من المعتاد أن تتخذ الأسواق المالية ردود أفعال مختلفة تجاه أحداث معينة تأتي في سياق Market sentiment، والذي يعني المزاج العام للمستثمرين فيما يتعلق بشركة أو قطاع أو السوق المالية كله. لذلك ردة فعل بورصة الكويت في الأمس، وما ترتب عليها من قراءات من البعض لفت نظري إلى وجوب توضيح وتأصيل فكرة مهمة، وهي أن ردات الفعل من قِبل الأسواق المالية لأحداث وظروف معينة لا يصح أن يُبنى عليها في «قراءة حقيقة حاضر السوق ومستقبله». لذلك، فإن القراءة والتحليل يكونان وفقاً «لمعايير معتبرة وثابتة علمياً، وبالمقارنة مع دول المنطقة»، حتى يكون هنالك Benchmark مقياس منطقي وعادل. بناءً على ذلك، نعتقد أن أول المعايير هو حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السوق، والتي كانت الكويت الأخيرة فيه على مستوى دول المنطقة في السنوات الماضية. أما المعيار الثاني، فهو الوزن الذي تملكه الكويت في بعض مؤشرات الأسواق الناشئة، حيث أتت متأخرة، وبأسبقية لدول مثل السعودية والإمارات وقطر، رغم ريادة الكويت في هذا المجال. كذلك من أهم المعايير، حجم طلبات الطرح والإدراج في السوق المحلي، والتي تعكس جاذبية السوق لرؤوس الأموال، وكفاءة الأنظمة فيه، حيث شهدت السعودية لوحدها ما يقارب طلبات من 50 شركة للطرح والإدراج في العام الحالي، رغم الظروف الاقتصادية الاستثنائية. هذه المعايير، وما تضمنته من حقائق، تعكس الضعف في تنافسية السوق المحلي أمام أسواق المنطقة، والذي يأتي نتيجة لتاريخ من التعثرات أثر سلباً على الثقة في السوق نفسه، قوانين وقواعد حوكمة دون المستوى نصاً وتطبيقاً، تقنيات متأخرة، منتجات محدودة، وبعض العقليات Mentality التي تدير مجالس بعض الشركات لا تؤمن بحقوق صغار المستثمرين في التواجد بالسوق، وأن يحظى صغار المستثمرين بتنافسية عادلة Fair competition. خلاصة القول، ما حدث بالأمس ليس مستنداً إلى عوامل فنية بحتة، والتي هي الأساس في تقييم أي سوق. لذلك، يجب ألا يبنى على ردة الفعل الحالية، ويركن إليها كمؤشر على تحسُّن السوق، ويتم توظيفها توظيفاً لمصلحة مستفيدين من السوق، أو توظيفاً متحيزاً من قِبل جاهل لا يدرك مقومات الأسواق المتطورة. بل الواجب والمسؤولية على البورصة والهيئة تحديداً تطوير المنظومة بشكل كامل، ومعالجة أوجه الضعف التي ذكرنا أعلاه، للوصول إلى «كفاءة سوق عالية»، من أجل مواكبة أسواق المنطقة، والتفوق عليها، بحيث يؤكد ذلك حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة، والترقية إلى مؤشرات أعلى في المستقبل. * أستاذ التمويل ومحاضر سابق في جامعة بورتسموث – المملكة المتحدة
مشاركة :