوران وسيلة الترغيب والترهيب مع جعفر نميري وأخبره بأن أمريكا ستنقذ السودان من أن تتدخل إسرائيل في أراضيه، وبذلك تنقذ نظامه من عار يلوح في الأفق إذا قررت إسرائيل التدخل في السودان لإنقاذ الفلاشا. وفر رئيس محطة وكالة المخابرات المركزية لويفر مرافقين عسكريين من الأمن السوداني أحدهما يدعى فادي، والآخر موسى وسيكونان مرافقين لويفر طوال مدة العملية. أدخل ويفر الرجلين في صحبتة واستضافهما أكثر من مرة في بيته، واصطحبهما معه إلى مخيم (أم رقبة) ثم إلى مدينة الغضاريف ليتفحصوا المسافة التي سيقطعها اللاجئون الفلاشا إلى تلك المدينة. في أكتوبر 1984م في مطار جنيف تسلم ويفر 250 ألف دولار أمريكي من فئة 100 دولار كانت الدفعة الأولى من تمويل العملية التي تعهد بكل تكاليفها يهودي أمريكي ثري، وحتى لا يتم تعقب العملات تم تبديلها في السوق السوداء بمعدل صرف مناسب. لم يكن بالإمكان شراء كل تلك المعدات من السودان وإلا لانكشف الأمر، فالمنطقة تعج برجال الاستخبارات من دول متفرقة، فضلاً عن عدم تواجد تلك المعدات الحديثة من باصات وقاطرات التيوتا القوية ذات الدفع الرباعي، فاضطر ويفر لشرائها للسفر إلى دولة عربية مجاورة. كان ويفر قد قرر اخراج 10000 شخص من الفلاشا إلى منطقة تسمى (تيواوا) بالقرب من الغضاريف، ثم من هناك إلى مطار الغضاريف في جنح الليل واركابهم طائرة البوينج 707 التي ستحمل 240 شخصا أي حمولة 4 باصات نقل إلى مطار الخرطوم، ثم من مطار الخرطوم الى مطار تل ابيب. كان قد أعد الاحتياجات اللازمة للمهمة ووضع من ضمنها البطانيات، والغذاء، وأمن كراجا لصيانة باصات النقل وتم إخفاؤها أثناء النهار، إذ إن العملية ستجرى في جنح الليل، وخمسين طنا متريا من الوقود الديزل للشاحنات، وزيوت التشحيم والميكانيكيين الذين سيقومون بصيانتها وأجهزة الللاسلكي ذات المسافات الطويلة، والخطط البديلة في احتمالات الخطأ أو التأخر في الطائرات الناقلة.
مشاركة :