لم يعد التغير المناخي هماً ينسحب على دولة دون أخرى، بقدر ما أنه هم عالمي يأخذ حيزاً كبيراً في سلم أولويات الدول المتقدمة والنامية، نظراً للمخاطر المتنوعة التي يلحقها اعتلال المناخ بالبيئة المحلية والإقليمية والدولية، وانعكاس ذلك على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن التأثيرات المرتبطة بالتنمية المستدامة ومستقبلها. لقد أدى الاختلال المناخي واستفحاله مع الوقت، إلى تأثر العديد من دول العالم التي شهدت كوارث بيئية على مستويات مختلفة، وتنامت الأصوات بشأن أهمية إيجاد آليات وبرامج تحفز إلى تقليل الآثار السلبية لحالة اعتلال المناخ، حيث طرحت تساؤلات عن دور الدول المتقدمة في التأثير المباشر إلى صحة البيئة، والدعوة لأن تقوم بدورها المسؤول للحد من تقليص انبعاثات غازات الدفيئة. وبرزت اتفاقيات مهمة تتصل بالتغير المناخي، مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1992، فضلاً عن بروتوكول كيوتو عام 1997 الذي استهدف تطبيق تلك الاتفاقية، ومن ثم اتفاق كوبنهاغن ومؤتمرات كانكون وديربان والدوحة، وأخيراً مؤتمر باريس بشأن المناخ الذي انعقد أواخر ديسمبر 2015، جميعها خلصت إلى أهمية التنسيق والعمل الجماعي للحد من الاحتباس الحراري، عبر اتخاذ خطوات إجرائية من ضمنها تقليل الاعتماد على الموارد الأحفورية والاستثمار في الطاقة البديلة. وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي تولي أهميةً فائقة للحد من التغير المناخي، خصوصاً أن قضايا البيئة والمياه والاحتباس الحراري تشكل جزءاً من استراتيجيتها وأجندتها في التفاعل مع هذه الموضوعات التي تعتبرها حيوية لضمان أمنها البيئي وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة المنشودة. كانت آخر تجليات هذا الاهتمام التشكيلة الوزارية الجديدة التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والتي تؤكد حرص القيادة الرشيدة على تدعيم البيئة المحلية والحد من التغير المناخي، حيث تم استحداث وزارة التغير المناخي والبيئة بما يؤكد التزام الدولة تجاه صون مواردها والتسابق مع الزمن لتأسيس بنية تحتية نظيفة صديقة للبيئة والمناخ، فضلاً عن استجابتها للتحديات البيئية الخارجية وتعاونها الحثيث مع المجتمع الدولي للمضي قدماً في الحد من الاحتباس الحراري. ومن نافلة القول إن الإمارات تتبع استراتيجية ترتكز على تنويع الموارد ودعم الابتكار والاستثمار في الأجيال الجديدة لتمكين الدولة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن توجهاتها للتحول نحو اقتصاد المعرفة والاستثمار في تعزيز البنية التحتية البيئية عبر استهداف قطاعات جديدة تراكم من التنمية. وكونها تتعاون وتتشارك مع الدول الأخرى للحد من التغيرات المناخية، فقد أخذت الإمارات على عاتقها الالتزام بتحديد هدف إنتاج ما نسبته 24% من الطاقة الكهربائية اعتماداً على مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2021، ولترجمة هذا الالتزام، عزمت الدولة على إقامة مشروعات حيوية تخدم التحول نحو الطاقة المتجددة والنظيفة، واليوم هناك مشروعات ضخمة في غاية الأهمية مثل مدينة مصدر، ومحطة شمس 1 ومجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية وبيئة ومحطات الطاقة النووية، أضف إلى ذلك دعم الدولة الإسنادي للدول المتأثرة بالتغير المناخي وتمويلها ما يزيد على 30 مشروعاً للطاقة المتجددة في 28 دولة نامية بتكلفة إجمالية تقدر ب840 مليون دولار. ليس هذا فحسب، بل هناك العديد من المبادرات المحلية والرسمية والأهلية التي تصب جميعها في خدمة البيئة العامة وصونها، وفي حين تأتي هذه الجهود محصلة للتعاون بين المؤسسات المعنية، فإن دور الأسرة مهم لجهة ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، والاستجابة لمبادرات الدولة من أجل كبح التغير المناخي، والدعوة لإقامة مشروعات ابتكارية وخلاقة تعزز من سلامة البيئة وتحافظ على صحة المناخ. وتسعى هذه الندوة إلى التعرف إلى فلسفة عمل الإمارات للحد من التغير المناخي في الإطارين المحلي والدولي، عبر مناقشة المحاور الآتية: المحور الأول: التفاهمات والاتفاقات الدولية حول التغير المناخي. المحور الثاني: الإمارات والالتزامات الدولية الخاصة بالتغير المناخي. المحور الثالث: السياسة الإماراتية الوطنية للتعامل مع التغير المناخي. د. أحمد مراد: الإمارات أصبحت نموذجاً يحتذى به قضية التغير المناخي من القضايا العالمية المهمة التي تعتبر من التحديات الكبيرة التي لها تأثيرات إيجابية وسلبية في مختلف القضايا البيئية وذلك للتعقيدات المرتبطة بالمناخ، وكما تعلمون لدولة الإمارات العربية المتحدة دور رائد جداً في المنطقة العربية والعالم، في مجال التغير المناخي حيث أصبحت نموذجاً يحتذى به من قبل العديد من الدول، إلى جانب التزامها بأهمية العمل الدولي لجهة الحفاظ على البيئة والمناخ، وتعاونها في عديد القضايا المرتبطة بالبيئة. عندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن التشكيل الوزاري الجديد، وصفه بأنه تشكيل فريد من نوعه ومبنيٌ على السعادة والتعامل مع التغير البيئي لحماية بيئتنا، ومن هذا المنطلق كانت هناك وزارة التغير المناخي والبيئة، والدولة نشيطة على صعيد التفاعل مع قضايا البيئة، حيث عقدت الدول العديد من الاتفاقيات التي تهم التغير المناخي وآخرها اتفاقية باريس التي وقعها ما يقارب عن 195 دولة، وعلى الرغم من الإجماع الكبير على بنود هذه الاتفاقية، إلا أن هناك بعض التخوف من أنها لن تؤدي إلى حماية كوكبنا. د. توفيق مزهر: تغير المناخ أغلبه من دول الشمال بالنسبة لاتفاقية تغير المناخ نجد أن الحاجة الدولية هي التي دفعت بالدول إلى الاجتماع لمعرفة المسببات، والمعروف أن تغير المناخ أغلبه من دول الشمال لكن تأثيره لا يشمل الشمال فقط بل يؤثر في بقية الدول، ومنها منطقة الخليج التي تعتبر من الدول غير المسببة للتغير المناخي، لكنها تتأثر بالتغير المناخي الذي تسببه الدول الأخرى. لذلك تم التأكيد في الاتفاقيات الدولية أن كل دولة معنية بهذه المسألة وأنه من الضروري لم شمل الدول لمناقشة هذه المعضلة الدولية. ومنذ السبعينات من القرن الماضي إلى يومنا هذا وصلنا إلى إجماع على اتفاق دولي لمحاربة تغير المناخ، وما نتمناه هو أن تلتزم كل الدول بهذا الاتفاق. م. علي قاسم: إجماععلى ضرورة حماية كوكب الأرض الاتفاقية الأخيرة التي تم توقيعها في باريس تعتبر من الاتفاقيات النادرة حيث جمعت ما يقارب عن 195 دولة نظراً لأهمية هذا الموضوع، حيث إن التغير المناخي أصبح يمثل بالنسبة لبعض الدول اقتصاداً وسياحة واستراتيجيات وطنية، وأي تأثير أو تغير في مناخ دولة يمكن أن يؤثر في بقية الدول الأخرى، لذلك كان الإجماع من قبل أغلب الدول في الاجتماع الأخير على توقيع الاتفاقية نظراً لوعي هذه الدول بتأثيرات التغير المناخي عليها، فالنظرة المستقبلية لكوكب الأرض هي التي دفعتهم إلى الإجماع على ضرورة حماية هذا الكوكب. فكان توقيع هذه الاتفاقية بمثابة الإلزام لهذه الدول لاعتماد برامج وخطط جديدة من شأنها أن تحافظ على التوازن البيئي، كما ألزمتها بتقديم مساعدات للدول النامية بهدف تقييم الآثار البيئية مثل تقليل نسبة الكربون في بعض الدول كالهند والصين التي تعمل على ذلك ويحسب لها الإنجاز في هذا الموضوع. مشاعل لحسوني: بحاجةأكيدة إلى الاستفادة من الخبرات أول اتفاقية للتغير المناخي كانت سنة 1992، تليها بروتوكول كيوتو وكانت الدول المتقدمة هي المعنية بتخفيض الانبعاثات بنسبة 5%، أما الاتفاقية الجديدة التي تم توقيعها في شهر ديسمبر 2015، يمكن القول إن في الاتفاقيات القديمة كان هناك فرق بين الدول المتقدمة والدول النامية، أما في الاتفاقية الجديدة فقد تم طمس هذه الفروقات بين الدول نظراً إلى الحاجة الملحة لجمع شمل كل الدول من أجل تقليل الانبعاثات التي لها تأثير مباشر في المناخ، حيث إن نسبة هذه الانبعاثات في دول المناطق الشمالية الكبرى هي أكثر بكثير من النسبة الموجودة في الدول النامية وفي الاتفاقية الأخيرة في باريس تم تسليط الضوء على أهم العناصر مثل الشفافية، التمويل والتكنولوجيا، فنحن بحاجة أكيدة إلى الاستفادة من الخبرات وبحاجة إلى نقل التكنولوجيا وتطبيقها في دولتنا من أجل تقليل الانبعاثات. دولة الإمارات العربية المتحدة هي من الدول السباقة في المنطقة التي تدعو تحت توجيهات الحكومة بضرورة الاتجاه إلى الطاقة المتجددة لتقليل الانبعاثات والحفاظ على البيئة من أجل الأجيال المقبلة. من أهم الموضوعات التي طرحت كانت تدابير الاستجابة حيث شاركت 195 دولة في هذا الاجتماع وفي شهر إبريل في نيويورك سيكون الاحتفال الكبير لتوقيع الاتفاقية إلى حدود سنة 2017 وهذه ستكون فرصة للدول للمشاركة في هذه الاتفاقية من أجل تقليل الانبعاثات. أيمن حلاوة: تكاتفجميع الجهات للحد من الانبعاثات موضوع التغير المناخي هو موضوع معقد لسببين رئيسيين، أولاً: الأسباب التي تؤدي إلى الظاهرة هي أسباب مختلفة والغازات التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري هي غازات مختلفة تأتي من تأثير ثاني أوكسيد الكربون وغازات الميثان ومصادر هذه الغازات مختلفة ومتعددة وأضرارها جسيمة على التغير المناخي وبالتالي للتحكم في الانبعاثات يترتب تكاتف جميع الجهات للحد من هذه الظاهرة، التي لها تأثيرات خاصة في الزراعة والثروة الحيوانية والمائية والموارد الطبيعية، لذلك توالت عديد الاتفاقيات في السابق للتصدي لهذه الظاهرة وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والتي صادقت عليها الدولة في 1995، إضافةً إلى بروتوكول كيوتو الذي كان أهم الاتفاقيات الدولية التي وقعتها وصادقت عليها دولة الإمارات في 29 ديسمبر 2004، والتي كان من أهم نتائجها عقد مؤتمر الأطراف مثل مؤتمر كوبنهاغن الذي شاركت فيه الدولة سنة 2009، ثم مؤتمر كانكون سنة 2010 ومؤتمر دوربان سنة 2011 وآخرها مؤتمر باريس سنة 2015، حيث يعتبر من أنجح المؤتمرات لأنه جمع تأييداً دولياً ونتمنى أن يحقق النتائج المرجوة لإنقاذ كوكب الأرض. د. عيسى عبد اللطيف: تبني أنماطالحياة المستدامة في ممارسات الأفراد مرت الاتفاقيات خلال 21 عاماً من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في سنة 1994 إلى سنة 2015 بمراحل صعبة من التفاوض حول الأولويات وآليات التنفيذ وتوزيع المسؤوليات. والمعروف أن الدول الصناعية الغنية استخدمت كل الطرق الدبلوماسية والفنية لعرقلة وضع بنود ملزمة قانونياً عن طريق عدد ونوعية وفودها والضغط على الدول الفقيرة التي تدعمها لتقف معها في أي تصويت. وعندما وصلنا مرحلة اجتماع باريس نهاية 2015 كانت الكوارث الطبيعية قد أنهكت أغلب دول العالم، بما فيها الدول الصناعية فلعبت شعوبها والدول المتأثرة ومنظمات المجتمع المدني دوراً فعالاً في الضغط على الحكومات لتبني مواقف جادة تجاه معالجة مشكلة التغير المناخي، وتوصل الاجتماع إلى اتفاق دولي بعد مفاوضات مضنية استمرت 21 سنة. والمدهش أن مفاوضات التغير المناخي في باريس تزامنت مع تقلبات مناخية أدت إلى كوارث طبيعية مرعبة في أوروبا والصين والهند والأمريكيتين من الولايات المتحدة شمالاً إلى الأرجنتين جنوباً. وبالفعل إنها المرة الأولى التي تتفق فيها قرابة 200 دولة على ضرورة خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بهدف مواجهة ظاهرة التغير المناخي. وهذا يدعو للتفاؤل بأننا ننطلق من قاعدة جديدة يشارك فيها الجميع لإحياء تحديد معدل لتخفيض الانبعاثات، حسب جدول زمني ملزم مثلما كان برتوكول كيوتو 1997، والذي أكد ضرورة السعي للحفاظ على زيادة درجة الكرة الأرضية لأقل من 2 درجة مئوية والضغط أكثر لبلوغ زيادة أقل من 1.5 درجة مئوية والحرص على بلوغ هذا، كما أكد الاتفاق ضرورة مراجعة كل دولة لمعدل انبعاثاتها كل 5 سنوات حتى تتمكن من ضبط سياساتها لتحقيق أهداف الاتفاق، على أن تقوم الدول الغنية بتقديم الدعم المالي لمساعدة الدول الفقيرة من أجل التحول لإنتاج الطاقة النظيفة. إذاً تحاول دول العالم في هذا الاتفاق فتح باب الأمل لتجنب الوصول إلى الدرجة الحرجة التي لا رجعة منها لزيادة درجات الحرارة والتي تم الاتفاق على أنها 2مْ فوق درجات الحرارة السابقة لعصر الصناعة، مع العلم أن الزيادة بلغت نصف الطريق تقريباً. ولذلك كانت بعض الدول في هذا الاجتماع تضغط لاستهداف زيادة لا تتخطى 1.5مْ ونجحت بالنص عليها في الاتفاق، خاصة الدول المنخفضة التي تواجه خطر الغرق تحت مياه البحر. د. مشكان العور : جهة علمية تقيم بشكل موضوعي آثار التغير المناخي دولة الإمارات من الدول التي جعلت أولى اهتماماتها هو التغير المناخي والبيئة وسبل الحفاظ عليها من أجل الأجيال المقبلة، لذلك تم تغيير مسمى الوزارة إلى وزارة التغير المناخي والبيئة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على اهتمام حكومتنا الرشيدة بجانب التغير المناخي، غير أن تغيير المسمى غير كافٍ بل يجب تنسيق الجهود بين مختلف المؤسسات للوصول إلى تحقيق أهداف اتفاقية باريس، إضافةً إلى ضرورة وجود جهة علمية تقوم بتقييم علمي وموضوعي لآثار التغير المناخي وبالتالي نحن نتكلم هنا عن اللجنة الحكومية للتغير المناخيIPCC التي تأسست سنة 1988 بعد الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة، والتي تبحث من الناحية العلمية عن آثار التغير المناخي بالاستعانة بخبراء يقيسون هذه الآثار عن طريق إحصائيات ودراسات علمية دقيقة، كما أن تقاريرها تقدم في مؤتمر الأطراف التي تساهم بدعم صانعي القرار لاتخاذ السياسات والقرارات التي تهم التغير المناخي. وتطورت هذه اللجنة لتشمل توفير منح دراسية من أجل تأهيل كوادر متخصصة في دراسة آثار التغير المناخي في جميع الدول، ونحن على مستوى دولة الإمارات لم نغفل هذا الجانب، ففي أكاديمية شرطة دبي بكلية القانون تم استحداث مادة الأمن البيئي التي تُعنى بالتغير المناخي، وفي هذه السنة تم استحداث ماجستير في القانون والبيئة والإدارة البيئية، وهناك مادة مستقلة تُدرس هي مادة التغير المناخي نظراً لاهتمام الدولة بهذا الجانب. د. محمد الملا : بناء القدراتونقل التكنولوجيا والمعرفة لتقليل المخاطر ما ميز اجتماع باريس الأخير هو سيادة الجو الإيجابي مقارنةً بمؤتمر كوبنهاغن من حيث الالتزام الذي أظهرته الدول الأعضاء والإجماع بالأغلبية على ضرورة التوحد لاتفاق جماعي يفرمل تغير المناخ، وهذا يرجع بالأساس إلى وعيهم بأهمية خفض التأثيرات السلبية للتغير المناخي، وهو ما جعل أغلب دول العالم تتكاتف من أجل تجسيد التعاون المشترك لمحاربة مسببات التغير المناخي. ويمكن القول إن الفترة التي استغرقتها الدول للوصول إلى اتفاق عام هي فترة طويلة ما يقارب 25 سنة من بداية السبعينات إلى تاريخ الاتفاق الأخير، وبالتالي من الضروري على جميع الدول العمل بوتيرة أسرع للوصول إلى النتائج المرجوة، ومن أهم الجوانب هو جانب التمويل خاصة للدول النامية والفقيرة، كما يجب التركيز على بناء القدرات ونقل التكنولوجيا فهناك دول تمتلك تكنولوجيا وهناك دول تمتلك قدرات بشرية كبيرة في مجال التعاون للحد من التغير المناخي، وبالتالي يترتب التنسيق بين مختلف هذه الدول من أجل التبادل التقني وتبادل الخبرات والمعرفة بشكل كامل لتستطيع السيطرة على التغيرات المناخية التي تهدد كوكب الأرض. د. أسامة سلام : الإماراتوالخليج تتأثر ولا تؤثر سلباً في المناخ بعد استفحال ظاهرة التغير المناخي أصبح من الضروري دراستها علمياً للوقوف على أهم المسببات، وبالتالي ضرورة وجود كيان بحثي يقوم بقياس نسبة تأثر دولة الإمارات من التغيرات المناخية على مستوى العالم، وهذه الدراسة يجب أن تكون واضحة ومدروسة تبين مدى تأثير الدولة في التغيرات المناخية، ومدى تأثر الدولة من هذه التغيرات، والمعروف دولياً أن الإمارات خاصةً ومنطقة الخليج عامةً لا تؤثر سلباً في التغيرات المناخية غير أنها تتأثر منها، مثل موجات الجفاف التي عرفتها المنطقة أو الفيضانات التي تؤثر في الاكتفاء الذاتي في الغذاء، وكل هذه العوامل سببها تأثر المنطقة بما تسببه الدول الأخرى من تغير في المناخ. عبير سجواني : الاستفادةمن التكنولوجيا والطاقة المتجددة تعتبر الإمارات من الدول النشطة في أغلب الاتفاقيات التي تعنى بالتغير المناخي مثل مشاركتها في اتفاقية كيوتو، ومؤتمر الأطراف بكوبنهاغن، وآخرها اجتماع باريس الذي حصل على إجماع دولي من أغلب الدول. توالي كل هذه المؤتمرات والاتفاقيات هو دليل على أن ظاهرة التغير المناخي استفحلت في جميع دول العالم ووجب التصدي لها. وكانت سنة 2015 الأشد في ارتفاع درجات الحرارة منذ سنة 1880، إضافةً إلى ارتفاع مستوى البحر إلى ما يقارب 2.2 من سنة 1979 إلى سنة 2007 وهو ما أثر سلباً خاصة في البنية التحتية، إضافةً إلى تزايد العواصف والفيضانات وهو ما جعلنا نعي بخطر هذه الظاهرة. ويأتي تغيير دولة الإمارات مسمى وزارة البيئة إلى وزارة التغير المناخي والبيئة إنما دليل على أهمية التغير المناخي في الحفاظ على حياة آمنة وسليمة للمجتمع، وحسب اتفاقية باريس يترتب علينا تخفيض الانبعاثات، والسؤال المهم الآن هو هل الخطط والاستراتيجيات التي وضعتها الدولة كافية لتحقيق هذا الهدف؟ إضافةً إلى موضوع التطبيق، هل هو إلزامي بطريقة عادلة لكل الدول؟ د. أحمد مراد : تدخل الإنسان في البيئة له دور سلبي قضية التغير المناخي هي من القضايا العالمية المهمة التي ربما شغلت العالم بأسره وأهمية هذه القضية كانت ولا تزال الدافع لأغلب الدول لعقد العديد من المؤتمرات والاجتماعات لبعثها من جديد، وهو ما يدل على الحاجة الماسة لهذه الاتفاقيات لدراسة المسببات، والطرق الكفيلة لتقليل أثر التغير المناخي والتكيف مع هذه الظاهرة، وكما أوضح الحضور هناك العديد من العوامل التي أدت إلى تزايد هذه الظاهرة، نذكر منها زيادة عدد السكان، قطع الأشجار، وبالتالي أثر تدخل الإنسان في البيئة كان له دور سلبي على ظهور الآثار السلبية للتغير المناخي، ومن القضايا التي تبعث الأمل للحد منها هو الجو الإيجابي الذي عم اجتماع باريس الأخير في ديسمبر عبر إجماع الأغلبية على بنود الاتفاقية رغم أن هناك العديد من التحديات التي بدأت تظهر، منها مدى التزام هذه الدول بالوعود، وعدالة التخصيص ما بين مختلف الدول، إضافةً إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية للتغلب على مشكلة التغير المناخي التي تهدد كل الكرة الأرضية. قالت د. مشكان العور: إذا أردنا الحديث عن البرامج في أكاديمية شرطة دبي أو على مستوى جائزة زايد الدولية البيئية يمكن القول إن دورنا كخبراء يتمثل في مناقشة التأثيرات المتخصصة لهذه الظاهرة وكيفية الحد منها من منطلق تخصصنا. والدولة بجميع مؤسساتها كانت دوماً سباقة في إلقاء الضوء على القضايا البيئية، فمثلاً جائزة زايد الدولية للبيئة هي من أبرز الجوائز التي جعلت من أولوياتها تشجيع وتحفيز الشباب بإدراجهم في البرامج البيئية وهذا من شأنه تطوير التكنولوجيا ودعم الجانب العلمي في مجال البيئة. قال د.محمد الملا: فيما يخص الالتزامات التي خرجت عن اتفاقية باريس يمكن القول إن دولة الإمارات كانت دوماً فاعلة ونشطة في التوصل إلى النتائج الإيجابية في موضوع التغير المناخي، فمنذ التسعينات إلى يومنا هذا والدولة تنظر إلى موضوع التغير المناخي بإيجابية كبيرة من خلال اهتمامها بكل ما من شأنه أن يحد من هذه الظاهرة، ويظهر هذا الاهتمام في اعتمادها سياسات متقدمة في مجال التنمية، حيث لها السبق في مجال التنمية المستدامة التي كانت دوماً من أولويات حكومة الإمارات منذ سنوات عديدة باعتمادها استراتيجيات للمياه، استراتيجيات للطاقة، استراتيجيات للغذاء والتنوع البيولوجي، كما أولت الدولة أهميةً قصوى للتنوع الاقتصادي من خلال اعتماد استراتيجيات التنمية الخضراء أو الاقتصاد الأخضر، حيث أصدرت سنة 2014 تقرير الاقتصاد الأخضر ويبين إلى أي مدى وصلت التنمية الخضراء في الدولة، كما أن ما قامت به وزارة الطاقة من وضع سياسات لتحرير الوقود وترشيد الاستهلاك من شأنه أن يسهم في خفض الانبعاثات والحد من ظاهرة التغير المناخي. أيضاً مبادرة مصدر تعتبر من أكبر المطورين الدوليين في مجال الطاقة النظيفة سواء المشاريع الداخلية أو الخارجية. اتفاقية كيوتو د. محمد داود: منذ الاتفاقية الإطارية سنة 1992 والإمارات لها السبق في الموافقة والتوقيع على هذه المبادرات مروراً باتفاقية كيوتو التي وقعتها سنة 2004، والدولة لم تتخلف عن أي اتفاقية دولية تخص التغيرات المناخية، ومنذ خمس سنوات استحدثت وزارة الخارجية ما يسمى بالمبعوث الخاص المفوض بالتغيرات المناخية، إذاً على المستوى الحكومي الدولة كان لها دور فاعل في كافة الاتفاقيات وتبني كل الأفكار التي تخص التغيرات المناخية. وعلى مستوى المبادرات غير الحكومية، يمكن القول إن الإمارات من أكبر المستثمرين في الطاقة المتجددة على مستوى العالم، ومن أهم المبادرين للتوجه نحو الطاقة المتجددة، وبالنسبة لدعم الدول الفقيرة، قامت الدولة باستثمار ما يقارب 840 مليون دولار سنوياً في 25 دولة فقيرة في مواضيع تخص الطاقة المتجددة والتغيرات المناخية. على مستوى العلوم، أطلقت الإمارات ما يسمى بمهمة الابتكار، حيث دعمها نحو عشرين مستثمراً إماراتياً لابتكار وسائل حديثة تخص استهلاك الطاقة وتنوع مصادرها، كما أن هناك توجهاً لإدخال مناهج البيئة والطاقة والتغيرات المناخية ضمن المناهج الدراسية. قال د. أسامة سلام: زيادةً على ما ذكره الدكتور محمد داود، أريد إضافة ثلاث نقاط أساسية ألا وهي مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية من أجل النقص في البيانات، كما أن الإمارات عضو في التحالف الدولي للطاقة الشمسية، وانضمت لمنتدى تحفيز الطاقة المتجددة مع المفوضية الأوروبية. ادارة متأقلمة أكدت عبير سجواني ان التوجه الحالي لدولة الإمارات يتمثل في توحيد الجهود محلياً، إقليمياً، عربياً ودولياً من أجل معالجة مشكلة التغير المناخي عن طريق الإدارة المتأقلمة حيث لا يكفي تقليل الآثار أو تقبلها أو تعديل الوضع الحالي ليستمر على ما هو عليه، بل يجب بالتالي التأقلم مع الحد من هذه المتغيرات. كما يجب بذل المزيد من الجهود لحماية المنشآت الحساسة عن طريق التخطيط السليم للأراضي والطاقة النظيفة، وتشجيع البحث العلمي في مجال التغير المناخي وتشجيع المؤسسات على الانخراط في الجهد الجماعي للحفاظ على البيئة، إضافةً إلى أهمية التركيز على الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد الطبيعية وعمل استراتيجية على مستوى الدولة. خطوات تنفيذية د. عيسى عبد اللطيف: بمجرد أن وقعت الإمارات على اتفاقية التغير المناخي وبعد وقت قصير من دخولها حيز التنفيذ في عام 1994، قامت الدولة بعديد من الخطوات التنفيذية، حيث شكلت اللجنة الوطنية الدائمة لإعداد البلاغ الوطني، ثم شكلت اللجنة الوطنية الدائمة العليا لآلية التنمية النظيفة بهدف الاستفادة من آلية التنمية النظيفة لبروتوكول كيوتو، وقامت بإنشاء مركز الإنتاج الأنظف، وساهمت في دعم الدول الفقيرة للتكيف مع آثار التغير المناخي وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وإنشاء إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ بوزارة الخارجية، وبالإضافة إلى برنامجها الطموح المستمر للتغير المناخي ودعمها الكبير للاقتصاد الأخضر فهي تخطط لإطلاق نموذج متميز لترشيد استهلاك الطاقة يصلح للتطبيق عالمياً، حيث أطلقت إمارة دبي مثلاً استراتيجية الطاقة للعقود الثلاثة المقبلة التي تهدف لتوفير 75% من الطاقة النظيفة، وأن تصبح دبي المدينة التي تحوز البصمة الكربونية الأقل على مستوى العالم بحلول عام 2050. أكد أيمن حلاوة ان دولة الإمارات خطت خطوات سباقة وفعالة بالمشاركة في جميع الاتفاقيات الدولية منذ التسعينات، وكانت الدولة تتبع السياسة التي وضعها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في التعامل مع ظاهرة التغير المناخي من حيث إن التعامل هو عن طريق سياستين رئيسيتين وهما سياسة التخفيف أو سياسة الحد من ظاهرة التغير المناخي وسياسة التكيف مع آثار التغير المناخي. وبالنسبة لسياسة التخفيف، عمدت الدولة إلى حصر وجرد الغازات المُسببة للاحتباس الحراري وأنشأت مركزاً متخصصاً بهذا الجانب وهو مركز دبي للكربون الذي أسند إليه مشروع حصر وجرد الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى الدولة، كما أن هناك العديد من البرامج لحفظ الانبعاثات على المستوى الاتحادي، إضافةً إلى عديد المشاريع ضمن آلية التنمية النظيفة مثل مشاريع الطاقة النظيفة ومشروع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، كما تم إطلاق استراتيجية دبي لتخفيض الكربون 2014 التي تم الإعلان عنها في يناير 2016، والتي شملت أربع قطاعات أساسية وهي القطاع الصناعي، قطاع المواصلات، قطاع الطاقة والمياه، وقطاع النفايات، وكان الهدف من هذا المشروع والمراد تحقيقه لسنة 2021 هو الوصول لتخفيض الانبعاثات بمقدار 16%. دولتنا متطورة نبه عبد العزيز المدفع إلى انه عندما نُقارن دولة الإمارات بباقي الدول يمكن القول إن دولتنا متطورة في مجال السعي للحفاظ على بيئة نظيفة، ولدى الدولة الطموح لتكون الأفضل في هذا المجال لأنها تمتلك الإمكانات اللازمة لتكون كذلك، وهناك نقطتان أساسيتان يمكن التعامل معهما وإيجاد حلول لهما، أول نقطة هي ضرورة تشديد النظام الرقابي في بعض المناطق فكما تعلمون أن كل إمارة تمتلك أكثر من منطقة حرة تمارس فيها العديد من الأنشطة، وبالتالي على الدولة إيلاء الاهتمام بالجانب الرقابي خاصة في هذه المناطق. ثانياً قضية النفايات هي من القضايا التي يجب على الدولة الاهتمام بها، فنحن كدولة اتحادية هناك فرق بين كل إمارة وإمارة في طريقة التعامل مع النفايات، والأسلوب المتبع هو الردم وهذا بحد ذاته من أهم المسببات لتلوث التربة وانبعاث الغازات السامة. اتفاقية باريس قالت مشاعل لحسوني: قبل اتفاقية باريس لا توجد أية التزامات على دولة الإمارات ما عدى تسليم تقرير البلاغات الوطنية باسم الدولة إلى سكرتارية الأمم المتحدة، حيث قامت الدولة بالفعل بتسليم تقرير البلاغ الأول والثاني والثالث الذي كان سنة 2013 والذي سلط الضوء على جهود الدولة على المستوى المحلي في خفض الانبعاثات، ودور الدولة في مشاريع الطاقة المتجددة. وقبل اتفاقية باريس تم تسليم تقرير المساهمات المرجوة لدولة الإمارات عن طريق مفوضي الدولة لدى وزارة الخارجية، وشمل التقرير تضافر جميع جهود الوزارات والمؤسسات والجهات في الدولة، وبالنسبة لدور وزارة الطاقة نحن دعمنا مفوضي الدولة في موضوع تدابير الاستجابة، كما نقوم بمتابعة آلية التنمية النظيفة، إضافةً إلى تقرير المساهمات الوطنية الذي سيتم تسليمه لاتفاقية الأمم المتحدة. أكد علي قاسم انه على المستوى الدولي الإمارات ملتزمة دائماً بتنفيذ كل الاتفاقيات وتعتبر ظاهرة التغير المناخي من الظواهر التي يجب التصدي لها بشكل كبير، وهو ما جعل الدولة تتبنى موضوع الابتكار واستخدام التكنولوجيا الحديثة وهذا إن دل على شيء فهو يدل على الالتزام بمحاربة هذه الظاهرة، ويبقى فقط موضوع التنسيق الداخلي الذي يستوجب تضافر كافة الجهود المحلية من مؤسسات حكومية وخاصة للحد من مسببات التغير المناخي من أجل العيش في بيئة سليمة. مشاريع ريادية قال د. توفيق مزهر: مشروع مصدر في دولة الإمارات هو من المشاريع الريادية في مجال التصدي للتغير المناخي، وقد أكدت قيادة الدولة الرشيدة هذا الأمر، حيث بدأ مشروع مصدر سنة 2006 كمشروع طاقة متجددة ومع الوقت صارت مصدر وجهة دولية ومنارة ليست للطاقة المتجددة فقط بل شملت المياه والطاقة والغذاء، كما أن المشاريع التي قامت بها مصدر بكافة دول العالم ساعدت على جذب التكنولوجيا والتخصصات أيضاً، وفيما يخص صناديق التنمية التي قدمتها الإمارات، فقد تصدرت مصدر دور الريادة في مجال الطاقة المتجددة للدول التي هي بحاجة إليها. ويعتبر معهد مصدر النواة الأساسية لمجمع التطوير والأبحاث في مدينة مصدر، وبصفته مصدراً مهماً للأبحاث والتطوير. قال د. أحمد مراد: على الرغم من عدم التزام بعض الدول بالالتزامات الدولية للتقليل من آثار التغير المناخي، إلا أن الإمارات تعتبر من الدول التي بذلت العديد من الجهود لتخفيف آثار التغير المناخي، باعتبار أنه قضية عالمية دولية لا تؤثر في منطقة أو دولة بحد ذاتها، إنما تشكل خطراً يشمل كل الدول، لذلك نجد سعي الإمارات الدؤوب للقيام بالعديد من المشاريع التي تصب أغلبها في التقليل من آثار التغير المناخي، نذكر على سبيل المثال، مبادرة البيانات البيئية، مبادرة مهمة الابتكار التي تحسب لدولتنا عبر إدخال مناهج التغير المناخي والمحافظة على البيئة من ضمن المناهج الدراسية في المدارس الثانوية. المناطق القاحلة د. عيسى عبد اللطيف: المناطق القاحلة وشبه القاحلة عرضة للتغيرات المناخية بصورة تتفاوت بين المعتدلة والشديدة، وذلك لفقر التربة وشح احتياطي المياه، إضافةً إلى التأثيرات على النظم الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، نتيجة لعدم استقرار أحزمة الرياح والضغط الجوي الذي يحدد الأمطار وربما ارتفاع سطح البحر، كل هذه العوامل تعتبر حساسة وتحتاج إلى رقابة في الدراسات، لذلك وجب التقييم المستمر لشدة التأثر وخيارات التكيف مع تغير المناخ من خلال استراتيجيات وخطط عمل بيئية وتشريعات ونظم ومؤسسات بيئية فاعلة. وتعتبر رؤية الإمارات 2021 نقلة نوعية تحت شعار بيئة مستدامة وبنية تحتية متكاملة والتي تهدف إلى تحقيق بيئة سليمة وتنمية مستدامة من حيث جودة الهواء، المحافظة على الموارد المائية، زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتطبيق معايير التنمية الخضراء، والتدابير التي اتخذتها دولة الإمارات في السنوات الماضية انعكست إيجاباً وبشكل واضح في تعزيز مكانة الدولة في العديد من المؤشرات البيئية. أكدت عبير سجواني:انه من المهم أن تعتمد الدولة على نتائج البحث العلمي وتستفيد من خبرات مؤسسات البحث العلمي في المنطقة مثال على ذلك السياسة المتبعة لتنظيم القطاع العمراني لبرنامج استدامة، كما أن توحيد الجهود بين جميع مؤسسات الدولة للاستفادة من التكنولوجيا والطاقة المتجددة هو أمر في غاية الأهمية على الدولة أن توليه الاهتمام، وما يساعد على تقوية سياسة الإمارات هي متابعة نتائج المبادرات وقياس مؤشرات الأداء والالتزام بالشفافية فيما يخص الإحصائيات. كما أنه من الضروري تفعيل دور المجموعات البيئية والقطاع الخاص من أجل الوصول إلى النتيجة المرجوة من تقليل آثار التغير المناخي. سياسات وطينة قال د. أسامة سلام: يمكن القول إن هناك اجتهاداً يحسب للإمارات فيما يخص السياسات الوطنية التي اعتمدتها الدولة للتقليل من آثار التغير المناخي، أما فيما يخص التغيرات المناخية الناتجة عن الظواهر الطبيعية مثل الفيضانات أو الأعاصير فيجب الاستعداد لها، وبرأيي إن إمارة أبوظبي قطعت شوطاً مهماً فيما يخص طوارئ المياه من خلال التخزين الاستراتيجي للمياه، أما بالنسبة لطوارئ الغذاء فيجب التركيز عليها خاصة فيما يخص الاكتفاء الذاتي من الغذاء. قال أيمن حلاوة ان امارة دبي هي من الإمارات السباقة في التعامل مع ملف التغير المناخي حيث تم إطلاق استراتيجية دبي لخفض الكربون 2021 التي تشمل حزمة من البرامج والمشاريع من أجل خفض الانبعاثات، سواء كانت ناتجة من النفايات أو من القطاع الصناعي أو من المواصلات، كما أطلقت مشروع تخزين وإعادة حقن الكربون ومشروع الكربون الأزرق عن طريق استخدام أشجار المنغروف لامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، وتقوم الإمارة حالياً بخطة عمل لحماية كل المنشآت الساحلية والبيئة البحرية من أخطار التغير المناخي، إضافةً إلى مشروع تجميع غاز الميثان من مكب النفايات الموجود في منطقة القصيص. عبد العزيز المدفع: تفعيل الجهاز الرقابي على الأنشطة الصناعية قال عبدالعزيز المدفع أولت الدولة اهتماماً كبيراً بحماية البيئة وتنميتها والحفاظ على مواردها الطبيعية. وذلك من خلال سن القوانين والتشريعات المعنية لحماية البيئة بدءاً من قانون حماية البيئة رقم 24 من عام 1999 وتعديله عام 2012، بالإضافة لمجموعة قوانين وتشريعات تتعلق بشؤون البيئة والموارد الطبيعية (تنظيم الرعي والاحتطاب، إدخال الأصناف النباتية والحيوانية، المحميات الطبيعية، استخدام المواد الكيماوية والمبيدات والأسمدة الكيماوية بالإضافة إلى إنشاء المؤسسات الحكومية المعنية بحماية البيئة والموارد الطبيعية المعنية بالمراقبة وإنشاء قاعدة بيانات يمكن الاستفادة منها في وضع الاستراتيجيات المعنية بحماية الموارد في الحد من التلوث وتقليل البصمة البيئية للمشاريع المختلفة ووضع حماية البيئة من ضمن المناهج التعليمية وتنفيذ برامج التوعية البيئية للمجتمع). هذا بالإضافة لدعم مشاريع التنمية المستدامة (البناء الأخضر، مشاريع الطاقة المتجددة، اقتصاد أخضر...) كل هذه الجهود لا تعني عدم وجود نقاط ضعف يمكن معالجتها والتغلب عليها من أجل الوصول للأهداف التي نسعى لتحقيقها في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية من خلال برامج التنمية المستدامة. من هذه النقاط: تفعيل الجهاز الرقابي على الأنشطة الصناعية بشكل خاص والتنموية بشكل عام والتي من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي في البيئة وزيادة نسبة التلوث، وتطوير طرق إدارة النفايات من خلال وضع المعايير الخاصة بها لمواكبة التطور والتوسع الحضري والصناعي في الدولة، وتطوير برامج بحث علمي في الأمن الغذائي، ووضع تشريع فيما يخص استغلال المناطق الساحلية والشواطئ. د. محمد داود: المسببات البشرية أسهمت في تدهور حالة المناخ قال الدكتور محمد داود سأبدأ الحديث عن ظاهرة التغير المناخي منذ منتصف الستينات وكان أغلب الجدل حول هذه الظاهرة هو مسبباتها، فإضافة إلى المسببات الطبيعية هناك أيضا المسببات البشرية التي كان لها الدور الكبير والتي زادت من سوء الوضع، نذكر من أهمها حرق الوقود الأحفوري مع بداية العصر الصناعي في أوروبا، وأدى ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة وهنا بدأ العالم يعيي مخاطر هذه الظاهرة في منتصف الثمانينات، فكانت الدافع لعقد العديد من المؤتمرات تمثلت بدايتها في مؤتمر الأمم المتحدة الذي أعلن فيه الأمين العام عن وجود ظاهرة تسمى بالتغير المناخي، ومن وقتها بدأت دول العالم تعترف بمفهوم التغيرات المناخية، وهو ما جعلهم يعدون الاتفاقية الإطارية سنة 1990 والتي وقع عليها ما يقارب عن 154 دولة سنة 1992 وإلى غاية اليوم وقعت عليها 192 دولة، ثم قامت هذه الدول بإنشاء اللجنة الحكومية التي ضمت أكثر من 3000 عالم على مستوى جميع الدول متخصصين في الفيزياء والكيمياء والانبعاثات، اعترافاً من الأمم المتحدة بأن هناك تغيرات مناخية وأن لها تأثير مباشر على الطاقة والمياه والصحة، وهو ما يهدد حياة الإنسان . ثم جاءت اتفاقية كيوتو أو بروتوكول كيوتو الذي وقع في 11 ديسمبر سنة 1997 ودخل حيز التنفيذ في فبراير سنة 2005، لكن امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التوقيع على البروتوكول، وأثناء كل هذه الاتفاقيات، تم تفعيل العديد من البرامج التي تهم التغير المناخي نذكر منها برنامج اليونيسكو للتغيرات المناخية والحد من آثاره، إضافةً إلى اتفاقية التنوع البيولوجي الدولية، وبروتوكول مونتريال الذي تم التوقيع عليه سنة 1997 ودخل حيز التنفيذ سنة 1999، إلى أن وصلنا إلى اتفاقية باريس. المشاركون في الندوة 1- المهندس علي قاسم: مدير عام مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية. 2- د. أحمد مراد: القائم بأعمال عميد كلية العلوم في جامعة الإمارات. 3- د. مشكان العور: أمين عام جائزة زايد الدولية للبيئة. 4 -عبدالعزيز عبدالله المدفع: نائب رئيس مجموعة الإمارات للبيئة. 5- د. محمد مصطفى الملا: خبير موارد مائية في وزارة الطاقة. 6- المهندسة مشاعل عمران لحسوني: مدير إدارة الطاقة النظيفة والتغير المناخي بالوكالة- وزارة الطاقة. 7- عبير سجواني: مساعد مدير البيئة في مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني. 8- د. عيسى عبداللطيف: المستشار الفني لمؤسسة زايد الدولية للبيئة. 9- د. محمد عبدالحميد داود: مستشار الموارد المائية في هيئة البيئة بأبوظبي. 10- د. توفيق مزهر: أستاذ هندسة وإدارة النظم في معهد مصدر. 11- د. أسامة محمد سلام: من هيئة البيئة بأبوظبي. 12- أيمن حلاوة: مختص بيئي في بلدية دبي. توصيات الندوة توصل المشاركون في ندوة الإمارات والأجندة العالمية للتغير المناخي إلى عدد من التوصيات على النحو الآتي: 1- تضافر كافة الجهود وتوحيدها لفرملة التغير المناخي. 2- توعية مختلف شرائح المجتمع بضرورة ترشيد الاستهلاك. 3- تبني أنماط الحياة المستدامة في الممارسات اليومية للأفراد في المنزل والأسواق والأماكن العامة والتكثيف من جهود التوعية والتثقيف. 4- تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مشروعات تتكيف وتتأقلم مع التغير المناخي وتأخذ بعين الاعتبار التوجه نحو مشروعات نظيفة ومتجددة. 5- الاستفادة من تجارب الدول المتطورة في مجال التغير المناخي لجهة نقل المعرفة والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة المتاحة في الدولة. 6- التأكيد على دور الإعلام في خدمة القضايا البيئية والتركيز على استحداث إعلام تخصصي بيئي. 7- تفعيل الجهاز الرقابي على الأنشطة الصناعية التي من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي في البيئة وزيادة نسبة التلوث. 8- تطوير طرق إدارة النفايات من خلال وضع المعايير الخاصة بها لمواكبة التطور والتوسع الحضري والصناعي. 9- تطوير برامج البحث العلمي في مجال الأمن الغذائي. 10- تنشيط دور المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في مجال التوعية البيئية. التنمية المستدامة قالت مشاعل لحسوني: كان مفهوم الاستدامة دارجاً منذ فترة حكم الشيخ زايد طيب الله ثراه، حيث كان دوماً سباقاً باعتماد أفكار مبدعة لمواجهة تحديات تأمين مصادر مستدامة للطاقة والمياه والغذاء وتطبيق الحلول التي من شأنها الدفع قدماً بجهود تحقيق التنمية المستدامة.
مشاركة :