نحو إطار شامل لريادة الأعمال (2 / 2)

  • 4/17/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

نموذج شركات التمويل الحكومية أو التابعة للمصارف أو الشركات الخاصة ليس بجديد بل هو متبع في أمريكا وكندا تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال عنصرين أساسيين لدفع عجلة ريادة الأعمال في الشارقة: المؤسسات العلمية ومراكز تنمية قدرات ريادة الأعمال ودور الشركات الكبيرة في رعاية ريادة الأعمال، ونتناول في هذا الجزء الأخير دور المصارف وشركات التمويل ودور الجهاز الحكومي. العنصر الثالث: دور المصارف وشركات التمويل يعد وجود مجموعة قوية من المصارف وشركات التمويل المساندة لرواد الأعمال، عماد نجاح المشروع الوليد. ويعزى أسباب نجاح وادي السيليكون بأمريكا إلى وجود مجموعة من المصارف وشركات التمويل، التي أسهمت في تمويل شركات التكنولوجيا بعد أن استوعبت كيفية تقييم هذه الشركات باتباع أساليب مبتكرة في التقييم المحاسبي لهذه الشركات تجنباً للمخاطرة. ولا يمكن أبداً إنكار الدور الكبير الذي يلعبه مصرف الشارقة الإسلامي في دعم اقتصاد الشارقة، وتقديم الحوافز المادية للمؤسسات العلمية وإنشاء مراكز التدريب والبحث. غير أنه من المعروف أن المصارف في جميع أنحاء العالم لا تدخل كشريك في رأس مال الشركات تجنباً للمخاطر، حيث يقتصر دور المصارف على إعطاء القروض للشركات، مثل قروض لشراء أصول المشروع وقروض رأس المال العامل الخ... غير أن الشركات الوليدة تحتاج لرأس المال، مما يعنى ضرورة توافر المستثمر الذي لديه القدرة على المخاطرة. ومن هنا تبرز أهمية شركات التمويل إذ تقوم هذه الشركات بالاستثمار في الشركات الوليدة بعد دراستها، والتأكد من أن رائد العمل له القدرة على قيادة السفينة، أما إذا كانت لديه القدرات الفنية ويفتقر للقدرات الإدارية، فتقوم بإيجاد شخص مناسب يستطيع إدارة المشروع، وتسويق المنتج ليكون مكملاً للمبتكر. وتلعب شركات التمويل دوراً كبيراً في نجاح رائد العمل ليس فقط بدعمه مادياً، بل بدعمه إدارياً وفنياً من خلال توجيه النصح والإرشاد لمصلحته في نجاح الشركة باعتباره الشريك المخاطر برأس المال. غير أنه من المحبذ أن تدخل شركات التمويل كشريك في رأس المال لفترة قصيرة ثم تقوم بالانسحاب حتى تتمكن من الاستثمار في شركات أخرى. ونظراً لأن شركات التمويل هي شركات مخاطرة فإنه إضافة للدراسة الدقيقة التي تقوم بها الشركة الوليدة فإنها تقوم بتمويل هذه الشركات على مراحل حتى تتأكد من إنجازات رائد العمل في كل مرحلة، ويفضل أن تدخل شركات التمويل برأس مال لا يتعدى 40% حتى لا يفقد رواد الأعمال الحافز المادي والمعنوي الذي يدفعهم إلى بذل كل ما لديهم لإنجاح الشركة الوليدة. ومن المفضل لشركات التمويل ألا تقوم باستثمار أموالها في الشركات الوليدة إلا بعد أشهر عدة، ويفضل بعد 12 18 شهراً تتيح لرائد العمل معرفة ما يحتاج إليه بشكل أدق بعيداً عن خطة العمل وتساعده ليصبح أكثر واقعية. غير أن هذا لا يعني حجب التمويل بشكل كلي عن الشركة الوليدة في هذه الفترة، إذ إن هناك نوعاً آخر من التمويل تقوم به أجهزة أخرى يعرف ببذرة التمويل وتكون على هيئة منح أو حوافز صغيرة لا تزيد على 20 ألف درهم يستطيع بها رائد العمل البدء في مشروعه، وهناك الكثير من الهيئات التي يمكن أن تقوم بهذا الدور، إضافة إلى دورها في تدريب كوادر رواد الأعمال مثل مؤسسة رواد، وشراع، ومنتدى الشارقة للتطوير. ولا يمكن إغفال المستثمر الفرد أو ما يعرف بالملاك. ولقد قمت بالاستفاضة في شرح شركات التمويل حتى يتعرف القارئ الكريم إلى أهمية شركات التمويل، لتشجيع ريادة الأعمال وإقامة المشاريع في إمارة الشارقة. إذ إنني أعتقد أن عدم وجود التمويل بصورة كافية، وبطريقة علمية كما أسهبت مسبقاً يقف حجر عثرة في نمو ريادة الأعمال في إمارة الشارقة، رغم الجهود المبذولة. واقترح في هذا الصدد الآتي: أن تقوم حكومة الشارقة، تحت الرعاية الكريمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بإنشاء شركة تمويل حكومية كما هو متبع في شمال أمريكا تخضع لنفس قواعد التمويل المعروف بها في شركات التمويل. أن تقوم شروق تحت رعاية الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، بإنشاء شركة تمويل مماثلة. وأنا على يقين بأن رؤيتها الثاقبة في هذا الشأن قد أسهمت في إرساء حجر الأساس لريادة الأعمال كمحور رئيسي في تنمية اقتصاد الشارقة. أن يقوم مصرف الشارقة الإسلامي بإنشاء شركة تمويل مماثلة تعبر عن ذراع الاستثمارات للمصرف ولا علاقة لها بسياسات المصرف، من حيث الإقراض ولقد كان لمصرف الشارقة فضل السبق في إنشاء محفظة التمويل للمشروعات الصغيرة. وهذا النموذج لشركات التمويل الحكومية أو التابعة للمصارف أو الشركات الخاصة ليس بجديد بل هو متبع في أمريكا وكندا والعديد من الدول. إضافة إلى الإسهام في تمويل هذه المشروعات فإنه يعطي مثالاً لبقية الشركات الضخمة العاملة بالشارقة في الاستثمار في تمويل المشروعات الوليدة. تقوم حكومة الشارقة والمؤسسات المختلفة مثل شراع ورواد، وغيرها من المؤسسات المهنية المهتمة بدعم المشاريع الريادية بتوفير منح وقروض صغيرة لا تتعدى 10,000 - 25,000 درهم لدعم المشاريع الوليدة. أدعو في هذا المقال مؤسسة شراع بإجراء لقاء شهري وكلية إدارة الأعمال في جامعة الشارقة يسعدها استضافة هذا اللقاء، بحيث يجتمع المستثمر الفرد مع رواد الأعمال. هذا اللقاء يتيح لكل من المستثمر ورائد العمل بالتعرف إلى ما يمكن أن يقدمه كل منهم للآخر، وهذه اللقاءات معمول بها في شمال أمريكا وأوروبا وقد قمت بعمل لقاء مماثل في الجامعة التي كنت أعمل بها قبل حضوري إلى الشارقة، وأنا على يقين من أن هناك الكثير من المواطنين ممن سوف يلبون دعوة اللقاء يحدوهم ليس فقط الاستثمار بل الوازع الوطني. العنصر الرابع : دور الجهاز الحكومي يلعب الجهاز الحكومي دوراً أساسياً في تحفيز وتنمية ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة، فالجهاز الحكومي الأمريكي من خلال هيئة مخصصة لدعم الصناعات الصغيرة يقوم بدعم رواد الأعمال والمشروعات الوليدة من خلال برامج للقروض الميسرة الصغيرة وكذلك المنح الصغيرة (بذور تمويل) والاستشارات والندوات التدريبية ورعاية رواد الأعمال، كما أنه يوجد في كندا إدارة متخصصة في ريادة الأعمال والصناعات الصغيرة بوزارة الصناعة الكندية وقانون تمويل الصناعات الصغيرة. وأعتقد أنه يمكن لحكومة الشارقة أن تنشئ إدارة متخصصة تقوم بتقديم القروض والمنح الصغيرة، وتنظيم ورش العمل، وتوفير الاستشارات والحاضنات لرواد الأعمال من مواطني الشارقة. وهذا بالطبع لا يعفي بقية هيئات دعم المشروعات الوليدة من القيام بواجبها الوطني في هذا الشأن. واقترح في هذا الصدد إنشاء مكتب حكومي مختص واحد One Stop يقوم بعمل الإجراءات الرسمية كافة لرواد الأعمال من تسجيل الشركة الوليدة إلى غيره من الإجراءات الحكومية، وذلك للتسهيل على رواد الأعمال. والواقع أن تخصيص مكتب حكومي لتخليص المستندات الحكومية لرواد الأعمال أمر معمول به في دول شمال أمريكا وأوروبا منذ فترة. *عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة الشارقة

مشاركة :